رسالة إلى خالتي
خالتي العزيزة،
بدايةً، أود أن أبدأ رسالتي هذه بكلمات من القلب أكتبها إليك بصدق وحب، لأنكِ كانت ولا تزالين جزءًا مهمًا من حياتي. لا أستطيع التعبير بالكلمات عن مدى امتنانِي لكِ على كل لحظة قضيناها معًا، على العناية التي قدمتها لي وعلى الدعم الذي لا يعد ولا يحصى. لا شك أن كلماتنا تعجز أحيانًا عن الوفاء بما في القلب، ولكنني حاولت في هذه الرسالة أن أعبّر عن كل شيء بدقةٍ أكبر وأعمق.
منذ أن كنت صغيرة وأنا أعتبركِ مصدرًا للإلهام والعطف، وأنتِ التي كنتِ تزرعين فيَّ بذور الأمل والصبر. كانت ابتسامتكِ دائمًا أكثر من مجرد ابتسامة، بل كانت رسالة مليئة بالسلام والاطمئنان. كنتِ دائمًا هناك، في كل لحظة من حياتي، تقدمين لي النصائح والمشورات التي كانت تتسم بالحكمة والمعرفة العميقة.
خالتي، لقد مرَّت السنوات وأنا أرى كيف أنَّكِ كنتِ دائمًا في خدمة من حولك، دون أن تطلبي شيئًا في المقابل، وبذلك كنتِ تلهمينني يومًا بعد يوم. كنتِ تقولين لي دائمًا: “افعلوا الخير دون انتظار المقابل”، وهذه المقولة التي كنتِ ترددينها كثيرًا أصبحت مبدئي في الحياة. تعلمت منكِ كيف يمكن أن يكون المرء محبًا ومتفانيًا، وكيف يمكن للحب أن يكون الهدية الأعظم التي يمكن أن نقدمها لمن حولنا.
لا أستطيع أن أنسى اللحظات التي قضيناها معًا في العائلة، تلك الأوقات التي كانت مليئة بالضحك والمشاعر الدافئة. كنتِ دائمًا الراعية لكل تجمع عائلي، تتحملين مسؤولية جعل الأجواء مريحة ومليئة بالحب. كل حديث لكِ كان يمثل درسًا قيمًا، وكل نصيحة كانت بمثابة نقطة تحول في حياتي. كنتِ تدركين كيف تتعاملين مع كل فرد من أفراد العائلة بشكل مختلف، وكيف تقدمين الدعم لكل شخص بما يتناسب مع حالته النفسية والعملية.
خالتي العزيزة، لا يمكن أن أغفل عن دورك الكبير في تطوير شخصيتي. كنتِ دائمًا تثقين فيَّ حتى عندما كنتُ أشك في قدرتي على النجاح. كنتِ تلك الحافز الذي دفعني للذهاب إلى أبعد الحدود وتحقيق ما كان يبدو مستحيلاً. كنتِ تُخبرينني أنني أستطيع تحقيق كل شيء إذا وضعتُ ثقتي بنفسي وواصلت السعي وراء أهدافي. لقد كنتِ دائمًا أصدق من يسمعني، وأكثر من يوجهني نحو الطريق الصحيح. كلامكِ كان بمثابة إشراقة في حياة مظلمة، كنتِ تقولين لي: “كل شيء يأتي في وقته، لا تستعجلي النجاح، وكوني صبورة مع نفسك”.
مما لا شك فيه أن الوقت الذي أمضيته برفقتكِ كان من أروع فترات حياتي. لا أزال أتذكر الأيام التي كنتِ تُحدثينني فيها عن تجاربكِ الشخصية، عن حياتكِ، عن لحظاتكِ السعيدة والمُحزنة، عن كيف كنتِ تتعاملين مع تحديات الحياة. تلك القصص التي كان يحيط بها الكثير من الحكمة، جعلتني أدرك كيف يمكن للإنسان أن يتجاوز كل الصعاب إذا تمسك بالأمل والإرادة.
أنتِ مثال حي على القوة الداخلية والقدرة على العطاء بلا حدود. كان لديكِ دائمًا القدرة على التكيف مع كل الظروف، وعلى التفاعل مع كل ما يواجهكِ بروحٍ إيجابية. ما كنتِ تقدمينه لنا جميعًا من حب ورعاية، جعلنا نعيش حياة مليئة بالأمل والتفاؤل، حتى في أصعب اللحظات. حتى في الأوقات التي كنا فيها نمر بظروف صعبة، كنتِ دومًا تزرعين فينا الشعور بأننا سنجتاز كل شيء، وأنه لا يوجد مستحيل في الحياة.
خالتي، أنني أود أن أقدم لكِ جزيل الشكر على كل شيء. على مواقفكِ الرائعة، وعلى حبكِ غير المشروط، وعلى تضحياتكِ العظيمة. كنتِ دائمًا تُعلّمينني كيف أكون إنسانًا صالحًا، كيف أحب دون شروط، وكيف أتعامل مع الحياة بحكمة ومرونة. رغم البعد الجغرافي الذي يفصل بيننا أحيانًا، إلا أن حضوركِ في حياتي دائمًا ما يكون ملموسًا، لأنكِ في القلب دوماً.
أنتِ جزء من كل لحظة جميلة في حياتي، وأنتِ مصدر من مصادر قوتي في هذه الحياة. أحيانًا أفكر في ما ستكون عليه حياتي دونكِ، فلا أستطيع إلا أن أبتسم لأنني متأكدة أن وجودكِ في حياتي قد أضاف إليها لونًا وجمالًا لا يعادلها شيء.
مع كل ما تقدمينه من حب وعطاء، يمكنني أن أقول إنكِ لستِ مجرد خالة بالنسبة لي، بل أنتِ أم ثانية وأخت وصديقة. مهما عبرت بالكلمات، فلا أعتقد أنها ستوفيكِ حقكِ، لأنكِ تستحقين أكثر من ذلك بكثير. أرجو أن تعلمي دائمًا أنني ممتنة لكِ على كل شيء، وأنكِ تظلين دائمًا في قلبي وعقلي.
أكتب هذه الرسالة وأنا أملأها بحب لا حدود له، وأتمنى لكِ دوام الصحة والسعادة، وأن يظل قلبكِ مليئًا بالسلام والطمأنينة. أنتِ دائمًا في دعواتي، وأتمنى أن تظل أيامكِ مليئة بالراحة والهناء.
أحترمكِ وأحبكِ كثيرًا، ولن أتوانى يومًا عن الإشادة بكل ما قدمته لي ولعائلتنا.
مع خالص تحياتي وتقديري،
ابنتك المحبة
