دول الكومنولث البريطانية 2024

دول الكومنولث البريطانية: التاريخ، العضوية، الأهداف، والتحولات السياسية

تمثل رابطة الكومنولث البريطانية (Commonwealth of Nations) أحد أكثر الكيانات السياسية والاجتماعية والثقافية تميزًا في التاريخ الحديث، حيث تضم في عضويتها عشرات الدول المستقلة التي ارتبطت تاريخيًا بالإمبراطورية البريطانية. وعلى الرغم من استقلال هذه الدول سياسيًا، إلا أن الرابطة استمرت كجسر تعاوني اختياري بين الدول التي تشترك في قيم تاريخية وثقافية، وأهداف اقتصادية وتنموية متعددة الأطياف.

تشمل دول الكومنولث طيفًا واسعًا من الأمم المنتشرة في القارات الست، وتغطي مساحة شاسعة من العالم، وتتنوع في خصائصها الديموغرافية واللغوية والدينية والثقافية والاقتصادية، إلا أن الرابط المشترك بينها يتمثل في الالتزام بقيم الديمقراطية، وسيادة القانون، والتنمية المستدامة، وحقوق الإنسان، وهي المبادئ التي تم ترسيخها في إعلان سنغافورة عام 1971 وميثاق الكومنولث.

النشأة التاريخية للكومنولث البريطاني

تعود جذور الكومنولث إلى نهاية القرن التاسع عشر، حيث ظهرت الحاجة إلى إيجاد صيغة تعاونية بين المملكة المتحدة ومستعمراتها السابقة التي أصبحت تتمتع بقدر من الحكم الذاتي.

في عام 1926، جاء “إعلان بلفور” الذي أقر بمساواة المستعمرات البريطانية المستقلة مع المملكة المتحدة في الوضع والسيادة، وهو ما مهد لتأسيس الكومنولث البريطاني بشكل رسمي عام 1931 بموجب “قانون وستمنستر”، الذي منح السيادة الكاملة للدومينيونات البريطانية.

ومع تسارع موجة الاستقلال الوطني خلال منتصف القرن العشرين، بدأت دول عديدة في الانضمام إلى الرابطة بعد استقلالها، لكنها احتفظت بعضويتها في الكومنولث تأكيدًا على استمرارية الروابط التاريخية والثقافية مع المملكة المتحدة، لا سيما الدول الإفريقية والكاريبية وجنوب آسيا.

المبادئ الأساسية لرابطة الكومنولث

تقوم رابطة الكومنولث على مجموعة من المبادئ التي تنظم العلاقات بين الدول الأعضاء، ومن أبرز هذه المبادئ:

• الاستقلال والسيادة: لا تفرض الرابطة وصاية على أعضائها، وجميع الدول فيها ذات سيادة كاملة.

• التعاون الاقتصادي والثقافي: تسعى الدول إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل الثقافي والعلمي.

• الديمقراطية وحقوق الإنسان: التزام جماعي بتعزيز الحكم الرشيد، وحرية التعبير، والمساواة بين المواطنين.

• التنمية المستدامة: دعم البرامج التي تسهم في الحد من الفقر، وتحسين البيئة، وتحقيق التنمية الاجتماعية.

• حل النزاعات بالطرق السلمية: تشجع الرابطة على استخدام الدبلوماسية والحوار في تسوية النزاعات بين الأعضاء.

قائمة دول الكومنولث البريطانية

حتى عام 2025، بلغ عدد الدول الأعضاء في رابطة الكومنولث 56 دولة مستقلة، موزعة جغرافيًا كما يلي:

الدول الأعضاء في إفريقيا:

1. نيجيريا

2. جنوب إفريقيا

3. كينيا

4. أوغندا

5. تنزانيا

6. غانا

7. زامبيا

8. زيمبابوي (أعيد قبولها في 2022)

9. بوتسوانا

10. ملاوي

11. ناميبيا

12. موريشيوس

13. ليسوتو

14. إسواتيني

15. سيراليون

16. غامبيا

17. رواندا

18. الكاميرون

19. موزمبيق

20. غابون

21. توغو

الدول الأعضاء في آسيا:

1. الهند

2. باكستان

3. بنغلاديش

4. سريلانكا

5. ماليزيا

6. سنغافورة

7. بروناي

8. المالديف

9. قبرص

الدول الأعضاء في أوروبا:

1. المملكة المتحدة

2. مالطا

الدول الأعضاء في الأمريكتين:

1. كندا

2. أنتيغوا وبربودا

3. جزر الباهاما

4. بربادوس

5. بليز

6. دومينيكا

7. غرينادا

8. جامايكا

9. سانت كيتس ونيفيس

10. سانت لوسيا

11. سانت فنسنت والغرينادين

12. ترينيداد وتوباغو

13. غيانا

الدول الأعضاء في أوقيانوسيا:

1. أستراليا

2. نيوزيلندا

3. بابوا غينيا الجديدة

4. فيجي

5. تونغا

6. ساموا

7. ناورو

8. كيريباتي

9. جزر سليمان

10. توفالو

ملاحظات حول العضوية

• بعض الدول، مثل موزمبيق ورواندا وغابون وتوغو، لم تكن مستعمرات بريطانية تاريخيًا، ولكنها انضمت إلى الكومنولث نظرًا للعلاقات الدبلوماسية والثقافية التي بنتها مع الدول الأعضاء، ما يعكس مرونة الرابطة في الانفتاح.

