في خريف العام 1859، جاءت الشلالات الطبيعية بقوة لتهزّ شمال تشيلي، تاركةً وراءها أثراً مدمراً وسط المدن الساحلية. كان يوم الخامس من شهر أكتوبر من ذلك العام، وكانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهراً حينما هزت زلزال بلطف الأرض، مترافقةً بصوت مرعب استمر لمدة تقارب الأربع دقائق، ولم يتوقف الرعد البحري عن النبض بعد ذلك، حتى اليوم التاسع عشر من الشهر نفسه.
في منطقة كوبيابو، شعر السكان بالزلزال لمدة دقيقة ونصف تقريباً، لكن الأثر كان أكثر مما يمكن تصوره، فقد سبب الزلزال أضراراً جسيمة، ولم يقتصر التأثير على اليابسة فقط، بل تجلى أيضا في البحر، حيث انحسرت المياه عن الشاطئ مراراً وتكراراً، فانخفضت مستوياتها بنحو ستة أمتار (19 قدماً)، مكشوفة القاع لمسافة تصل إلى 150 متراً من علامة المنخفض المد. ولم تسلم السفن في الميناء من الأضرار، حيث تعرضت جميعها لأضرار مختلفة.
وفي يوم الحادي عشر من أكتوبر، أثيرت المياه في ميناء كالديرا مرة أخرى، وتعرضت السفن المرساة هناك لنفس التأثير الذي حدث على اليابسة. يبدو أن التقرير المتعلق بهذا التاريخ قد ارتكب خطأ، حيث أن التسجيلات الدقيقة تشير إلى أنه في الحادي عشر من أكتوبر لم يحدث سوى اهتزازين قصيرين جداً، لم يسفرا عن أي أضرار، في كوبيابو.
كانت تقارير المراقبة تشير إلى أن مستوى المياه انحسر بمقدار 14 قدماً تحت المستوى البحري الطبيعي في ميناء كالديرا، ثم عادت تتلاطم بقوة، متسببة بأضرار للقوارب في الميناء. وفي القرب من كوبيابو، وصل ارتفاع موجة البحر إلى 5.5 أمتار. كما أن المياه انحسرت بمقدار 5 أمتار في البداية، لتعود بعدها بموجة عالية بلغت 6-8 أمتار.
إن هذه الأحداث المأساوية لعام 1859 تظل عبر العصور تذكيراً بقوة الطبيعة وهشاشة البشر أمامها، فتركت خلفها دماراً جسيماً وعبرت عن مدى عظمة القوى الطبيعية التي لا يمكن للإنسان السيطرة عليها.