دعاء الاستفتاح: تعريفه، أهميته، وصيغه
يعد دعاء الاستفتاح من الأدعية المباركة التي يبدأ بها المسلم صلاته بعد التكبير، وهي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم. يهدف دعاء الاستفتاح إلى تنقية القلب من الشواغل والهموم اليومية، وتهيئة النفس لخشوع الصلاة، كما يعكس حال العبد أمام ربه، ويشعره بتوفيق الله له في أداء هذه العبادة العظيمة. في هذا المقال، سنتناول شرحًا مفصلًا حول دعاء الاستفتاح، مع تسليط الضوء على أهميته، وصيغه المختلفة، وما يحتويه من معانٍ وفضائل.
تعريف دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح هو الدعاء الذي يُقال في بداية الصلاة بعد تكبيرة الإحرام، أي بعد قول “الله أكبر”. يتمحور دعاء الاستفتاح حول تهيئة القلب والعقل لعبادة الصلاة والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى. يُقال هذا الدعاء قبل البدء في قراءة سورة الفاتحة، ويُعتبر من سنن الصلاة، حيث إن قول المسلم له في بداية صلاته يعد خطوة مهمة نحو التأمل والتفكر في عظمة الله وقدرته، وتفرغ القلب لعبادته.
على الرغم من أن دعاء الاستفتاح لا يعد فرضًا، فإن تركه قد لا يؤثر على صحة الصلاة، لكن فوات الأجر والثواب يكمن في تركه، لأنه من السنن النبوية التي لها فضائل عظيمة. فدعاء الاستفتاح يساهم في زيادة الخشوع والتركيز أثناء الصلاة، ويساعد على التخلص من أي تشويش أو أفكار قد تشتت الذهن.
أهمية دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح له أهمية كبيرة في الصلاة، إذ أنه لا يقتصر على كونه مجرد دعاء يتوسط عبادات أخرى، بل يمثل بداية فعلية للعبادة التي تتطلب توجهًا تامًا إلى الله، ويُظهر من خلاله المسلم إيمانه وخضوعه لله سبحانه وتعالى. ولعل من أبرز جوانب أهمية دعاء الاستفتاح:
-
تهيئة النفس للعبادة:
يعد دعاء الاستفتاح فرصة للمسلم لتصفية ذهنه وتهدئة قلبه قبل أن يبدأ في أداء الصلاة. فهو يساعد على إخراج المسلم من مشاغل الدنيا والهموم التي قد تشغل قلبه، ويضعه في حالة من التوجه الكامل إلى الله. -
تعميق الإيمان بالله:
عندما يبدأ المسلم دعاءه بالثناء على الله وتوحيده، فإنه يعمق إيمانه ويزيد من شعوره بعظمة الله وقدرته. فالدعاء يتضمن كلمات تعبيرية عن مدى عظمة الله وعلاقته بالمؤمن، مما يزيد من خشوعه أثناء الصلاة. -
تقوية العلاقة مع الله:
دعاء الاستفتاح يعبر عن صدق التوجه إلى الله، فهو يشير إلى أن المسلم لا يبدأ أي عمل دون الاستعانة بالله وطلب العون منه. هذه العلاقة المستمرة بين العبد وربه تعزز من روحانية الصلاة وتجعلها أكثر تأثيرًا على القلب. -
نيل الثواب:
كما ذكرنا سابقًا، دعاء الاستفتاح هو سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتمسك بها يؤدي إلى تحصيل الأجر والثواب من الله. فكلما قام المسلم بقول دعاء الاستفتاح في صلاته، زادت فرصه في الحصول على رحمة الله وفضله.
صيغة دعاء الاستفتاح
لقد ورد في الأحاديث الصحيحة عدة صيغ لدعاء الاستفتاح، ويمكن للمسلم أن يختار أي صيغة منها. تختلف هذه الصيغ من حيث الكلمات والتركيبات، ولكنها كلها تدور حول الثناء على الله وتوحيده والتوجه إليه بطلب العون والتوفيق.
