خطوات العودة إلى العمل بعد كورونا

خطوات العودة إلى مكتب العمل بعد أزمة كورونا: إعادة بناء بيئة العمل في ظل التحديات الجديدة

شهد العالم تغييرات غير مسبوقة على كافة الأصعدة نتيجة أزمة جائحة فيروس كورونا (COVID-19)، حيث أغلقت العديد من الشركات أبوابها واضطر ملايين الموظفين للعمل عن بُعد. ومع مرور الوقت وتزايد جهود التطعيم والحد من انتشار الفيروس، بدأت الكثير من المؤسسات في التفكير في العودة إلى بيئة العمل التقليدية. لكن العودة إلى المكتب لا يمكن أن تتم ببساطة كما كانت في السابق. في هذا المقال، سنتناول خطوات العودة إلى المكتب بعد أزمة كورونا، وكيفية تهيئة بيئة العمل لمواجهة التحديات الصحية الجديدة وتحقيق التوازن بين السلامة والإنتاجية.

1. تقييم الوضع الصحي للمؤسسة

أول خطوة يجب أن تقوم بها أي مؤسسة قبل التفكير في العودة إلى العمل المكتبي هي تقييم الوضع الصحي الحالي. يشمل ذلك التحقق من معدل الإصابات في المنطقة التي يقع فيها المكتب، ومدى توفر اللقاحات، بالإضافة إلى الانتباه إلى أي تعليمات حكومية تتعلق بالعودة إلى العمل. من المهم أن تتعاون المؤسسات مع السلطات المحلية والصحية لضمان اتخاذ التدابير اللازمة التي تحمي صحة الموظفين وتقلل من خطر الانتشار.

2. إعادة تخطيط مكاتب العمل

منذ بداية الجائحة، تحول العديد من الشركات إلى العمل عن بُعد، وهو ما جعل بعض الشركات تدرك إمكانية تحقيق الإنتاجية دون الحاجة لوجود الموظفين في مكان واحد. لذا، أصبح من الضروري إعادة تخطيط المكاتب بشكل يتماشى مع البروتوكولات الصحية التي تضمن التباعد الاجتماعي. من الممكن أن يتطلب ذلك إجراء تغييرات في توزيع المكاتب أو زيادة المساحات بين العاملين. كما يمكن اعتماد التصميمات التي تسمح بتدفق هواء جيد في المساحات المغلقة، بالإضافة إلى تحسين التهوية في مكاتب العمل.

3. إدخال تقنيات العمل عن بُعد في بيئة المكتب

لم تكن أزمة كورونا مجرد أزمة صحية، بل كانت بمثابة اختبار لأدوات وتقنيات العمل عن بُعد. مع العودة إلى المكاتب، يمكن للمؤسسات أن تستفيد من الدروس المستفادة خلال فترة العمل عن بُعد. يمكن دمج تقنيات مثل الاجتماعات الافتراضية عبر الإنترنت وأدوات التعاون الرقمية بشكل مستمر في بيئة العمل التقليدية. وهذا يمكن أن يساعد في تحقيق التوازن بين العمل في المكتب والعمل عن بُعد، وبالتالي منح الموظفين مرونة أكبر في كيفية العمل.

4. إعداد بروتوكولات صحية صارمة

يجب أن تكون العودة إلى المكتب مصحوبة بإجراءات صحية وقائية صارمة تهدف إلى حماية جميع العاملين. تشمل هذه البروتوكولات:

• التعقيم المنتظم: يجب تخصيص فرق عمل لإجراء عمليات التنظيف والتعقيم في الأماكن التي يتردد عليها الموظفون بشكل متكرر، مثل المكاتب، الأبواب، والمراحيض.

• مراقبة درجات الحرارة: توفير أجهزة لقياس درجة الحرارة عند دخول الموظفين للمكتب.

• التباعد الاجتماعي: وضع علامات واضحة على الأرض لتوجيه الموظفين حول المسافات الآمنة التي يجب الحفاظ عليها أثناء التنقل داخل المكتب.

• إجراءات العزل في حال ظهور أعراض: وضع خطة طوارئ لتعامل الموظفين الذين تظهر عليهم أعراض المرض مثل الحمى أو السعال، بما في ذلك عزلهم عن باقي الموظفين وإعطائهم الإرشادات اللازمة للعزل المنزلي.

