دليل فهرسة الكتب في المكتبات

كيفية فهرسة الكتب: أسس ومراحل الفهرسة وأهمية الفهرسة في المكتبات والبحث العلمي

الفهرسة هي عملية تنظيم الكتب والمواد المكتبية في المكتبات وفق نظام معين يسهل الوصول إليها واسترجاعها. تعتبر الفهرسة من الركائز الأساسية في إدارة المكتبات والمعلومات، إذ تتيح للمستخدمين العثور بسرعة وسهولة على المواد التي يبحثون عنها. يشمل هذا المقال استعراضًا شاملًا لعملية الفهرسة، أهميتها، أنظمة الفهرسة المختلفة، خطوات الفهرسة، وأدواتها الحديثة.

1. تعريف الفهرسة

الفهرسة هي عملية تنظيم وتحليل المواد المكتبية مثل الكتب، المقالات، الدوريات، والأطروحات، بهدف تصنيفها وتنظيمها بطريقة تسهل البحث عنها. يتم استخدام أنظمة فهرسة معينة لتحديد كيفية تصنيف واسترجاع الكتب من بين آلاف المواد المكتبية الأخرى. الفهرسة تعد جزءًا لا يتجزأ من إدارة المكتبات والمراكز البحثية، وتعتبر عملية ضرورية تضمن تنظيم المعلومات وتوزيعها بشكل يتناسب مع حاجات مستخدمي المكتبة.

2. أهمية الفهرسة في المكتبات

الفهرسة في المكتبات تحمل أهمية كبيرة، إذ تساهم في تسهيل عملية البحث عن الكتب والمراجع بسرعة ودقة. من خلال الفهرسة الجيدة، يتمكن الباحثون والقراء من الوصول إلى الكتاب الذي يحتاجونه دون إضاعة الوقت أو الجهد. كما أن الفهرسة تسهم في توفير الوقت والمجهود في عملية الاستعارة والإعادة. على سبيل المثال، إذا كانت المكتبة تحتوي على عدة نسخ من نفس الكتاب، تساعد الفهرسة في ترتيب هذه النسخ بشكل يسهل على الزوار الوصول إلى النسخة المطلوبة.

من الجوانب المهمة للفهرسة أيضًا أنها تساهم في:

• تسهيل البحث العلمي: من خلال تنظيم الكتب والمراجع بطريقة منطقية، يمكن للباحثين والعلماء الوصول إلى المعلومات المتخصصة بشكل أسرع.

• تحسين الوصول إلى المعلومات: الفهرسة الدقيقة تتيح سهولة الوصول إلى جميع المعلومات الموجودة في المكتبة.

• التقليل من الفوضى: بدون الفهرسة، تصبح المكتبات مكانًا غير منظم، مما يصعب على المستخدمين العثور على الكتب والمراجع.

3. أنظمة الفهرسة المختلفة

توجد العديد من الأنظمة التي يتم استخدامها في عملية الفهرسة، ويعتمد الاختيار على نوع المكتبة، المواد المكتبية التي تحتوي عليها، وطريقة البحث المتبعة. من أشهر هذه الأنظمة:

أ. نظام التصنيف العشري الدولي (Dewey Decimal Classification)

يعد نظام التصنيف العشري الدولي أحد أشهر أنظمة الفهرسة التي تستخدم على نطاق واسع في المكتبات العامة والتعليمية. يعتمد هذا النظام على تصنيف الكتب في عشرة فئات رئيسية، كل فئة تتفرع إلى عشرات الفروع. يتم تخصيص رقم فهرسي لكل كتاب يتناسب مع موضوعه. على سبيل المثال، الكتب التي تتعلق بالعلوم الطبيعية قد تحمل أرقامًا تبدأ بـ 500، بينما تبدأ الكتب التي تتعلق بالفنون والرياضة بـ 700.

ب. نظام تصنيف مكتبة الكونغرس (Library of Congress Classification)

يستخدم هذا النظام بشكل رئيسي في المكتبات الأكاديمية والجامعية. يتسم هذا النظام بتصنيفه للكتب إلى فئات رئيسية تتبعها فئات فرعية، ويعتمد على حروف الأبجدية والأرقام لتمثيل المواضيع. مثلًا، قد يُصنف الكتاب المتعلق بالفلسفة في الفئة “B”، بينما تُصنف الكتب المتعلقة بالعلوم الإنسانية في الفئة “H”.

ج. نظام التصنيف الموضوعي

يتميز هذا النظام بترتيب الكتب حسب الموضوع بشكل غير رقمي. إذ يُصنف كل كتاب حسب مجاله الموضوعي وتُدرج تحت كل موضوع فرعية عدة. هذا النظام يستخدم عادة في المكتبات الصغيرة أو الخاصة التي تتعامل مع نوع محدد من المواد.

د. نظام الفهرسة الموضوعية (Subject Indexing)

يستخدم هذا النظام في فهرسة الكتب والمراجع العلمية التي قد تكون معقدة أو تحتوي على الكثير من التفاصيل. يتم التركيز في هذا النظام على الكلمات الرئيسية التي تمثل محتوى الكتاب، ويتم استخدام قوائم كلمات دلالية تساعد في تصنيف الكتاب بشكل أكثر دقة.

