دور المشيمة ووظائفها الحيوية

المشيمة هي عضو مؤقت يتكون في جسم المرأة أثناء الحمل، وهي أحد الأعضاء الأساسية التي تساعد في نقل العناصر الغذائية والأوكسجين من الأم إلى الجنين، كما أنها تلعب دورًا محوريًا في التخلص من الفضلات الناتجة عن عمليات التمثيل الغذائي للجنين. كما تعتبر المشيمة جزءًا لا يتجزأ من عملية النمو والتطور السليم للجنين. سنعرض في هذا المقال معلومات مفصلة حول المشيمة، وظائفها، تركيبها، وأهميتها خلال فترة الحمل.

تعريف المشيمة

المشيمة هي عضو مؤقت ينمو في الرحم أثناء الحمل ويعمل كحلقة وصل بين الأم وجنينها. تتكون المشيمة من نسيج متخصص يتمتع بقدرة على نقل المواد الغذائية، الأوكسجين، والهرمونات من دم الأم إلى دم الجنين. في الوقت ذاته، تعمل المشيمة على التخلص من الفضلات التي ينتجها الجنين، مثل ثاني أكسيد الكربون واليوريا، من خلال دم الأم.

تركيب المشيمة

تتميز المشيمة بتركيب معقد للغاية يسمح لها بالقيام بوظائفها المتعددة. تتكون المشيمة من جزئين رئيسيين: الجزء الذي يرتبط بجدار الرحم، والذي يُعرف بالجزء الأمومي، والجزء الذي يلامس الجنين، والذي يُعرف بالجزء الجيني.

1. الجزء الأمومي (الجزء المتصل بالرحم):
   هذا الجزء من المشيمة يتصل مباشرة بجدار الرحم عن طريق ما يُسمى بالأوعية الدموية التي تتداخل مع الأوعية الدموية للأم، مما يسمح بتبادل المواد بين الأم والجنين. كما يحتوي الجزء الأمومي على نسيج يسمى “الأغشية المشيمية” التي تساعد في حماية الجنين وتوفير الدعم الهيكلي.

2. الجزء الجيني (الجزء المتصل بالجنين):
   الجزء الجيني من المشيمة يحتوي على الأوعية الدموية التي تتواصل مع الأوعية الدموية للجنين عبر الحبل السري. هذا الجزء يلعب دورًا حيويًا في ضمان وصول الأوكسجين والمواد الغذائية للجنين وتوزيعها في جميع أنحاء جسمه. كما يُعتبر الحبل السري الذي يربط الجنين بالمشيمة وسيلة أساسية لنقل هذه المواد بين الأم والجنين.

وظائف المشيمة

تؤدي المشيمة العديد من الوظائف الحيوية التي تساهم في تطور الحمل بشكل صحي. فيما يلي أهم وظائف المشيمة:

1. نقل الأوكسجين والمواد الغذائية:
   المشيمة تعمل كوسيلة لنقل الأوكسجين والمواد الغذائية الأساسية من دم الأم إلى الجنين. يتم نقل هذه المواد عبر الأوعية الدموية الصغيرة الموجودة في المشيمة، حيث تدخل إلى دم الجنين عبر الحبل السري. هذا يشمل الأحماض الأمينية، الفيتامينات، والمعادن التي تساهم في نمو الجنين بشكل صحي.

2. التخلص من الفضلات:
   في الوقت نفسه، تعمل المشيمة على نقل الفضلات الناتجة عن التمثيل الغذائي للجنين، مثل ثاني أكسيد الكربون واليوريا، من دم الجنين إلى دم الأم ليتم التخلص منها عبر الجهاز البولي للأم.

3. إنتاج الهرمونات:
   تعتبر المشيمة مصدرًا رئيسيًا لبعض الهرمونات الحيوية التي تساهم في الحفاظ على الحمل. من بين هذه الهرمونات هرمون “البروجستيرون” و “الاستروجين”، اللذان يلعبان دورًا مهمًا في تقوية الرحم ودعم نمو الجنين. بالإضافة إلى ذلك، تقوم المشيمة بإفراز هرمون “HCG” (هرمون الحمل)، الذي يُستخدم في اختبارات الحمل.

4. حماية الجنين:
   تعمل المشيمة كدرع واقٍ للجنين ضد العديد من الملوثات والأمراض، إذ تمنع دخول بعض البكتيريا والفيروسات إلى دم الجنين. كما تلعب دورًا في تقليل احتمالية التعرض للأجسام الغريبة التي قد تؤثر سلبًا على الجنين. رغم ذلك، لا تمنع المشيمة جميع أنواع العدوى أو المواد الضارة مثل بعض السموم والمخدرات.

5. تنظيم درجة الحرارة:
   تعمل المشيمة أيضًا على الحفاظ على درجة حرارة الجنين ثابتة ومناسبة لنموه، مما يوفر له بيئة مستقرة وآمنة.

