علي طويق والعمل الإنساني

عامل في القضايا الإنسانية: تعرفوا على علي طويق

في عالم يموج بالصراعات والكوارث الطبيعية والأزمات المتعددة، تبرز شخصيات استثنائية تعيد صياغة مفاهيم التضحية والإنسانية. من بين هؤلاء يبرز اسم علي طويق، العامل في مجال القضايا الإنسانية، والذي كرّس حياته لخدمة المجتمعات الهشة والمنكوبة، متخذًا من الإنسانية مبدأ لا حياد فيه. ليس علي طويق مجرد اسم يتردد في المؤتمرات الإنسانية أو تقارير المنظمات الدولية، بل هو نموذج حي للتفاني والإصرار والعمل الميداني الشاق في أكثر بقاع العالم هشاشة.

يعد علي طويق من الأسماء القليلة التي استطاعت الجمع بين العمل الميداني المباشر والتأثير المؤسسي المستدام في مجال العمل الإنساني. انطلقت مسيرته من نقطة بسيطة، لا تخلو من التحديات، ليتحول فيما بعد إلى أحد الأصوات المؤثرة في عالم الإغاثة والتنمية.

النشأة والتكوين

وُلد علي طويق في بيئة تقدر قيم العدالة الاجتماعية والتضامن، ونشأ وسط مجتمع يدرك معاناة الشعوب من النزوح، الفقر، وغياب الخدمات الأساسية. هذا النشوء المبكر وسط أزمات مجتمعية زرع في نفسه إحساسًا عميقًا بالمسؤولية تجاه الآخرين، فاختار دراسة العمل الاجتماعي وعلوم التنمية، مستعينًا بالعلم لتسخير إمكاناته في معالجة المشكلات المجتمعية المزمنة.

بعد تخرّجه من الجامعة، قرر أن لا يبقى خلف المكاتب أو في حدود التنظير الأكاديمي، بل اختار النزول إلى الميدان، حيث تتحدث المعاناة لغة الإنسان دون وسيط.

البدايات الميدانية

بدأ علي طويق حياته المهنية في مجال الإغاثة عبر انضمامه إلى إحدى المنظمات غير الحكومية التي تنشط في مجال المساعدات الغذائية والطبية في مناطق النزاع. واجه منذ البداية تحديات لوجستية ضخمة، واضطرابات أمنية، وضعفًا في التنسيق بين الجهات الفاعلة، لكنه أصرّ على أن يكون جزءًا من الحل لا من الحلقة التي تعيد إنتاج الأزمة.

عمل في مخيمات اللاجئين، في مناطق منكوبة بسبب الزلازل والفيضانات، وفي المجتمعات التي تعاني من أزمات طويلة الأمد كالفقر المدقع، وتفشي الأوبئة، وغياب البنى التحتية. في كل حالة، لم يكن حضوره مجرد وجود تقني، بل كان عاملًا نفسيًا ومعنويًا للمجتمع المحلي.

نهج العمل الإنساني لعلي طويق

ما يميز علي طويق عن كثيرين في المجال هو التزامه الصارم بثلاث ركائز أساسية في العمل الإنساني:

1. الإنسان أولًا: حيث لا تمييز على أساس العرق أو الدين أو التوجه السياسي.

2. الاستدامة بدل الإغاثة المؤقتة: يرفض الحلول القصيرة الأجل، ويدفع نحو مبادرات تنموية تُمكّن المجتمعات من الاعتماد على الذات.

3. الشراكة المجتمعية: يؤمن بأن السكان المحليين هم جزء من الحل، وليسوا مجرد متلقين للمساعدات.

هذه المبادئ جعلته قائدًا ميدانيًا يحظى باحترام فرق العمل والمتطوعين والمجتمعات التي يخدمها.

المساهمات والبرامج التي أشرف عليها

أشرف علي طويق على عشرات المشاريع الإنسانية في مناطق متعددة من العالم، منها:

• برنامج الأمن الغذائي في القرن الإفريقي، حيث ساهم في توفير وجبات غذائية متكاملة لأكثر من 250 ألف نازح خلال موسم الجفاف.

• مشروع إعادة تأهيل المدارس في اليمن، والذي مكّن أكثر من 40 ألف طفل من العودة إلى التعليم بعد سنوات من الانقطاع بسبب الحرب.

• مبادرة “حق الحياة” للرعاية الصحية الأولية في مناطق النزاعات، التي أنشأت مراكز طبية متنقلة في أكثر من 12 منطقة نائية.

• برنامج دعم النساء المعيلات في لبنان والأردن، والذي هدف إلى تدريب النساء على المهارات المهنية وتمويل مشاريع صغيرة.