4. خطوات الفهرسة

عملية الفهرسة تتطلب اتباع مجموعة من الخطوات التي تضمن تصنيف الكتاب بشكل دقيق. يمكن تلخيص هذه الخطوات كما يلي:

أ. تحليل الكتاب

في هذه المرحلة، يقوم الفهرس بتحليل الكتاب لتحديد محتوياته الرئيسية. يتضمن ذلك قراءة الكتاب بشكل عام لتحديد المواضيع الرئيسية والفرعية التي يتناولها الكتاب.

ب. تحديد الكلمات الرئيسية

بعد تحليل الكتاب، يتم تحديد الكلمات الرئيسية التي تمثل محتوى الكتاب بدقة. هذه الكلمات تستخدم في عملية الفهرسة لربط الكتاب بالمواضيع التي يناقشها.

ج. اختيار النظام المناسب

يعتمد اختيار النظام المستخدم في الفهرسة على نوع الكتاب والجمهور المستهدف. على سبيل المثال، إذا كان الكتاب أكاديميًا أو بحثيًا، قد يستخدم نظام تصنيف مكتبة الكونغرس أو التصنيف الموضوعي.

د. إعداد بطاقة الفهرسة

بعد تحديد المعلومات الأساسية، يتم إعداد بطاقة فهرسة تحتوي على البيانات المتعلقة بالكتاب مثل: العنوان، المؤلف، مكان النشر، تاريخ النشر، الموضوعات، الرقم الفهرسي، وغيرها من المعلومات المهمة. قد يتم إعداد هذه البطاقة يدويًا أو باستخدام أنظمة الفهرسة الرقمية.

هـ. تنظيم الكتاب في الفهرس

في هذه المرحلة، يتم إدخال المعلومات التي تم تحديدها في النظام الفهرسي المتبع، مما يسهل الوصول إليها فيما بعد. يمكن أن يكون هذا الإدخال في شكل ورقي أو إلكتروني.

5. الفهرسة الرقمية وأدوات الفهرسة الحديثة

مع تقدم التكنولوجيا، أصبح من الممكن الفهرسة بطريقة رقمية باستخدام برامج متخصصة. هذه البرامج تساعد في تسريع عملية الفهرسة وتزيد من دقتها، وتسمح بالوصول إلى الكتب والمراجع بشكل أسرع. من أبرز هذه الأدوات:

• برنامج مارك (MARC): هو تنسيق قياسي للفهرسة في المكتبات الرقمية. يستخدم في حفظ بيانات الكتب والمراجع في شكل يمكن قراءته ومعالجته بواسطة الحواسيب.

• أنظمة الفهرسة الرقمية: مثل نظام “ألفا” أو “سيرس” الذي يستخدم بشكل واسع في المكتبات الحديثة.

• البحث عبر الإنترنت: مثل استخدام قواعد البيانات مثل “جوجل سكولار” و”سكوبس” التي تتيح للباحثين الوصول إلى كتب ودوريات علمية مصنفة ومفهرسة إلكترونيًا.

6. الفهرسة التعاونية

في العصر الحديث، ظهرت فكرة الفهرسة التعاونية، حيث يتم التعاون بين مكتبات ومراكز بحثية مختلفة لتطوير نظام فهرسة موحد. يمكن أن يساعد هذا في تحسين الوصول إلى الكتب والمراجع عبر شبكة الإنترنت، ويضمن عدم تكرار الجهود في الفهرسة.

من أبرز المبادرات الفهرسية التعاونية هو مشروع “أوبن سكوبيس” (OpenScopus) الذي يتيح للمكتبات والمراكز الأكاديمية فهرسة وتبادل بيانات الكتب والمراجع بشكل مفتوح.

7. التحديات التي تواجه عملية الفهرسة

على الرغم من أهمية الفهرسة في المكتبات، إلا أن هناك عدة تحديات قد تواجه المكتبات والمكتبيين أثناء عملية الفهرسة:

• زيادة حجم المواد المكتبية: مع تزايد حجم الكتب والمراجع في المكتبات، تصبح عملية الفهرسة أكثر تعقيدًا وتتطلب وقتًا وجهدًا أكبر.

• التطورات التكنولوجية السريعة: قد تكون هناك صعوبة في مواكبة التكنولوجيا الحديثة في الفهرسة، خصوصًا فيما يتعلق بالبرامج والأدوات الجديدة.

• عدم الدقة في الفهرسة: في بعض الأحيان، قد يؤدي الخطأ البشري أو عدم الإلمام الكافي بالنظام الفهرسي إلى تصنيف غير دقيق للكتب.

8. الخاتمة

الفهرسة هي عملية أساسية لنجاح المكتبات في توفير خدمات فعالة للمستفيدين. سواء كانت المكتبة تحتوي على عدد محدود من الكتب أو على مجموعة ضخمة من المواد المكتبية، فإن الفهرسة تضمن أن هذه المواد يمكن الوصول إليها بسهولة وبدون إضاعة وقت. مع تطور الأدوات التكنولوجية والتعاون بين المكتبات على المستوى الدولي، أصبح من الممكن تحسين جودة الفهرسة وتسهيل الوصول إلى الكتب والمراجع في وقت قياسي.