تتمثل أرباح المنشأة التي تحتفظ بها في تمويلها الداخلي في أحد العوامل الرئيسية التي تميزها عن باقي مصادر التمويل ذات الأجل الطويل. يظهر هذا النوع من التمويل بوصفه مصدرًا داخليًا للتمويل، حيث يتم تحقيقه من خلال نتائج العمليات التشغيلية للمنشأة نفسها، دون الحاجة إلى الاعتماد على مصادر خارجية. وبنهاية كل عام مالي، تكون هناك إمكانية توزيع جزء من هذه الأرباح على المساهمين، بينما يمكن الاحتفاظ بالجزء الآخر داخل حسابات المنشأة لاستخدامه فيما بعد حسب الحاجة.
تتمثل مزايا الأرباح المحتجزة في أن تكلفتها نسبيًا منخفضة، إذ تُعَدُّ تكلفتها معقولة مقارنةً بتكلفة الفرصة البديلة للاستثمار في مشاريع أخرى. وفي بداية حياة المنشأة، قد لا تكون هذه الأرباح متاحة بشكل كبير، لكن مع مرور الوقت، يمكن أن تسهم في تحسين قاعدة رأس المال. كما أن الحصول على هذه الأرباح لا يتطلب إجراءات كثيرة أو تكاليف إضافية.
مع ذلك، يترافق استخدام الأرباح المحتجزة مع بعض العيوب. يتطلب توظيف هذه الأرباح زيادة في نفقات الاستخدام، حيث يتعين إصدار أسهم مجانية للمساهمين. كما أن هذه الأرباح لا توفر ضمانًا أو رهنًا لأصول المنشأة، وتصبح غير قابلة للاستخدام بشكل متكرر.
من الناحية القانونية، تلزم بعض التشريعات المنشآت بالاحتفاظ بنسبة مئوية من الأرباح السنوية كاحتياطيات إلزامية، وتُعد الأرباح المحتجزة جزءًا من حقوق الملكية للمساهمين. يعتبر ارتفاع كمية الأرباح المحتجزة عاملًا إيجابيًا يؤثر على القيمة الدفترية للسهم، حيث يرتبط ذلك بزيادة حقوق الملكية وبالتالي القيمة الدفترية للسهم.
تتفاوت الآراء حول استخدام الأرباح المحتجزة، ويعتبر البعض أنها بديل لتوزيع الأرباح على المساهمين، في حين يرون آخرون ضرورة توجيهها نحو استثمارات خارجية تحقق عوائد ملموسة. الاختيار بين هذه الخيارات يتطلب تحليلًا دقيقًا يأخذ في اعتباره مختلف العوامل المؤثرة، مثل التكلفة الإجمالية، أسعار الفائدة، وربحية المنشأة.
المزيد من المعلومات
يظهر أن قرار استخدام الأرباح المحتجزة يعتمد على عدة عوامل، ومنها تكلفة الاستخدام والتحديات المحتملة. إذ يمكن أن ينعكس تراكم هذه الأرباح على السعر السوقي للسهم، إذ قد يؤدي ارتفاع حجم الأرباح المحتجزة إلى زيادة قيمة السهم في السوق. وعندما يتم رسملة هذه الأرباح، يحصل المساهمون على أسهم إضافية مجانية، مما يعزز ملكيتهم ويزيد عدد الأسهم التي يملكونها.
من الناحية الاقتصادية، يمكن أن يكون لاحتجاز الأرباح تأثيرات إيجابية على السوق المالية وثقة المستثمرين، حيث يُفضل توجيه تلك الأموال نحو استثمارات تعود بالفائدة وتحقق نمواً مستداماً. وفي حالة استخدام الأرباح في تمويل مشاريع توسعية أو بحث وتطوير، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين فعالية المنشأة وتعزيز تنافسيتها في السوق.
من الجانب القانوني، تلعب التشريعات القانونية دورًا هامًا في تحديد كيفية استخدام الأرباح، حيث تلزم بعض القوانين المنشآت بالاحتفاظ بنسبة مئوية من الأرباح كاحتياطيات إلزامية. وهذا يعكس الرغبة في تحقيق توازن بين تحفيز المنشأة على النمو وضمان استعدادها لمواجهة التحديات المستقبلية.
من جهة أخرى، يثير استخدام الأرباح المحتجزة تساؤلات حول العدالة وتوزيع الثروة، حيث قد يؤدي تراكم الأرباح إلى تفاقم الفوارق بين المساهمين وزيادة العائد على استثماراتهم، في حين يظل جزء من المساهمين غير مستفيد من هذا التراكم.
في الختام، يتطلب اختيار كيفية استخدام الأرباح المحتجزة توازنًا دقيقًا بين احتياجات المنشأة للنمو وتحسين القيمة للمساهمين، مع مراعاة الظروف الاقتصادية والقانونية والاجتماعية التي تحكم هذا القرار.