كما ساهم في تطوير آليات الاستجابة السريعة للأزمات، من خلال العمل على إنشاء فرق تدخل ميداني مجهزة بأحدث التقنيات، لضمان السرعة والكفاءة في توصيل المساعدات.

الأثر الإنساني والاجتماعي

لا يمكن حصر الأثر الذي تركه علي طويق في بضعة أرقام، لكن يمكن تتبع بصمته في التغييرات التي طرأت على حياة المجتمعات التي خدمها. فعبر برامجه، أُعيدت الحياة إلى قرى منكوبة، وتحوّلت الأسر المتضررة إلى عناصر منتجة، واستعاد الأطفال أحلامهم بالتعليم، والنساء كرامتهن عبر الاستقلال المالي والمعرفي.

ساهم في خلق نموذج للتدخل الإنساني يراعي الخصوصية الثقافية والاجتماعية للمجتمع المحلي، ويعزز من دور الفاعلين المحليين في عملية البناء والتطوير.

التحديات التي واجهها

لم تكن مسيرة علي طويق سهلة أو خالية من التضحيات. واجه تحديات ضخمة على عدة مستويات:

• الأمن الشخصي: إذ تعرض مرارًا لمحاولات اعتقال واحتجاز من قبل أطراف متنازعة أثناء عمله في مناطق النزاعات.

• البيروقراطية الدولية: اصطدم مرارًا بتعقيدات التمويل الإنساني والتقارير الطويلة التي تعيق التحرك السريع.

• الاحتراق النفسي: كعامل ميداني، عاش صدمات متتالية نتيجة مشاهدة المعاناة اليومية، مما استلزم منه استراتيجيات نفسية لموازنة الأداء المهني والحياة الشخصية.

ومع ذلك، لم يتراجع عن التزامه، بل جعل من تلك التحديات دافعًا نحو تطوير برامج تدريبية موجهة للعاملين الإنسانيين، بهدف تعزيز صحتهم النفسية وتزويدهم بالأدوات اللازمة للثبات في الميدان.

الحضور في المحافل الدولية

شارك علي طويق في عدد من القمم والمؤتمرات الدولية الخاصة بالتنمية والعمل الإنساني، مثل:

• منتدى إسطنبول الإنساني العالمي

• قمة الأمم المتحدة حول الاستجابة للأزمات

• مؤتمر الاتحاد الأوروبي حول الهجرة والنزوح

• المؤتمر العالمي للمنظمات غير الحكومية في جنيف

في كل من هذه المناسبات، لم يكن حضوره رمزيًا، بل مثّل صوت العاملين الميدانيين وطرح توصيات واقعية نابعة من تجاربه المباشرة، وركّز على أهمية التخطيط المحلي بدل النماذج المستوردة، وتوسيع هامش مشاركة النساء والشباب في العمليات الإنسانية.

الرؤية المستقبلية

يرى علي طويق أن مستقبل العمل الإنساني يتطلب إعادة نظر جذرية في نماذج التدخل الحالية، ويركز على ثلاثة محاور أساسية للمستقبل:

1. التحول الرقمي: استخدام التكنولوجيا في تحسين توزيع الموارد، وإدارة البيانات، ومراقبة الأثر بشكل لحظي.

2. تعزيز القيادة المحلية: تقوية قدرات الجمعيات المحلية لتقود بنفسها عمليات الإغاثة والتنمية.

3. التركيز على الوقاية لا الاستجابة فقط: بتكثيف البرامج التي تحصّن المجتمعات من الأزمات قبل وقوعها.

الجوائز والتكريمات

نال علي طويق عدة تكريمات وجوائز تقديرًا لجهوده، منها:

• جائزة نيلسون مانديلا للعمل المجتمعي

• وسام الإغاثة الإنسانية من الصليب الأحمر الدولي

• جائزة التميز في العمل الميداني من هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية

لكن بالنسبة له، تبقى الجائزة الأكبر هي “ابتسامة طفل عاد إلى المدرسة”، أو “دعاء أم وجدت الدواء لطفلها”، على حد تعبيره.

جدول يوضح أبرز المشاريع الإنسانية لعلي طويق

خاتمة

علي طويق ليس مجرد فاعل في الحقل الإنساني، بل هو حامل لرسالة، ومهندس لنهج جديد من العطاء المرتكز على الكرامة، الشراكة، والاستدامة. هو نموذج يحتذى لكل من يرى في العمل الإنساني أكثر من وظيفة، بل مسار حياة لا يعرف الراحة، ولا ينتظر الشكر، بل يستمد قيمته من أثره العميق والمستدام في حياة البشر.

المصادر:

• الموقع الرسمي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين

• تقارير برنامج الغذاء العالمي والمنظمات الإنسانية الشريكة