“ديك تشيني: رئيس أمريكا الفعلي” هو عمل استثنائي من تأليف جون نيكولز يستحق الاهتمام والقراءة، إذ يقدم نظرة عميقة وشاملة عن شخصية تشيني ودوره الفاعل في الساحة السياسية الأمريكية. يُظهر الكتاب كيف كان تشيني يمارس سلطته بتأثير ملحوظ خلف الستار، ويكشف عن دوافعه ورؤيته للسياسة والقوة.
تشيني، الذي كان يعرف بشغفه بالبقاء في الظل وراء الكواليس، كان يتحلى بسيرة ذاتية مليئة بالإنجازات والتجارب المتعددة، التي تجاوزت حدود الرئاسة التقليدية. فقد عمل كمساعد لثلاثة رؤساء، وكان من بين أصغر رؤساء أقسام البيت الأبيض في تاريخ أمريكا، بالإضافة إلى أنه كان ثاني أقوى عضو في حزبه في مجلس النواب. ولم يكتف تشيني بالعمل السياسي فقط، بل امتدت نشاطاته إلى المجال التجاري حيث شغل مناصب وزارية وتنفيذية في شركات ذات ارتباطات سياسية.
ومع ذلك، فإن نقطة القوة الحقيقية لتشيني كانت في توجيه سياسات البلاد نحو الحرب وتغيير ديناميات السلام بعد نهاية الحرب الباردة. فقد قام بتحويل أرباح السلام إلى مجمع عسكري صناعي، واستبدال سياسة الاحتواء بسياسة الحرب الاستباقية ونظام شرطي عالمي. كما وضع تشيني الأسس لفكرة “التعاقد مع أمريكا”، التي قد تغير بشكل جذري السياسات الداخلية للبلاد.
ومع هذه الإنجازات، فإن تشيني كان مثار جدل كبير، حيث اتهمه البعض بولاءه للشخصيات غير المستحقة والسياسيين الذين لم يظهروا أي إنجازات، بالإضافة إلى تورطه في أزمات سياسية واتهامات بالتقصير والخيانة. لكنه كان دائماً يتجنب المصير السياسي السلبي، ويدير حملاته الرئاسية ببراعة لتجنب الهزائم.
باختصار، يعتبر كتاب “ديك تشيني: رئيس أمريكا الفعلي” من القطع النادرة التي تقدم نظرة شاملة وموثقة عن حياة ومسار تشيني السياسي، ويشكل مصدراً غنياً بالمعلومات لكل من يهتم بالشؤون السياسية والتاريخ الحديث للولايات المتحدة الأمريكية.