6. دعم نمو الأوعية الدموية:
   تدعم المشيمة تكوين الأوعية الدموية للجنين، مما يضمن تزويد الأنسجة المختلفة بالأوكسجين والمواد الغذائية. كما يساهم هذا في تحسين كفاءة الدورة الدموية للجنين.

تطور المشيمة خلال الحمل

تبدأ المشيمة في التكون بعد إخصاب البويضة. عند دخول البويضة المخصبة إلى الرحم، تنغرس في جدار الرحم وتبدأ الخلايا في الانقسام والنمو لتشكل الأنسجة المشيمية. مع تقدم الحمل، تصبح المشيمة أكثر تطورًا وأكثر قدرة على أداء وظائفها المتعددة.

• في الأسبوع السادس إلى الثامن، تبدأ المشيمة في التكوين بشكل جزئي، حيث تبدأ الأوعية الدموية في التكامل مع الأوعية الدموية للأم.

• في الأسبوع العاشر إلى الثاني عشر، تكون المشيمة قد تطورت بشكل كبير، حيث تظهر الأوعية الدموية الرئيسية وتتسع. تصبح المشيمة في هذه المرحلة قادرة على أداء وظائفها بشكل كامل.

مع تقدم الحمل، تستمر المشيمة في النمو، وتزداد حجمها بشكل تدريجي لتلبية احتياجات الجنين. بحلول الأسبوع العشرين من الحمل، تكون المشيمة قد نضجت تمامًا وتصل إلى حجمها المثالي. تظل المشيمة تعمل بكفاءة طوال فترة الحمل حتى اقتراب موعد الولادة.

اضطرابات المشيمة

رغم أن المشيمة تعمل عادة بكفاءة، إلا أن هناك بعض الاضطرابات التي قد تؤثر على عملها، وهذه الاضطرابات قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة لكل من الأم والجنين. من أبرز هذه الاضطرابات:

1. انفصال المشيمة المبكر:
   يحدث عندما تنفصل المشيمة عن جدار الرحم قبل وقت الولادة. قد يؤدي هذا إلى نزيف حاد وقد يهدد حياة الأم والجنين.

2. المشيمة المنزاحة:
   تحدث عندما تنمو المشيمة في الجزء السفلي من الرحم وتغطي عنق الرحم، مما قد يتسبب في نزيف أثناء الحمل أو الولادة المبكرة.

3. التسمم الحملي (Preeclampsia):
   هو اضطراب شائع يتسبب في ارتفاع ضغط الدم وتلف الأعضاء في الجسم، ويحدث بسبب مشاكل في المشيمة. يمكن أن يؤدي هذا إلى مضاعفات خطيرة مثل الولادة المبكرة أو فشل الأعضاء.

4. العدوى المشيمية:
   يمكن أن تصاب المشيمة بعدوى نتيجة للبكتيريا أو الفيروسات التي تنتقل إلى الأم، مما قد يؤثر على صحة الجنين.

5. القصور المشيمي:
   يحدث عندما تكون المشيمة غير قادرة على توفير كميات كافية من الأوكسجين والمواد الغذائية للجنين، مما يؤدي إلى نمو ضعيف أو تأخر في تطور الجنين.

الولادة والمشيمة

عند الولادة، يكون دور المشيمة قد انتهى بشكل أساسي. بعد أن يولد الجنين، يبدأ الجسم في دفع المشيمة خارج الرحم، وهي عملية تعرف بـ “خروج المشيمة”. يجب أن يتم إخراج المشيمة بالكامل لضمان عدم وجود أي جزء منها في الرحم، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى نزيف أو عدوى إذا لم تُزال بشكل صحيح.

أهمية الرعاية ما بعد الولادة

بعد الولادة، يتم فحص المشيمة بعناية من قبل الأطباء للتأكد من أنها تم إخراجها بالكامل. إذا كانت هناك أي مشكلة تتعلق بالمشيمة أو تأخير في إخراجها، قد يحتاج الأمر إلى تدخل طبي إضافي. بالإضافة إلى ذلك، يتم متابعة صحة الأم بعد الولادة لضمان عدم حدوث مضاعفات مرتبطة بالمشيمة مثل النزيف المستمر أو العدوى.

خاتمة

المشيمة هي عضو حيوي لا غنى عنه خلال فترة الحمل، فهي تؤدي وظائف متعددة تسهم في نمو الجنين بشكل سليم وحمايته من الأخطار. من خلال توفير العناصر الغذائية والأوكسجين والتخلص من الفضلات، بالإضافة إلى دورها في إفراز الهرمونات والحماية المناعية، تضمن المشيمة سير الحمل بشكل طبيعي. لكن في بعض الحالات، قد تتعرض المشيمة لبعض الاضطرابات التي تحتاج إلى مراقبة دقيقة وعلاج مناسب للحفاظ على صحة الأم والجنين.