• العديد من دول الكومنولث اعتمدت اللغة الإنجليزية كلغة رسمية أو إدارية، ما يسهل التعاون المؤسسي والتعليم العالي.

• بعض الدول، مثل زيمبابوي، كانت قد انسحبت من الرابطة نتيجة انتقادات سياسية داخلية وخارجية، ثم أعيد قبولها بعد تنفيذ إصلاحات.

جدول تفصيلي لدول الكومنولث حسب المنطقة وعدد السكان (تقديرات 2024)

المصدر: World Bank Population Data (2024)

دور العائلة الملكية البريطانية في الكومنولث

تلعب العائلة الملكية البريطانية، وعلى رأسها العاهل البريطاني، دورًا رمزيًا في رابطة الكومنولث، حيث يُلقب ملك بريطانيا بـ”رأس الكومنولث” (Head of the Commonwealth). إلا أن هذا المنصب لا يتضمن سلطات سياسية فعلية، بل هو رمزي يعبر عن وحدة الرابطة.

منذ وفاة الملكة إليزابيث الثانية عام 2022، تولى الملك تشارلز الثالث هذا الدور الرمزي. وقد تعهد بمواصلة التزام العائلة الملكية ببناء جسور التعاون والسلام بين شعوب الكومنولث.

الهيكل التنظيمي للكومنولث

تتضمن البنية المؤسسية للرابطة عددًا من الهيئات والفعاليات المهمة:

• أمانة الكومنولث (Commonwealth Secretariat): المقر في لندن، وهي الجهاز الإداري الرئيسي للتنسيق بين الدول الأعضاء.

• قمة قادة حكومات الكومنولث (CHOGM): تعقد كل سنتين وتناقش قضايا التعاون السياسي والاقتصادي.

• منتدى الشباب، ومنتدى المرأة، ومنتدى الأعمال: كيانات تفاعلية تساهم في تعزيز الشراكة المجتمعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

• محكمة الكومنولث ومجلس وزراء الخارجية: تهدف إلى مراقبة الامتثال للمبادئ وتقديم الدعم التقني والقانوني للدول الأعضاء.

الأبعاد الاقتصادية للكومنولث

تجمع الكومنولث دولًا ذات تنوع اقتصادي واسع، من الاقتصادات المتقدمة مثل كندا وأستراليا والمملكة المتحدة إلى الدول النامية مثل توغو وغامبيا. وتتميز الرابطة بتشجيع التجارة الحرة، وتبادل المعرفة التقنية، وتوفير فرص للاستثمار المشترك، من خلال برامج تنموية تديرها أمانة الكومنولث ومبادرات خاصة.

تشير التقديرات إلى أن التجارة بين دول الكومنولث تتسم بتكاليف أقل بنسبة 19% مقارنة بغيرها، نظرًا لتشابه الأطر القانونية، واستخدام اللغة الإنجليزية، والانفتاح التجاري المشترك.

التحديات والانتقادات

رغم الإنجازات التي حققتها الكومنولث في مجالات متعددة، إلا أنها لا تخلو من التحديات:

• ضعف النفوذ السياسي: البعض يرى أن الكومنولث يفتقر إلى آليات تنفيذية صارمة مقارنة بمنظمات دولية أخرى.

• الانتقادات لغياب التوازن: تُتهم الرابطة أحيانًا بخدمة المصالح البريطانية أكثر من كونها كيانًا متساويًا في الحقوق.

• انسحابات أو تجميدات: بعض الدول علّقت عضويتها أو انسحبت نتيجة خلافات حول حقوق الإنسان أو الحكم.

خاتمة تحليلية

رابطة الكومنولث ليست مجرد إرث استعماري تاريخي، بل تحولت إلى كيان دولي مرن يواكب التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العالم المعاصر. وبينما تواجه تحديات واقعية في إعادة تعريف دورها وتأثيرها، فإن التزامها بالتنمية والسلام والديمقراطية يجعلها منصة دولية فريدة من نوعها، تمثل قوة ناعمة في عالم تزداد فيه الحاجة إلى التعاون متعدد الأطراف.

المراجع:

1. Commonwealth Secretariat. (2024). The Commonwealth: Who We Are. Retrieved from: https://thecommonwealth.org

2. World Bank Data. (2024). Population Estimates & Economic Indicators.