خلال الفترة الممتدة من 5 سبتمبر 1939 إلى 11 ديسمبر 1941، قامت الولايات المتحدة بتنفيذ ما يُعرف بـ “دوريات الحياد” (United States Neutrality Patrol)، وهي سلسلة من العمليات البحرية التي قامت بها البحرية الأمريكية بهدف تأمين المياه المحيطة بالولايات المتحدة والمحافظة على حيادها خلال الفترة التي شهدت النشاط الحربي في أوروبا بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية.
تأتي أهمية هذه الدوريات من حرص الولايات المتحدة على البقاء في موقف حيادي تجاه الصراع العالمي الذي كان يعصف بأوروبا وآسيا في تلك الفترة، وهو الأمر الذي كان حيويًا للحفاظ على استقلاليتها وعدم التورط في الصراعات الأوروبية. وقد اتخذت الولايات المتحدة إجراءات متعددة لتحقيق هذا الهدف، من بينها تنظيم دوريات بحرية لمراقبة النشاطات البحرية في المناطق المحيطة بالسواحل الأمريكية.
تضمنت مهام الدوريات البحرية الأمريكية خلال تلك الفترة تفتيش السفن الوافدة إلى المياه الأمريكية، ومنع تسليم الأسلحة والمعدات الحربية إلى الدول المتحاربة، بما في ذلك بيع الأسلحة والمواد الحربية للأطراف المتصارعة. كما كانت هناك جهود لمكافحة أعمال الإبحار غير المشروعة ومحاولات التجسس والنشاطات غير المشروعة الأخرى التي قد تؤدي إلى تورط الولايات المتحدة في الصراعات العالمية.
يجب أن نذكر أن هذه الدوريات البحرية كانت تتم في ظل التوتر المتزايد في العلاقات الدولية، وخاصة بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية في أوروبا في سبتمبر 1939. وبالرغم من تحفظ الولايات المتحدة على البقاء في حالة حياد، إلا أنها كانت تدرك تمامًا أنها قد تتورط في الصراعات العالمية عن طريق الأحداث التي تجري في البحار المحيطة بها، لذا كانت هذه الدوريات جزءًا أساسيًا من استراتيجية البلاد للحفاظ على سيادتها وأمنها في ظل تلك الظروف الصعبة.
مع مرور الوقت، تطورت هذه الدوريات وتوسع نطاقها وزادت قوتها، وذلك نتيجة للتطورات الجيوسياسية والعسكرية التي شهدتها العالم خلال الفترة المذكورة. ومع دخول الولايات المتحدة إلى الحرب العالمية الثانية بعد هجوم بيرل هاربر في ديسمبر 1941، انتهت فترة الحياد وتحولت جهود البحرية الأمريكية إلى دعم الجهود الحربية المشتركة ضد محاور العدو.