الفرق بين الأكمه والأعمى: دراسة طبية ودلالات لغوية
تُعد حالة ضعف البصر من الحالات الصحية التي شغلت اهتمام الأطباء والباحثين عبر العصور. وتظهر هذه الحالة بأشكال متعددة، حيث تختلف الأسباب التي تؤدي إليها، وكذلك الأعراض والآثار التي تترتب عليها. من بين المصطلحات الطبية الشائعة التي تُستخدم للإشارة إلى حالات فقدان الرؤية، يظهر كل من “الأكمه” و”الأعمى” بشكل متكرر. رغم أن هذين المصطلحين قد يُستخدمان بشكل مترادف في بعض الأحيان، إلا أن لهما دلالات طبية ولغوية مختلفة تمامًا.
في هذا المقال، سنتناول الفروق الدقيقة بين هذين المصطلحين من الجوانب الطبية، اللغوية، والتاريخية، ونستعرض أهم الأسباب والآثار المترتبة على كل منهما.
1. الفروق اللغوية بين الأكمه والأعمى
أولاً، يجب أن نوضح الفروق اللغوية بين “الأكمه” و”الأعمى” التي قد تكون غامضة لدى البعض. على الرغم من أنهما يشيران إلى الأشخاص الذين يعانون من فقدان البصر، إلا أن لكل منهما معنى خاص في اللغة العربية.
-
الأعمى: هو الشخص الذي فقد القدرة على الرؤية بشكل كامل، ويُستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى فقدان حاسة البصر بشكل دائم. يشمل الأعمى جميع الأشخاص الذين يعانون من تدهور أو غياب الرؤية في كلا العينين، سواء كان هذا الفقدان نتيجة لمرض أو حادث أو أي سبب آخر.
-
الأكمه: هو الشخص الذي وُلِد فاقدًا للقدرة على الرؤية، أي أنه يعاني من العمى منذ لحظة ولادته. قد يكون للأكمه بعض القدرة على التفاعل مع العالم باستخدام حواسه الأخرى، مثل اللمس أو السمع، إلا أن حاسة البصر تكون غير موجودة أو معطلة بشكل تام.
إذن، الفرق الأساسي بين الأعمى والأكمه في اللغة العربية يكمن في الزمن الذي حدث فيه فقدان البصر. فالأعمى قد يكون قد فقد بصره بعد ولادته نتيجة لحادث أو مرض، بينما الأكمه هو شخص وُلِد فاقدًا للبصر.
2. الفروق الطبية بين الأكمه والأعمى
من الناحية الطبية، يمكن تحديد الفرق بين الأكمه والأعمى بناءً على الأسباب والآثار المرتبطة بفقدان البصر.
-
الأعمى: في الطب، يُستخدم مصطلح “العمى” للإشارة إلى فقدان حاسة البصر بشكل تام في إحدى العينين أو كليهما. العمى قد يكون ناتجًا عن عدة أسباب، مثل الأمراض الوراثية، الإصابات الجسدية، أمراض العيون مثل المياه البيضاء (كتاراكت)، الجلوكوما (زرق العين)، أو أمراض أخرى تؤثر على الأعصاب البصرية أو الدماغ. في حالات معينة، قد يُمكن علاج العمى أو التخفيف من آثاره باستخدام تقنيات جراحية أو علاجات طبية، ولكن في بعض الحالات قد يكون العمى دائمًا ولا يمكن إصلاحه.
-
الأكمه: يُستخدم مصطلح “الأكمه” لوصف الشخص الذي وُلِد فاقدًا للبصر، وهذا يُعني أنه لم يكن لديه القدرة على الرؤية منذ لحظة ولادته. في كثير من الحالات، يكون العمى لدى الأكمه ناتجًا عن مشاكل خلقية أو اضطرابات جينية تؤثر على العينين أو الأعصاب البصرية منذ البداية. على سبيل المثال، قد تكون بعض الأمراض الوراثية مثل “العمى الخلقي” سببًا لفقدان البصر عند الولادة. وتختلف أسباب العمى الخلقي من شخص لآخر، فقد تكون نتيجة لتشوهات في العينين أو مشاكل في الأنسجة العصبية المسؤولة عن إرسال إشارات الرؤية إلى الدماغ. قد يشمل الأكمه أيضًا الأشخاص الذين يعانون من أمراض أخرى تؤثر على قدرة الدماغ على معالجة المعلومات البصرية بشكل صحيح.
3. الأسباب والعوامل المؤثرة
-
أسباب العمى:
يمكن أن يكون العمى ناتجًا عن مجموعة واسعة من الأسباب التي تؤثر على العين أو الجهاز العصبي. من بين الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى العمى:-
الأمراض: مثل داء السكري الذي قد يؤدي إلى تلف شبكية العين، أو الجلوكوما (زرق العين) الذي يسبب تلفًا للأعصاب البصرية.
