“فرح بهلوي”، عنوان يشير إلى عالمٍ أدبي ينطوي على الكثير من المشاعر والتجارب الإنسانية التي شهدتها طهران في صباح يناير عام 1979. يُعَدّ هذا الكتاب مرآةً تعكس الوقائع الصادمة واللحظات الفارقة التي عاشها الكاتب فرح بهلوى في تلك الفترة الحرجة من تاريخ إيران.
عندما يستحضر القارئ ذلك الصباح البارد، يشعر بموجةٍ من الحزن والأسى تتسلل إلى أعماقه. الوصف العميق والمتقن الذي نقله بهلوى حيال الأحداث ينقل القارئ إلى عالمٍ آخر، حيث يشعر بأنه يعيش مع الشخصيات ويشهد الأحداث على وقع الكلمات الراقية والصادقة.
تتنوع الأحداث في الكتاب، حيث يتبع القارئ رحلة مؤلمة ومثيرة في طهران، ويعايش تفاصيل الهجوم الضاري الذي ألم بالمدينة لشهور طويلة. الصمت المتوتر الذي يُسَيطر على المدينة يعكس حالة الاستنفار والتوتر الذي كان يخيم على الجميع. يظهر أن العاصمة كانت تُعدّ نفسها للحظة مصيرية، وكأنها تتوقع الأحداث الكارثية التي ستلوح في الأفق.
في اليوم السادس عشر من الشهر، يتسارع البوح العاطفي لبطل الرواية، ويشير إلى استعدادهم لمغادرة بلدهم. يظهر هنا التركيز على مفارقة الرحيل، حيث يعتبرونه خيارًا ضروريًا ولكنه في الوقت نفسه يشكل وداعًا مؤلمًا للأماكن والذكريات التي شهدوها.
على صعيد البنية الأدبية، يبرز الكاتب ببراعة تصوير الأحداث والشخصيات، مما يضفي طابعًا فريدًا على الرواية. يمزج بهلوى بين السرد الشيق والوصف العميق، ما يجعل القارئ يعيش التجربة بكل تفاصيلها.
ومع 406 صفحات تحمل بين طياتها أحداثًا مشوقة ومؤثرة، يكون القارئ على موعد مع رحلةٍ أدبية تمزج بين الواقع والخيال، وتنقله إلى عوالم مختلفة عبر رؤية فرح بهلوى الفريدة. إصدار دار الشروق في عام 2010 يكمل المشهد الأدبي لهذا الكتاب، حيث يتسم بالتنسيق والتقديم المتقن.
“فرح بهلوي” يُعَدّ إضافة قيمة لفئة الأدب والخيال، وتحديدًا في فئة السير والذكريات، حيث يتناول ببراعة لحظات حاسمة في تاريخ إيران، ويترك أثراً عميقاً في نفوس القراء الباحثين عن تجارب أدبية تتسم بالعمق والإحساس.