5. المرونة في ساعات العمل وتنظيم الحضور

من أبرز الدروس المستفادة من أزمة كورونا هي أهمية المرونة في العمل. لذلك، من المهم أن تضع الشركات نظاماً مرناً للعمل في المكتب يسمح للموظفين بالتنقل بشكل أقل ازدحامًا، ويشمل ذلك:

• توزيع ساعات العمل: السماح للموظفين بالقدوم إلى المكتب في أوقات مختلفة لتقليل التكدس.

• العمل بنظام التناوب: قد يكون من المفيد أن يعتمد بعض الموظفين العمل من المكتب وأخرى من المنزل، بحيث لا يتواجد الجميع في المكتب في نفس الوقت.

6. دعم الصحة النفسية للموظفين

تعد الصحة النفسية أحد الجوانب الأكثر تأثراً بسبب أزمة كورونا. فقد مر العديد من الموظفين بفترات من العزلة، التوتر، والمخاوف بشأن صحتهم وأسرهم. ومع العودة إلى المكتب، يجب أن تركز الشركات على دعم الصحة النفسية لموظفيها، من خلال:

• برامج الدعم النفسي: توفير جلسات استشارية نفسية لمساعدة الموظفين في التكيف مع ضغوط العودة إلى العمل.

• التوعية والتدريب: تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية حول كيفية التعامل مع ضغوط الحياة والعمل في هذه الظروف الاستثنائية.

• تشجيع التوازن بين الحياة الشخصية والعمل: تذكير الموظفين بأهمية تحديد حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية.

7. التواصل الشفاف والمستمر مع الموظفين

لا تقتصر العودة إلى المكتب على إعادة الموظفين إلى مكان عملهم فقط، بل تشمل بناء علاقة ثقة بين الإدارة والعاملين. من المهم أن تكون الشركات شفافة في تواصلها مع الموظفين حول الإجراءات الجديدة التي تم اتخاذها لضمان صحتهم وسلامتهم. ينبغي أن توضح الإدارة بوضوح ما هي التدابير المتخذة لحمايتهم، وكيفية التكيف مع الوضع الجديد. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم الاستماع إلى مخاوف الموظفين ومقترحاتهم بشكل مستمر.

8. الاستثمار في التقنيات الحديثة

إلى جانب تكامل أدوات العمل عن بُعد، من المهم أن تستثمر الشركات في تقنيات حديثة لضمان سلامة بيئة العمل. على سبيل المثال:

• أنظمة تتبع الحركة: يمكن استخدام تقنيات مراقبة الحركة للحفاظ على التباعد الاجتماعي داخل المكاتب.

• الأنظمة الذكية لإدارة المساحات: تعتمد بعض الشركات على برامج لمراقبة توزيع الموظفين داخل المكاتب، وبالتالي يمكن تعديل المساحات حسب الحاجة.

9. تشجيع الموظفين على التطعيم

لضمان صحة بيئة العمل، يجب أن تشجع المؤسسات موظفيها على تلقي اللقاح ضد فيروس كورونا. في حال كان ذلك متاحًا، يمكن أن توفر الشركات تسهيلات للموظفين للحصول على اللقاح، مثل منحهم إجازات خاصة أو السماح لهم بالحصول على اللقاح في أوقات العمل المناسبة. من الضروري أن تعمل الشركات على نشر الوعي حول أهمية اللقاح والرد على أي مخاوف قد يكون لدى الموظفين بشأنه.

10. التخطيط للمرحلة المستقبلية

من المهم أن تنظر الشركات إلى المستقبل بعد العودة إلى العمل المكتبي. إذ يجب وضع خطط طويلة المدى لمواصلة العمل مع الحفاظ على الصحة العامة، بما في ذلك تقييم فعالية الإجراءات المتبعة في مواجهة التحديات الصحية المستمرة. قد يتضمن ذلك تقويم بيئة العمل بعد أشهر من العودة ودراسة مدى تأثير هذه الإجراءات على الإنتاجية والروح المعنوية للموظفين.

الخاتمة

تتطلب العودة إلى العمل المكتبي بعد أزمة كورونا تخطيطًا دقيقًا ومراعاة لعدد من الجوانب الصحية والنفسية والاجتماعية. من خلال اعتماد استراتيجيات مرنة وآمنة، يمكن للمؤسسات استعادة نشاطها وتحقيق توازن بين الأمان والإنتاجية. إن التحول إلى بيئة عمل صحية وآمنة يتطلب تضافر الجهود بين الإدارات والموظفين، والعمل المستمر على تحسين الأساليب المتبعة لمواكبة المتغيرات العالمية والمحلية.