في رواية “الشتاء في ليشبونة” للكاتب أنطونيو مولينا، نجد أنفسنا مغمورين في عالم من العواطف والأحداث الفريدة، حيث يتقاطع الحنين إلى ليشبونة مع مقامرة الشخصيات في أنحاء مختلفة من العالم. يقدم لنا الكاتب رحلة فريدة من نوعها، محفورة بعمق في أرواح الشخصيات ومشاعرهم.
تبدأ الرواية بتأثر لوكريثيا بأداء سانتياغو بيرالبو على البيانو في مدينة سان سيباستيان، حيث تتحول حياتها بأكملها إلى موسيقى تصاحبها ذكريات اللحظات الجميلة والأحلام الضائعة. ومع ذلك، تفقد لوكريثيا نفسها في رحلة إلى برلين، تاركة وراءها الشواطئ الساحرة للعاصمة البرتغالية التي حلمت بها.
ينتظر بيرالبو لثلاث سنوات، معيشًا في انتظار اللحظة التي تعود فيها لوكريثيا، ويعيش خلال هذه الفترة من خلال تلقي وإرسال الرسائل. وعندما تعود أخيرًا من جنيف، تفقد لوكريثيا نفسها مجددًا، حيث تضيع في الطريق إلى ليشبونة.
التنقل بين جنيف وبرلين وليشبونة يعكس تشعبات الحياة وتعقيدات العلاقات الإنسانية. يُظهر مولينا ببراعة كيف يمكن للأحلام والاختيارات الشخصية أن تؤثر بشكل كبير على مسار الحياة، وكيف يمكن للأماكن أن تصبح رموزًا للأمل أو الفقدان.
الرواية، بصفحاتها الـ240، تنقل القارئ إلى عوالم متوازية حيث يتمازج الجمال بالحزن، والحب بالفقدان. تأتينا بأسلوب سردي يتسم بالغموض والعمق، حيث يُبرز مولينا مهارته في توفير لحظات فنية تترك أثرًا عميقًا في قلوب القراء. إن “الشتاء في ليشبونة” تحفة أدبية تتجاوز حدود الزمان والمكان، تترك للقارئ تأملات مستمرة في رحلة الحياة ومتاهاتها المعقدة.