في رحلة مشوقة عبر صفحات كتاب “رمادية” للكاتبة غادة رسول، يُعيد لنا هذا العمل اكتشاف مدينة موصل الجميلة، حيث يتلاقى جمال التاريخ والزمن مع تطورات الحاضر. إنها ليست مجرد سردية، بل تحفة أدبية تأخذنا بيدٍ ماهرة نحو أبعاد مختلفة من هذه المدينة التاريخية.
تبدأ رحلتنا في هذا الكتاب بوصف شامل لموصل، حيث يظهر الزمن على واجهتها، وتظهر تفاصيل الحياة فيها بأسلوب ساحر ومؤثر. تجعلنا كلمات غادة رسول نشعر بتلاشي الماضي وتأثيراته الجميلة والمؤلمة على هذه المدينة العريقة. تتألق البنايات التي كبرت مع موصل، معبرة عن مرور الزمن بسماتها وتجاعيد واجهاتها، تروي قصص الأمس واليوم بأسلوب ملموس.
في هذا الكتاب، يكون للشوارع والأزقة حكاياتها الخاصة، حيث تتغير ملامحها مع مرور الأعوام، وتأخذنا في رحلة عبر الزمن لنشاهد كيف تغيرت وجوه موصل، وكيف أصبحت تعكس روح الماضي والحاضر في آن واحد.
وفي هذا السياق، يظهر الطفل كخيوط الذهب في سجل زمني طويل، يصف صوته بلهجة الدجلة، يعكس حياة المواطن البسيط وكيفية تأثير الزمن والتحولات على حياته. يتجسد صوته كسعال الشيخ المسن، يحمل في طياته لغة الأجداد ويعكس تقاليد المدينة.
تتلاشى آثار الصدأ في هذا الكتاب، مع تفتح زهور الربيع التي لا تموت أبدًا داخل مدينة موصل. الكلمات التي نثرتها غادة رسول تعكس هذا الربيع الدائم في روح المدينة، حيث يبقى الأمل والجمال حيًّا حتى في وجه تحديات الحاضر.
تأتي هذه الكلمات كتحية لمدينة موصل العريقة، وفي الوقت نفسه، تشكل قصة صدق ومحبة صديق رسول الذي يراقب تلك التحولات ويسجلها بكل صدق وجمال. وفي النهاية، يبقى هذا الكتاب – الذي نشرته دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 – تحفة أدبية تترك في قلوب القراء أثرًا عميقًا وتعزز قيمة الأدب والخيال في مكتبة الأدب العربي.