في غمرة الحرب العالمية الثانية، حيث يراوح العالم بين هول الصراعات وأجواء التوتر، تأتي رحلة مؤرخ الحروب العظيمة ميتشل زاكوف ليقدم لنا لوحة حية ومشوقة تروي الأحداث المثيرة والمأساوية في كتابه الرائع “مجمدون في الزمن” (Frozen in Time).
في هذا العمل الذي يعتبر بمثابة تحفة أدبية تجمع بين البحث التاريخي الدقيق والسرد الأدبي المتقن، يستعرض زاكوف قصة مثيرة للإعجاب تجمع بين مغامرة استكشافية ومأساة إنسانية. يقوم بفحص حادثتين منفصلتين، ولكنهما تشكلان جزءًا من نسيج واحد من التاريخ.
التركيز الأول يكمن في رحلة الطائرة الأمريكية “جرينلاند وليك”، التي اختفت في طيات الجليد القاري الهائل لجرينلاند خلال عام 1942 أثناء قاعدة الإنقاذ. زاكوف يقدم لنا تفاصيل دقيقة عن الرحلة، وكيف أن هذه الأحداث أسفرت عن قصة مأساوية لبقايا الطاقم الذي تجمدهم الزمن في تلك البيئة القاسية.
التركيز الثاني يتناول قصة الطائرة البريطانية “إستريلا” التي تحطمت في جبال الهيمالايا أثناء رحلة من الهند إلى الصين. زاكوف يقدم روحًا فنية في سرد الأحداث، حيث يركز على التفاصيل الإنسانية والصراعات الشخصية التي مر بها أفراد الطاقم البريطاني.
الكتاب ليس مجرد حكاية عن الكوارث الجوية، بل هو استكشاف عميق للنفس البشرية وكيف يتعامل الإنسان مع المصاعب في ظل الظروف القاسية. يشد الكاتب القارئ إلى عمق الرواية من خلال التركيز على الشخصيات وتفاصيلها البارزة.
لا يكف الكاتب عن استخدام البحث المتأني والمصادر الأرشيفية لتسليط الضوء على الجوانب الغير معروفة والمثيرة للدهشة من هاتين القصتين. يتنقل ببراعة بين الوقائع التاريخية والسرد السلس، ما يمنح القارئ تجربة فريدة وعميقة.
وبينما يُظهر الكاتب تقديره للأبطال المجهولين الذين تقطعت بهم السبل في هذه الظروف الصعبة، يتيح للقارئ أن يعيش تلك اللحظات ويشعر بالتحديات والأمل واليأس على حد سواء.
في النهاية، يظهر كتاب “مجمدون في الزمن” كعمل متكامل يقدم دروساً لا تنسى عن البقاء والصمود في وجه الصعاب. يتيح للقارئ الغوص في عمق التاريخ، ويجسد ببراعة الروح الإنسانية التي تستمر في التحدي والبقاء “مجمدة في الزمن”.