في عملٍ أدبي مميز يحمل عنوان “كنت في البدء شجرة”، تأليف الكاتبة الراقية فاطمة الشيدي، تنقلنا إلى عوالم متنوعة تجسد حياةً أخرى مليئة بالتنوع والجمال. تمتد صفحات هذا الكتاب على مدى 143 صفحة، محمّلة بالمشاعر والتأملات التي تجسّدت في أسلوب لغوي فريد ينسج خيوط الخيال والواقع.
“فى حياة أخرى ماكنت أنا”، تبدأ الكاتبة رحلتها الأدبية بهذه الكلمات السحرية، تأخذنا في رحلة إلى ماضٍ بديل حيث كانت جزءًا من شجرة نخلة سامقة، نبتت بلا رغبة في صحراء متناهية الصمت. يستعرض الكتاب هذه الحياة النباتية الفريدة، حيث يُسلط الضوء على قوة النمو والتأثير الإيجابي الذي يمكن أن يمتد إلى الآفاق البعيدة.
تتخلل الكتاب صور ذهنية تعكس الجمال والتفرد، فقد كانت هذه النخلة توزع ظلها بسخاء على حبات الرمال، كما لو كانت سفيرًا للحياة والإيجابية في منطقة جافة. هل كانت سمرة طيبة توقظ الحنين في ليل السمار، أم سدرة تغتسل بعشقها النساء؟ هذه التساؤلات تثير فضول القارئ وتدفعه للانغماس في عوالم الكتاب.
الكتاب يستعرض أيضاً حياة أخرى حيث تكون زهرة ليلك عرض السمار، ويشد الانتباه إلى الروعة والسحر الذي تضيفه هذه الزهرة إلى ليل مظلم. يعيد الكتاب صياغة تلك الحياة البديلة بأسلوب يجمع بين الرومانسية والواقع، ما يجعله قطعة أدبية استثنائية.
صدر هذا العمل الأدبي الرائع في عام 2016 عن مؤسسة الانتشار العربي، وقد استحوذ على اهتمام القراء في فئة الأدب والخيال. الغلاف الورقي يعكس جمال الكتاب من الخارج، يرافق القارئ في رحلته إلى عوالم الخيال والتأمل.
بإجماله، يعتبر هذا الكتاب إضافة لافتة وفريدة إلى مكتبة الأدب العربي، حيث يتجلى فيه دمج متقن بين الجمال اللغوي والفلسفة العميقة، يعيدنا إلى تأملات حياة أخرى تنبت في قلب الصحراء وتنمو بأمجادها في صمت جذاب.