متى يجب الغسل على المرأة
الغُسل من الطهارات العظيمة في الشريعة الإسلامية، وهو عبادة تتعلق بطهارة البدن، تُوجبها بعض الأحوال التي تمر بها المرأة سواء بسبب الوظيفة البيولوجية لجسدها أو لمقتضيات العبادة، كالطهارة من الحيض أو النفاس، أو الجنابة. والمرأة في فقه الطهارة لها أحكام خاصة تتعلق بالغسل تُميزها عن الرجل في بعض الحالات. وقد بيّن الفقهاء هذه الأحكام استنادًا إلى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع العلماء.
يهدف هذا المقال إلى تقديم عرض علمي تفصيلي لجميع الحالات التي يجب فيها الغُسل على المرأة، مع توضيح الأحكام الفقهية المتعلقة بها، استنادًا إلى المذاهب الفقهية المعتمدة وآراء العلماء، وتقديم معلومات طبية مبسطة تعين على فهم العلاقة بين هذه الحالات والتغيّرات الجسدية.
أولاً: الغُسل من الحيض
مفهوم الحيض
الحيض هو دم طبيعي يخرج من رحم المرأة في أيام معلومة من كل شهر، وهو دليل على بلوغ المرأة ونضج جهازها التناسلي. وقد جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى:
“وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى” [البقرة: 222].
وتدل هذه الآية على أن الحيض أذًى يقتضي الابتعاد عن الصلاة والصيام، ويُمنع فيه الجماع، وتُصبح فيه المرأة محدثة حدثًا أكبر لا يجوز لها مباشرة العبادات إلا بعد الغسل.
متى يجب الغُسل بعد الحيض؟
يجب الغُسل على المرأة إذا انقطع دم الحيض، ولا يُشترط عدد معين من الأيام، فقد تحيض المرأة يومًا أو يومين أو أكثر، المهم أن يتحقق الطهر بعلامته.
علامات الطهر من الحيض:
-
القَصَّة البيضاء: وهي سائل أبيض يخرج في نهاية الحيض عند كثير من النساء.
-
الجفاف التام: بأن تضع المرأة قطنة أو خرقة فلا يعلق بها أثر دم.
فإذا رأت المرأة إحدى هاتين العلامتين، وجب عليها الغسل لتعود إلى الصلاة وسائر العبادات.
ثانيًا: الغُسل من النفاس
ما هو النفاس؟
النفاس هو الدم الذي يخرج من رحم المرأة عقب الولادة، وهو يشارك الحيض في بعض الأحكام. وتُمنع المرأة في هذه الفترة من أداء العبادات كالصلاة والصيام، ويجب عليها الغُسل عند انقضاء النفاس.
متى يجب الغُسل بعد النفاس؟
-
يجب الغُسل عند انقطاع دم النفاس ولو قبل إتمام الأربعين يومًا.
-
أقصى مدة للنفاس عند جمهور الفقهاء: أربعون يومًا، فإن زاد على ذلك، فإما أن يكون استحاضة أو دمًا مرضيًا.
-
إن طهرت قبل الأربعين، لزمها الغُسل، والصلاة، والصيام إن كانت في رمضان.
ثالثًا: الغُسل من الجنابة
مفهوم الجنابة
الجنابة تُصيب المرأة والرجل على حدٍ سواء، وهي حالة من الحدث الأكبر بسبب العلاقة الزوجية أو خروج المني بشهوة. والجنابة توجب الغسل، ولا تجوز الصلاة ولا مس المصحف ولا الطواف إلا بعد التطهّر منها.
متى تُصاب المرأة بالجنابة؟
-
الجماع: حتى ولو لم يحصل إنزال.
لقول النبي ﷺ: “إذا جلس بين شعبها الأربع، ثم جهدها فقد وجب الغسل” [رواه مسلم].
-
نزول المني بشهوة: سواء في اليقظة أو أثناء النوم (الاحتلام).
-
بشرط أن يُصاحب الإنزال لذة أو شعور بالشهوة.
-
أما إذا خرج بدون شهوة (بسبب مرض أو حمل ثقيل)، فلا يُوجب الغُسل.
-
هل الغسل يجب على المرأة إذا احتلمت؟
نعم، إذا رأت أثر المني بعد الاستيقاظ من النوم، وجب عليها الغسل.
وقد سألت أم سليم النبي ﷺ عن المرأة ترى في منامها ما يراه الرجل؟ فقال: “نعم، إذا رأت الماء فلتغتسل” [رواه البخاري].
رابعًا: الغُسل من الإسلام (غُسل الإسلام)
متى يجب الغُسل على المرأة إذا أسلمت؟
-
إذا كانت كافرة وأسلمت، وجب عليها الغُسل.
-
جاء في الحديث: “ثم أمرها النبي ﷺ أن تغتسل وتتطهر” [رواه أحمد وأبو داود].
ويُستحب للمسلمة الجديدة أن تغتسل بعد نطق الشهادتين مباشرة، وإن كانت طاهرة من حيض أو نفاس.
خامسًا: الغُسل من الموت (غُسل الميت)
هل يُغسل جسد المرأة بعد موتها؟
نعم، ويُعد الغُسل هنا فرض كفاية على المسلمين القادرين. ويجب أن تقوم بتغسيلها امرأة مسلمة ثقة، أو زوجها.
كيفية غسل المرأة الميتة
-
يُراعى ستر عورتها.
-
يُبدأ بغسل الأعضاء بالترتيب كما في الوضوء.
-
يُغسل الرأس ويُمشط شعرها.
-
يُغسل سائر الجسد ثلاث مرات على الأقل، ويُزاد عند الحاجة.
