كيفية زراعة الأناناس: دليل شامل من الزراعة إلى الحصاد

زراعة الأناناس (Ananas comosus) من الزراعة الاستوائية التي تجمع بين الجمال الإنتاجي والقيمة الاقتصادية العالية. الأناناس هو فاكهة استوائية تنتمي إلى فصيلة البروميليات (Bromeliaceae)، وتتميز بمذاقها الحلو المنعش، وقيمتها الغذائية الغنية، وقدرتها على التكيف مع الظروف البيئية الصعبة نسبياً. تعتبر زراعة الأناناس مشروعاً زراعياً واعداً في العديد من المناطق ذات المناخ المناسب، كما أنها من المحاصيل التي يمكن زراعتها على نطاق صغير في الحدائق المنزلية أو على نطاق واسع في المزارع التجارية.

تتطلب زراعة الأناناس فهماً دقيقاً لمراحل النمو والاحتياجات البيئية للنبات، إلى جانب التخطيط الجيد لإدارة التربة، الري، التسميد، الحماية من الآفات، والحصاد في الوقت المناسب. يقدم هذا المقال دليلاً تفصيلياً لزراعة الأناناس، بدءاً من اختيار الصنف، مروراً بتحضير التربة والري، ووصولاً إلى مرحلة الحصاد والتخزين.

المناخ المناسب لزراعة الأناناس

الأناناس نبات استوائي ينمو بشكل مثالي في المناطق ذات المناخ الدافئ والرطب. يتطلب درجات حرارة تتراوح بين 20 إلى 30 درجة مئوية، ولا يتحمل الصقيع أو الانخفاض الشديد في درجات الحرارة. كما أنه يحتاج إلى كمية وفيرة من أشعة الشمس يومياً، لا تقل عن 6 ساعات.

الرطوبة النسبية المثلى لنمو الأناناس تتراوح بين 70% إلى 80%. ويمكن للأناناس التكيف مع الجفاف نسبياً، ولكنه لا يتحمل التربة المشبعة بالمياه. لذلك، يُفضل زراعته في المناطق التي تتلقى أمطاراً معتدلة أو في مزارع مزودة بنظام ري جيد.

التربة المناسبة لزراعة الأناناس

الأناناس لا يتطلب نوعاً معيناً من التربة، لكنه يفضل التربة الرملية الطينية الجيدة التصريف، وذات الحموضة المعتدلة إلى الحامضية (pH بين 4.5 إلى 6.5). التربة الثقيلة أو المشبعة بالمياه تؤدي إلى تعفن الجذور وموت النبات، لذلك يجب التأكد من وجود تصريف جيد لمياه الري أو الأمطار.

ينصح بتحليل التربة قبل الزراعة لتحديد مستويات المغذيات، واحتياجات التسميد الأولية. كما يُفضل إضافة المواد العضوية مثل السماد البلدي أو الكمبوست لتحسين بنية التربة واحتفاظها بالرطوبة.

تكاثر الأناناس

تُزرع الأناناس غالباً بطريقة التكاثر الخضري وليس عن طريق البذور، حيث أن التكاثر بالبذور بطيء وغير مجدٍ تجارياً. هناك ثلاث طرق رئيسية لتكاثر الأناناس:

1. زراعة التاج (القلنسوة)

وهي الطريقة الأكثر شيوعاً، حيث يُستخدم الجزء العلوي من ثمرة الأناناس (القلنسوة أو التاج الأخضر). يتم قطع التاج وفصل الأوراق السفلية لتعريض الساق، ثم يُترك ليجف لبضعة أيام لتجنب التعفن قبل زراعته.

2. المصاصات الجانبية

وهي البراعم التي تنمو عند قاعدة النبات الأم. تُفصل بعناية وتُزرع مباشرة في التربة، وتُعتبر هذه الطريقة أسرع في الإنتاج من زراعة التاج.

3. الفروع الهوائية (Slips)

تنمو أسفل الثمرة مباشرة، وتُستخدم أيضاً في التكاثر، وهي تعطي نتائج سريعة ومثمرة.

خطوات زراعة الأناناس

1. تحضير الأرض

• يتم تنظيف الأرض من الحشائش والنباتات الضارة.

• حراثة التربة مرتين إلى ثلاث مرات لتعزيز التهوية.

• إضافة السماد العضوي بكمية لا تقل عن 20 طن للهكتار.

• عمل خطوط أو مصاطب لتسهيل الري والتصريف.

2. زراعة العقل أو التاج

• يتم غرس التاج أو المصاصة بعمق 5 إلى 10 سم في التربة.

• المسافة المثالية بين النباتات تكون بين 30 إلى 50 سم، وبين الصفوف من 80 إلى 100 سم.

• يُفضل الزراعة في الصباح الباكر أو في وقت الغروب لتقليل الإجهاد الحراري على النبات.

جدول يوضح الفترات الزمنية والاحتياجات الأساسية لنمو الأناناس:

الري في زراعة الأناناس

يحتاج الأناناس إلى كميات معتدلة من المياه، حيث أن الإفراط في الري قد يسبب تعفن الجذور. يُفضل الري على فترات منتظمة بحسب الظروف المناخية. في المناطق الجافة، قد يُروى كل 5 إلى 7 أيام، بينما في المناطق ذات الأمطار المتكررة قد لا تكون هناك حاجة للري المنتظم.