-
الإصابات: التي قد تحدث بسبب الحوادث أو الحروب، مما يؤدي إلى تضرر العينين أو الأنسجة المحيطة بها.
-
التقدم في العمر: حيث يعاني بعض الأشخاص من مشاكل في البصر مثل المياه البيضاء (كتاراكت)، التي تؤثر على العين مع تقدم السن.
-
-
أسباب العمى الخلقي (الأكمه):
من جهة أخرى، العمى الخلقي أو الأكمه يحدث بسبب مشاكل تتعلق بتطور الأنسجة البصرية في مرحلة الحمل أو بسبب وجود اضطرابات وراثية. من بين الأسباب الشائعة:-
الاضطرابات الوراثية: مثل حالة “العمى الليلي” أو “المياه الزرقاء الخلقية”، التي تكون وراثية.
-
تشوهات خلقية في العين: مثل غياب كامل أو جزئي لشبكية العين أو الأعصاب البصرية.
-
مشاكل في عملية تطوير الدماغ: حيث لا يتمكن الدماغ من معالجة الإشارات البصرية بشكل صحيح، مما يؤدي إلى العمى الخلقي.
-
4. التأثيرات النفسية والاجتماعية
كلا من الأعمى والأكمه يواجهان تحديات كبيرة في حياتهم اليومية، لكن تأثيرات هذه التحديات تختلف بعض الشيء بينهما:
-
الأعمى: الشخص الذي فقد بصره نتيجة حادث أو مرض قد يكون قد مر بتجربة عاطفية صعبة عند فقدان حاسة البصر. هذا قد يشمل شعورًا بالحزن والاكتئاب بسبب فقدان القدرة على رؤية العالم، بالإضافة إلى صعوبة التأقلم مع الظروف الجديدة. ومع ذلك، قد يمتلك الأعمى بعض الذكريات البصرية من حياته السابقة التي يمكن أن تساعده على التكيف مع فقدان البصر.
-
الأكمه: أما الشخص الأكمه، فهو منذ ولادته لم يكن يعرف العالم كما يراه الأشخاص المبصرون. هذا قد يمنحه فرصة لتطوير مهارات أخرى بشكل أكبر من الأعمى، مثل تنمية حواسه الأخرى (مثل السمع واللمس) بشكل استثنائي. على الرغم من ذلك، قد يواجه الأكمه تحديات اجتماعية أكبر في المجتمع الذي يركز بشكل كبير على البصر كوسيلة رئيسية للتفاعل مع العالم. قد يكون الأكمه بحاجة إلى أساليب تعليمية وتدريبية خاصة للتعامل مع العالم المحيط به.
5. الأساليب العلاجية والدعمة
-
علاج العمى:
في بعض الحالات، يمكن علاج العمى أو التخفيف من آثاره باستخدام تقنيات طبية مثل العمليات الجراحية أو الأدوية. على سبيل المثال، يمكن علاج المياه البيضاء أو الجلوكوما باستخدام الجراحة أو الأدوية. كما أن التقدم في مجال زراعة الأعضاء قد يجعل زراعة القرنية خيارًا للأشخاص الذين يعانون من فقدان البصر. -
الدعم للأكمه:
بالنسبة للأكمه، يمكن توفير الدعم من خلال تقنيات تدريبية مثل التعليم عن طريق اللمس أو الاستماع. هناك أيضًا أدوات تقنية موجهة للأشخاص المكفوفين مثل الأجهزة الصوتية وبرامج القارئ الصوتي التي تساعد في التفاعل مع التكنولوجيا بشكل فعال.
6. التأقلم مع الحياة اليومية
-
التكيف مع العمى:
قد يتطلب الشخص الأعمى وقتًا للتكيف مع الحياة بعد فقدان البصر. يتم ذلك غالبًا من خلال تعلم مهارات جديدة، مثل استخدام العصا البيضاء، والاستفادة من تقنيات مثل القراءة بطريقة برايل، واستخدام الأدوات المساعدة للتنقل. -
التكيف مع الأكمه:
أما الأكمه، فقد بدأ تعلم طرق التكيف مع حياته منذ ولادته. كثير من الأكمه يتعلمون مهارات أخرى مثل الصوت واللمس بشكل مبكر، ويعتمدون على حواسهم الأخرى بشكل أكبر للتفاعل مع محيطهم.
7. الاستنتاجات
في الختام، على الرغم من التشابه الظاهر بين الأعمى والأكمه في فقدان القدرة على الرؤية، إلا أن الفروق بينهما عميقة ومتعددة من الناحية الطبية واللغوية. الأعمى هو الشخص الذي فقد بصره بعد ولادته نتيجة لمرض أو حادث، بينما الأكمه هو الشخص الذي وُلِد فاقدًا للبصر. تؤثر هذه الحالات بشكل كبير على الأفراد من الناحيتين النفسية والاجتماعية، وتستلزم دعماً خاصًا وتوفير بيئة ملائمة لمساعدتهم على التكيف مع تحديات الحياة اليومية.