من أبرز صيغ دعاء الاستفتاح:
-
اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد.
-
هذه الصيغة تتضمن طلبًا من الله سبحانه وتعالى بأن يغفر للعبد ذنوبه ويطهره من الخطايا، كما يتضمن تذكيرًا بعظمة قدرة الله في تطهير العبد من ذنوبه.
-
-
سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
-
هذه الصيغة تتميز بالتسبيح والتعظيم لله سبحانه وتعالى، حيث تبدأ بتقديس الله وتنزيهه عن كل عيب أو نقص، ثم تتبعه بكلمات الثناء والتعظيم.
-
-
اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، ومن همزاته ونفثاته، ومن وساوسه.
-
هذه الصيغة تشير إلى اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى طلبًا للحماية من وساوس الشيطان التي قد تفسد الصلاة.
-
-
وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين.
-
هذه الصيغة تعبر عن التوحيد الخالص لله، حيث يُظهر المسلم في دعائه تبرؤه من الشركاء ومن جميع ما سوى الله.
-
-
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.
-
هذه الصيغة تتضمن الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أمر مستحب في بداية الصلاة وبعدها، حيث يعتبر ذلك من أهم أعمال البر والذكر لله ورسوله.
-
معاني دعاء الاستفتاح
كل صيغة من صيغ دعاء الاستفتاح تحمل في طياتها معاني عميقة ومفاهيم روحية تساعد على تقوية العلاقة بين العبد وربه. لنأخذ بعضًا من هذه المعاني:
-
التسبيح والتقديس لله:
تبدأ العديد من صيغ دعاء الاستفتاح بتسبيح لله، حيث يُنزه الله عن أي نقص أو عيب. هذه الكلمات تزرع في قلب المسلم شعورًا عميقًا بعظمة الله وقدرته، وهو ما يعزز الإيمان ويساعد على تصفية القلب. -
الاستغفار وطلب المغفرة:
في بعض صيغ دعاء الاستفتاح، يوجد طلب للمغفرة والتطهير من الذنوب، كما هو الحال في صيغة “اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس”. هذا يشير إلى طلب العفو والتوبة من الله، والاعتراف بأن العبد في حاجة مستمرة إلى رحمة الله. -
الاستعاذة بالله من الشيطان:
كما في صيغة “أعوذ بك من الشيطان الرجيم”، نجد أن المسلم يطلب الحماية من الشيطان ووساوسه التي قد تفسد عليه صلاته. ذلك يعكس الوعي الدائم بخطر الشيطان على قلب المؤمن. -
الاستعانة بالله:
دعاء الاستفتاح يعبر أيضًا عن طلب العون من الله، حيث يُظهر المسلم تواضعه واستعانته بالقوة الإلهية، مما يعزز الصلة الروحية بين العبد وربه.
دعاء الاستفتاح في ضوء السنة النبوية
لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يلتزم بدعاء الاستفتاح في صلاته، وكان يذكر عدة صيغ له في أحاديثه الشريفة. فقد ورد في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك”. وهذا يدل على أن هذه الصيغة من صيغ دعاء الاستفتاح قد وردت في السنة النبوية، وهي من السنن المستحبة للمسلم أن يؤديها في صلاته.
الخلاصة
يعد دعاء الاستفتاح من السنن المؤكدة التي تساعد المسلم على تهيئة نفسه لدخول عالم العبادة والاتصال الروحي بالله سبحانه وتعالى. يساهم دعاء الاستفتاح في تحفيز الإيمان وتنقية القلب، ويُعتبر بداية لصلاة تخلو من الشواغل والهموم. على الرغم من تعدد صيغ دعاء الاستفتاح، فإن جميعها تهدف إلى تعظيم الله وطلب مغفرته ورحمته.
