في السادس عشر من سبتمبر عام 1852، وعندما اجتاحت قوة الطبيعة الهائلة، عصفت الفزع والخراب في جزيرة لوزون الواقعة في الجزء الوسطى من الفلبين. كانت الساعة تشير إلى السادسة والنصف مساءً بالتوقيت المحلي عندما بدأت الأرض ترتعش بحدة، تاركة خلفها خرابًا ودمارًا في كل مكان. كانت الهزات الأرضية تُشعر بأثرها على متن سفينة كانت في عرض البحر عند 17 درجة و30 دقيقة شمالًا، و118 درجة و50 دقيقة شرقًا. في العاصمة مانيلا، ارتفعت البحر بشكل ملحوظ مع رياح خفيفة من اتجاه متغير، وبدأت المياه تتلألأ بشكل قوي. تقرير الحاكم العام لفت الانتباه إلى أنه لحسن الحظ كانت المد خارجًا؛ لأنه لو كانت المد داخلًا لكانت المياه قد غمرت السهول المحيطة بالمدينة وتسببت في الكثير من المتاعب والمشاكل.
وفي هذا السياق، نجد أن الزلزال الذي وقع في هذا اليوم المشؤوم، بدأ بحركة اهتزازية خفيفة تحولت في غضون لحظات إلى ارتجاج شديد من الشمال إلى الجنوب، حيث وصلت قوته إلى حد يجعل الناس يخشون على حياتهم، فقد حركت الهزات الأرضية الجهاز المعياري بزاوية 31 درجة في تقريره الرسمي، وبعد تراجع العنف للحظة، جاء الارتجاج الرهيب وفي نفس الوقت حدثت اهتزازات من الشرق إلى الغرب بقوة مذهلة، حيث وصلت الزاوية إلى 43 درجة؛ وكانت مدة هذا الزلزال الرهيب دقيقة واحدة تمامًا. ولحسن الحظ، كانت حالة المد منخفضة في ذلك الوقت؛ لأنه لو كانت المد عالية ربما كانت مياه النهر قد غمرت الأراضي المنخفضة خارج المدينة وتسببت في حالة كارثية وأسفار عظيمة.
تلك اللحظات القاسية لم تكن دون عواقب، فقد تسببت في تدمير شديد بمنازل كثيرة، حيث تعرضت بيوت عديدة – تتراوح بين 101 إلى 1000 منزل – للدمار الشامل، مما أدى إلى خسائر مادية جسيمة بحوالي 5 إلى 24 مليون دولار أمريكي. وكانت التقارير تشير إلى وفاة عدد قليل نسبيًا من الأشخاص، حيث لقوا حتفهم ما بين شخص وخمسين شخصًا.
ولا يمكن نسيان وصف الفوضى والخراب الذي أحدثه هذا الزلزال الضخم، والذي بات يُعد من بين الظواهر الطبيعية التي لا تُنسى في تاريخ تلك البقعة من العالم، فقد كانت تلك اللحظات حقاً لحظات من الفزع والتي هزت عمق الذاكرة وعمق الأرض على حد سواء.