في قلب رواية “خمارة جبرا”، التي صاغها قلم الكاتب نبيل الملحم، نجد أنفسنا عالقين في عالمٍ ملتوي ومعقّد يحمل في طياته الكثير من الغموض والتناقضات. تنطلق أحداث القصة في وادي الغزال، حيث يخرج جاد الحق إلى الحياة بصورة غير مألوفة، حينما يتولد في لحظة قاسية على يد أمه التي تُقتل بلا رحمة في حقل لزراعة الحشيش. هكذا ينطلق جاد الحق في رحلة حياة غريبة ومعقّدة.
يتجسد الطابع الفريد للرواية في تصويرها الواقع الاجتماعي القاسي والبيئة القاسية التي ينشأ فيها جاد الحق. يتميز الكاتب بقدرته على رسم صور واقعية للحياة في وادي الغزال ودمشق، ما يضيف طابعًا تاريخيًا وجغرافيًا للرواية يثري القراءة ويأخذهم في رحلة عبر الزمن والمكان.
تتنوع الأحداث والشخصيات في “خمارة جبرا”، حيث يكون جاد الحق على مواجهة مستمرة مع تحديات الحياة وظروفها القاسية. ينمو جاد في قلب الحانات وبيوت ديلة زمرّدة، وهنا يكون للكاتب مهارة في تقديم تفاصيل حياة الشخصيات وتأثير البيئة المحيطة على شخصياتها.
تأخذ الرواية القارئ في رحلة عاطفية وفلسفية، حيث يتساءل جاد الحق عن معنى الحياة وغايتها في وجوده، ويحاول فهم مصدر هويته وأصله. يعكس هذا التفكير العميق جوانب النضال والبحث عن الذات التي تميز الكثير من الشخصيات الأدبية.
على صعيد التقنية الأدبية، يتألق نبيل الملحم في استخدام اللغة بشكل متقن، حيث يجمع بين السرد الشيق والوصف الدقيق، مما يخلق صورًا حية في عقول القراء. يجسد الكاتب تفاصيل الحياة ببراعة ويخلق جوًا يلامس الواقع ويشد الانتباه.
في الختام، تظهر رواية “خمارة جبرا” كعمل أدبي ملهم يتناول قضايا اجتماعية وإنسانية بعمق، مع تقديم رؤية فنية رائعة تترك أثرًا في نفوس القراء. تتجسد قيمة الكتاب في قدرته على إلهام القارئ وتشجيعه على التفكير في أبعاد الحياة وتعقيداتها.