“خبز وأحلام” هو العمل الروائي الثاني لجوناثا سيلي، التي لفتت الأنظار إليها من خلال روايتها الأولى “مينا”، وقد نالت تقدير النقاد والجمهور على حد سواء. تمتاز رواية “خبز وأحلام” بخلفيتها التاريخية الغنية وبناء شخصياتها العميق، وتصويرها الحيوي لمشاهد من الحياة اليومية في منتصف القرن التاسع عشر. تعود سيلي في هذه الرواية إلى العالم الذي خلقته من خلال شخصية مينا بيغوت، الفتاة الأيرلندية التي لا تُنسى والتي تجد نفسها في رحلة بحث عن الحياة الجديدة في أمريكا.
تبدأ أحداث الرواية في عام 1848، حيث تصعد مينا على متن سفينة الشراع “فيكتوريا” متجهة إلى أمريكا. يُظهر السرد كيف أن الانتقال من الشراع إلى البخار يمثل تحولاً في وسائل النقل وكذلك في الحياة الشخصية لمينا التي فقدت والديها وتجد نفسها تحت حماية صديقها السيد سيرل. وصولهما إلى نيويورك يكشف عن عالم مليء بالفرص والمخاطر.
في نيويورك، يجد السيد سيرل عملاً كطاهٍ في أحد الفنادق المزدحمة، بينما تبدأ مينا حياتها الجديدة كبائعة، ثم تنتقل للعمل في مطبخ عائلة ثرية. هنا، تبرز مينا سريعًا كطاهية ماهرة، لكن الغموض يبدأ في التكاثف حول منزل ويسترفيلت، حيث تكتشف مينا سلسلة من الشؤون الخفية والأسرار القوية التي تلقي بظلالها على الجميع في المنزل. يتطور شعور مينا تجاه السيد سيرل بشكل تدريجي، مما يشير إلى تغيير في ديناميكيات علاقتهما.
“خبز وأحلام” ليست مجرد قصة عن الحب والطعام، بل هي أيضاً استكشاف لموضوعات الخسارة والجوع والأمل. تتشابك حياة مينا مع الأحداث التاريخية والتحولات الاجتماعية لتلك الفترة، مثل التحولات التكنولوجية والاجتماعية التي أثرت على نيويورك وأمريكا بشكل عام. من خلال شوارع نيويورك المضاءة بالغاز إلى الممرات المائية المزدحمة بالبضائع على قناة إيري، يتم رسم صورة حية لمدينة تكافح من أجل تحديد هويتها في عالم يتغير بسرعة.
إن الرواية تبرز مهارة سيلي في التعامل مع السرد التاريخي، حيث تُظهر تمكنها من التفاصيل التاريخية والوصف الحيوي، الذي أشادت به البوسطن غلوب في روايتها السابقة. القصة، المشبعة بالتفاصيل التاريخية والثقافية، تسلط الضوء على العقبات والتحديات التي تواجه المهاجرين، بالإضافة إلى روح الأمل التي تحملها شخصيات الرواية رغم الصعاب.
تقدم جوناثا سيلي في “خبز وأحلام” نافذة مميزة إلى القلب والروح الأمريكية من خلال عيون مينا بيغوت، التي تصبح دليلًا لا يُنسى في استكشاف تحديات وأحلام الحياة في أمريكا خلال تلك الفترة الانتقالية الهامة. تُعد الرواية شهادة على القدرة الفريدة للفرد على التغلب على التحديات الشخصية والاجتماعية، وتقديم الهدايا غير المتوقعة للحب والمسؤولية.