كتاب “رجل في الظلال: داخل أزمة الشرق الأوسط مع رجل قاد الموساد” للمؤلف إفرائيم هليفي، هو كتاب يكشف الكثير من الأسرار والتفاصيل حول واحدة من أكثر وكالات الاستخبارات تأثيراً وقوة في العالم، الموساد الإسرائيلي. إفرائيم هليفي، الذي خدم في الموساد منذ عام 1961 وكان رئيساً له بين عامي 1998 و2002، يقدم لنا صورة غير مسبوقة عن أزمة الشرق الأوسط، من خلال تجربته الفريدة والملهمة.
من خلال عمله كموفد سري لرؤساء الوزراء الإسرائيليين إسحاق رابين، وإسحاق شامير، وبنيامين نتنياهو، وإيهود باراك، وأرييل شارون، كان هليفي شاهداً على العديد من المفاوضات رفيعة المستوى التي شكلت مسار الصراع من أجل السلام في المنطقة خلال فترة تصاعد خطر الإرهاب الإسلامي. يستفيد هليفي من وصوله الاستثنائي إلى قادة العالم ليكتب بصراحة عن عمل الموساد، وعن رؤساء الوزراء الذين خدم تحت إمرتهم، وكذلك عن اللاعبين الرئيسيين على الساحة الدولية مثل ياسر عرفات، وصدام حسين، وحافظ الأسد، ومعمر القذافي، وبيل كلينتون، وجورج بوش الأب، وجورج بوش الابن.
هليفي، من خلال رؤيته كرئيس لجهاز استخبارات ضخم، يصف بصراحة الصعوبات التي واجهها في إدارة وكالة استخبارات في وقت كانت فيه رؤساء الدول منغمسين بشكل غير مسبوق في استخدام الاستخبارات لحماية أممهم بينما يحاولون في نفس الوقت حماية أنفسهم سياسياً. الأهم من ذلك، يكتب هليفي بشراسة ودون تردد عن كيفية تحقيق السلام في وجه التهديد المتزايد من التنظيمات الإرهابية الإسلامية.
في هذا العرض الشيق للأحداث، يفتح هليفي ملفاته الشخصية على أحداث الماضي والحاضر: محاولة اغتيال خالد مشعل، زعيم حركة حماس الحالي، والمفاوضات المحيطة باتفاق السلام الإسرائيلي الأردني وأهميته لاستقرار المنطقة، وعلاقاته مع شخصيات في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مثل جيمس أنغلتون وجورج تينيت، وحتى مشاعره حيال استقالة تينيت المفاجئة. يروي الحقيقة حول ما كان يعرفه الموساد قبل أحداث 11 سبتمبر، ويكتب بصراحة عن تقييمه لتهديد انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة وما يعنيه ذلك لمستقبل الاستقرار الدولي والبقاء.
يتناول الكتاب أيضاً ازدياد ظهور وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط ويشارك هليفي بشكوكه حول تقرير لجنة 11 سبتمبر وخارطة الطريق للسلام في الشرق الأوسط التي تم الضغط من أجلها من قبل الحكومة الأمريكية على جميع أطراف النزاع. ينظر إلى الهجمات الإرهابية في مدريد ولندن وتأثيراتها البعيدة المدى، ويصرح بما لا يمكن تصوره: لم نر بعد أسوأ ما يمكن أن يقوم به الإرهابيون الإسلاميون المتطرفون.
بالتأكيد سيكون هذا الكتاب من أكثر الكتب المثيرة للجدل خلال العام، فهو يقدم حساباً قوياً وذكياً لأولئك الذين يرغبون في الاستماع إلى رجل كان له تأثيره، في الظل، لإنقاذ الشرق الأوسط والعالم من دورة لا تنتهي من العنف والدمار. الكتاب ليس مجرد سرد للتاريخ أو تجميع للذكريات، بل هو تحليل عميق لمجريات الأحداث وما يمكن أن يحمله المستقبل بناءً على الخبرة والتجربة الفريدة التي عاشها هليفي.
النظرة الداخلية التي يقدمها هليفي تجعل من هذا الكتاب مرجعاً مهماً لفهم تعقيدات السياسة الدولية والأدوار التي لعبتها وكالات الاستخبارات في تشكيل التاريخ الحديث. إن التحليل الذي يقدمه هليفي حول التحديات التي تواجه الاستخبارات في عالم متغير وملئ بالتهديدات الإرهابية يعكس فهماً عميقاً لطبيعة الصراع وأهمية التعاون الدولي في مواجهة هذه التحديات.
هليفي يكشف أيضاً عن الجانب الإنساني في عمل الاستخبارات، موضحاً كيف أن القرارات الصعبة التي يجب اتخاذها في الظل لها تأثيرات بعيدة المدى على حياة الناس والدول. من خلال هذا الكتاب، يحصل القارئ على فهم أعمق لأهمية المعلومات الاستخباراتية في السياسة العالمية وكيفية استخدامها في السعي لتحقيق السلام والأمن في عالم مضطرب.