ينصح بري النبات في الصباح الباكر لتقليل فقدان الرطوبة بالتبخر. يجب تجنب تجمع المياه حول قاعدة النبات.

التسميد

يتطلب الأناناس كميات كافية من العناصر الغذائية لنموه وإنتاج ثماره. التسميد يجب أن يكون متوازناً ويشمل النيتروجين (N)، الفوسفور (P)، والبوتاسيوم (K)، بالإضافة إلى العناصر الصغرى مثل الزنك والمنغنيز والمغنيسيوم.

برنامج تسميد نموذجي:

• مرحلة النمو الخضري: يتم إعطاء نيتروجين بنسبة عالية لتشجيع نمو الأوراق.

• مرحلة ما قبل الإزهار: تخفيض النيتروجين وزيادة البوتاسيوم لتحفيز التزهير.

• مرحلة التثمير: المحافظة على توازن العناصر لتطوير الثمرة.

يمكن استخدام الأسمدة العضوية والكمبوست كجزء من برنامج التسميد.

مكافحة الآفات والأمراض

الأناناس عموماً مقاوم لكثير من الأمراض، لكن يمكن أن يتعرض لبعض المشاكل الصحية منها:

• ذبول الفيوزاريوم: مرض فطري يسبب ذبول النبات. يُعالج باستخدام مبيدات فطرية.

• النيماتودا: ديدان دقيقة تصيب الجذور وتضعف النمو. تُعالج بالتعقيم الحراري أو الكيميائي للتربة.

• العفن القاعدي: يحدث بسبب ركود المياه. يمكن تفاديه بتحسين التصريف واستخدام مضادات فطرية.

ينصح بمراقبة النباتات بانتظام والقيام برش وقائي عند الحاجة.

تحفيز الإزهار

في الزراعة التجارية، يتم في بعض الأحيان تحفيز الإزهار باستخدام مواد هرمونية مثل الإيثيفون أو الأسيتيلي، والتي تسرع من مرحلة الإزهار لتقليل وقت الانتظار.

يتم الرش في الصباح على الأوراق الوسطى للنبات عندما يصل عمره إلى حوالي 12 شهراً أو عندما يصل طوله إلى 80 سم تقريباً.

الحصاد

يستغرق الأناناس حوالي 18 إلى 24 شهراً من الزراعة حتى الوصول إلى مرحلة النضج الكامل. علامات نضج الثمرة تشمل:

• تغيّر لون القشرة من الأخضر إلى الأصفر.

• رائحة عطرية واضحة.

• قوام الثمرة متماسك وغير طري بشكل زائد.

يُفضل الحصاد في الصباح الباكر للحفاظ على جودة الثمار، باستخدام سكين حاد لقطع الثمرة من قاعدة الساق.

تخزين الأناناس

الثمار الناضجة يمكن تخزينها في درجة حرارة تتراوح بين 7 إلى 10 درجات مئوية، مع رطوبة نسبية 85% إلى 90%. يمكن أن تحتفظ بجودتها لمدة تصل إلى أسبوعين في هذه الظروف.

عند التصدير، يتم تغليف الثمار بطريقة تحميها من الصدمات والرطوبة الزائدة. يمكن أيضاً معالجتها بمضادات فطرية لزيادة مدة التخزين.

إنتاجية الفدان من الأناناس

تعتمد إنتاجية الأناناس على نوع الصنف، طريقة الزراعة، التسميد، والظروف البيئية. في المتوسط، يمكن أن يتراوح إنتاج الفدان بين 15 إلى 25 طن من الثمار في الدورة الإنتاجية الواحدة.

يُذكر أن النباتات تنتج ثمرة واحدة فقط في المرة الواحدة، لكن يمكن استخدام المصاصات والفروع لإنتاج نباتات جديدة دون الحاجة إلى إعادة الزراعة من البداية.

الأصناف الشائعة من الأناناس

• Smooth Cayenne: صنف واسع الانتشار، يتميز بكثافة العصير والحلاوة العالية.

• Queen: حجمه أصغر وطعمه أكثر حلاوة، لكنه أقل مقاومة للأمراض.

• Red Spanish: مقاوم جيد للأمراض، لكنه يحتوي على ألياف أكثر.

• MD-2: صنف هجين تجاري ممتاز، ذو نكهة متوازنة وقدرة عالية على التخزين.

الفوائد الاقتصادية والتجارية لزراعة الأناناس

زراعة الأناناس تتيح فرصاً واعدة من حيث العائد المادي، خاصة في الأسواق التي تعتمد على التصدير. الفاكهة مطلوبة في الأسواق العالمية لكونها طازجة وعصيرية وتدخل في صناعة العصائر، الحلويات، المعلبات، والمنتجات الطبية.

كما أن زراعة الأناناس لا تتطلب عمالة مكثفة، ويمكن إدارتها بنجاح من قبل صغار المزارعين. وتعتبر خياراً مثالياً للمزارع العضوية والمنتجات الصديقة للبيئة، مما يزيد من قيمتها السوقية.

المراجع

• Bartholomew, D.P., Paull, R.E., & Rohrbach, K.G. (2003). The Pineapple: Botany, Production and Uses. CABI Publishing.

• Morton, J.F. (1987). Fruits of Warm Climates. Julia F. Morton.