رحلة ماجالانز: أول دورة حول العالم

في إحدى لحظات التاريخ التي تعكس عبقرية الإنسان ورغبته الدائمة في استكشاف وفهم العالم من حوله، كانت الرحلات البحرية عبر الأطقس اللامعة والمحيطات الواسعة تحظى بأهمية خاصة. وفي سياق هذا الاستكشاف الجارف، كان البحارة البرتغالي فرناندو ماجالانز هو الشخص الذي قاد أول رحلة بحرية حول العالم.

عاش ماجالانز في القرن السادس عشر، ويعتبر من بين أعظم المستكشفين البحريين في التاريخ. في العام 1519، بدأ ماجالانز رحلته التاريخية بتوجيه طلب للعظماء البرتغاليين لدعم رحلة بحرية للبحث عن طريق بحري إلى جزر “البهاما” ومن ثم إلى البحار الشمالية الغربية. وبتأييد من الملك الإسباني، تم تزويد ماجالانز بخمس سفن صغيرة.

شهدت الرحلة مجموعة من التحديات الهائلة، من ضمنها المواجهة مع الظروف الجوية القاسية ونقص الموارد. وفي 1520، وبعد تجاوز مضيق ماجلان، الذي سُمي باسمه، اكتشفت البعثة المحيط الهادئ. وعلى الرغم من أن ماجالانز نفسه لم يكمل الرحلة بسبب وفاته في معركة في الفلبين عام 1521، استكمل القائد جوان سباستيان إلكانو الرحلة، ليصبح بذلك أول من أكمل دورة حول العالم في العام 1522.

تُعد هذه الرحلة إنجازًا كبيرًا في علم الملاحة والجغرافيا، حيث أثبتت إمكانية الإبحار حول العالم. وقد تسببت في انفتاح آفاق جديدة للتبادل الثقافي والتجاري بين القارات. يعتبر إنجاز ماجالانز وإلكانو رمزًا للتفاني والإصرار على استكشاف المجهول، ولا يزال تأثيرهما حاضرًا في تاريخ الإنسانية.

في العصور الوسطى، انطلق الإنسان في مغامرات استكشافية لا مثيل لها، تسعى إلى فهم أبعاد الأرض وتحديد حدودها. ومع ذلك، كانت إكمال دورة حول العالم لم يكن هدفًا سهلاً، بل كانت مهمة تتطلب شجاعة وثقة، فضلاً عن معرفة عميقة بعلم الملاحة والجغرافيا.

فرناندو ماجالانز، الذي اشتهر أيضاً باسم فيليبينو ماغيلان، وُلد في بورتو في البرتغال على ما يبدو حوالي عام 1480. يُعتبر ماجالانز واحدًا من أبرز مستكشفي العصور البحرية، وكانت رحلته حول العالم تجسيدًا لرغبته في البحث عن مسار بحري يربط بين المحيطات الهائلة.

في ربيع عام 1519، أبحرت البعثة التي قادها ماجالانز من سيفيلا في إسبانيا باتجاه الغرب. وكانت الرحلة تتألف من خمس سفن: “ترينيداد”، “سان أنطونيو”، “كونسيبسيون”، “سانتياغو” و “فيكتوريا”. توجهوا جنوبًا حول رأس الرأس الكبير في جنوب أمريكا، واستكملوا رحلتهم إلى المحيط الهادئ عبر مضيق ماجلان، الذي أطلق عليه اسمه.

مع مرور الوقت، تبدلت الظروف والمصاعب. خلال الرحلة، واجهت البعثة الجوانب القاسية للبيئة والصراعات المحتملة مع السكان المحليين. توفي ماجالانز في معركة في الفلبين في 27 أبريل 1521، لكن الرحلة استمرت تحت قيادة الكابتن جوان سباستيان إلكانو، الذي أكمل الدورة حول العالم في 8 سبتمبر 1522 على متن السفينة “فيكتوريا”.

تأثير هذه الرحلة على العالم كان هائلًا. فتحت المجالات للتبادل الثقافي والتجاري بين الشرق والغرب، وكشفت عن أبعاد جديدة للأرض. كما أسهمت في تطوير الفهم البحري وفتحت آفاقًا جديدة للاستكشاف والمعرفة الجغرافية. يظل إنجاز ماجالانز وإلكانو رمزًا للشجاعة والعزم في استكشاف المجهول وفتح أبواب الفهم للأجيال اللاحقة.