حيوانات مهددة بالانقراض في البحرين
تعد البحرين واحدة من الدول العربية الصغيرة التي تتمتع بتنوع بيئي غني، إلا أن هذا التنوع يواجه العديد من التحديات بسبب الأنشطة البشرية والتغيرات المناخية التي تؤثر بشكل ملحوظ على النظام البيئي في المملكة. من بين هذه التحديات، تبرز مشكلة انقراض العديد من الأنواع الحيوانية التي كانت في يوم من الأيام جزءًا لا يتجزأ من التنوع البيولوجي للبحرين. يشهد العديد من هذه الأنواع تدهورًا مستمرًا بسبب فقدان المواطن الطبيعية، والتلوث، والصيد غير المستدام، فضلاً عن تغيرات المناخ. في هذا المقال، سنتناول بعضًا من أبرز الحيوانات المهددة بالانقراض في البحرين وأسباب تهديدها، بالإضافة إلى الجهود المبذولة للمحافظة عليها.
1. السلحفاة البحرية (السلحفاة الخضراء و السلحفاة الصقرية)
تعد السلاحف البحرية من الكائنات التي تمثل جزءًا مهمًا من النظام البيئي البحري في البحرين. تتواجد أنواع متعددة من السلاحف في مياه البحرين، من بينها السلحفاة الخضراء (Chelonia mydas) والسلحفاة الصقرية (Eretmochelys imbricata). ومع ذلك، فإن هذه الكائنات تواجه تهديدات خطيرة، حيث تعتبر مهددة بالانقراض في البحرين بسبب الصيد الجائر، والتلوث البحري، وتدمير مواقع التعشيش.
تقوم السلاحف البحرية بالهجرة لمسافات طويلة عبر المحيطات لتصل إلى السواحل الرملية في البحرين لتضع بيضها. ولكن مع زيادة النشاط البشري على السواحل، مثل التوسع العمراني واستخدام الشواطئ للأنشطة السياحية، أصبح من الصعب العثور على أماكن آمنة لوضع البيض. كما أن الصيد غير المشروع للسلحفاة البحرية، سواء للاستفادة من لحومها أو قوقعتها، يشكل تهديدًا آخر لهذه الأنواع.
2. الذئب العربي
يعتبر الذئب العربي (Canis lupus arabs) من الأنواع المهددة بالانقراض في البحرين. هذا النوع من الذئاب يتمتع بحجم أصغر مقارنة بأنواع الذئاب الأخرى، وهو يتواجد في بعض المناطق النائية في الجزيرة. يتميز الذئب العربي بقدرته على التكيف مع البيئة الصحراوية القاسية، ولكن مع تقلص الموائل الطبيعية بسبب التوسع العمراني، أصبح من الصعب للذئاب أن تجد بيئة مناسبة للعيش.
من بين العوامل التي تساهم في انقراض الذئب العربي، تأتي الصيد غير المشروع، فقد اعتاد العديد من سكان البحرين على صيد هذا الحيوان بسبب سمعته السيئة واعتقادات غير صحيحة حول تأثيره على الثروة الحيوانية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تغيرات المناخ تؤثر بشكل كبير على النباتات والحيوانات التي يعتمد عليها الذئب في غذائه.
3. الغزال العربي (غزال الرمال)
يعتبر الغزال العربي (Gazella arabica)، الذي يُعرف أيضًا باسم غزال الرمال، من الأنواع التي كانت تنتشر في معظم أنحاء البحرين في الماضي. ومع ذلك، فإن الأنشطة البشرية مثل الصيد المكثف، وتدمير المواطن الطبيعية، والتوسع العمراني، أدت إلى انخفاض كبير في أعداد هذا الغزال في البحرين. يُعد غزال الرمال من الأنواع التي تعيش في المناطق الصحراوية الواسعة والتي تعاني الآن من نقص في الأراضي المفتوحة التي يوفرها النظام البيئي المحلي.
تُهدد هذه الحيوانات بشكل كبير من قِبل الصيد الجائر بسبب قيمتها الاقتصادية في تجارة اللحوم والجلود. بالإضافة إلى ذلك، تتأثر هذه الغزلان بزيادة حركة المرور في المناطق الصحراوية وتدمير المواطن الطبيعية بسبب المشاريع العمرانية والتنموية.
4. السمك المرجاني
تعد الشعاب المرجانية من الأنظمة البيئية الأكثر تنوعًا في البحرين، إلا أن هذه الكائنات البحرية المهددة بالانقراض تواجه تهديدات عدة. مع ارتفاع درجات حرارة البحر نتيجة للتغيرات المناخية، تعرضت الشعاب المرجانية في البحرين للتدهور بشكل كبير. كما أن الصيد غير المستدام، واستخدام تقنيات الصيد المدمرة مثل التفجير، أدت إلى تدمير هذه الأنظمة البيئية الهشة.
إن تدهور الشعاب المرجانية يؤثر بشكل غير مباشر على العديد من الأنواع البحرية الأخرى، بما في ذلك الأسماك واللافقاريات البحرية التي تعتمد على الشعاب المرجانية كمأوى وكمصدر غذاء. إن انخفاض أعداد الشعاب المرجانية يهدد التوازن البيئي في البحرين ويقلل من التنوع البيولوجي البحري.
5. العقاب النساري (هاربياس)
العقاب النساري هو أحد أنواع الطيور الجارحة التي تُعد من الأنواع المهددة بالانقراض في البحرين. على الرغم من أن هذه الطيور قد تكون موجودة في بعض المناطق النائية، إلا أن تدمير موائلها وافتراسها من قبل البشر وتدهور بيئتها الطبيعية جعلها على وشك الانقراض. يعتمد العقاب النساري على الارتفاعات الصخرية والغابات الضحلة كمناطق تعشيش، وهذه الأنواع في البحرين مهددة بسبب تدمير هذه البيئات.
تُعتبر المناطق الساحلية والجزر الصغيرة في البحرين موطنًا لهذا النوع من الطيور الجارحة، ولكن النشاط البشري مثل التوسع العمراني وتلوث البيئة يعد من العوامل الرئيسية التي تؤثر سلبًا على أعداد هذه الطيور. بالإضافة إلى ذلك، فإن الصيد الجائر للطير وبيضه يعرضه لخطر الانقراض.
6. النعام العربي
كان النعام العربي (Struthio camelus syriacus) ينتشر في البحرين بشكل واسع في الماضي، لكن خلال العقود الماضية، انخفضت أعداد هذا الطائر الضخم بسبب الصيد الجائر وتدمير بيئته الطبيعية. يعتبر النعام العربي من الطيور التي لا تطير ويعيش في المناطق الصحراوية المفتوحة، مما يجعله عرضة للتهديدات من الأنشطة البشرية مثل الصيد المكثف والتوسع العمراني.
بالإضافة إلى ذلك، فإن النعام العربي يعاني من انخفاض أعداد الغطاء النباتي في بيئته الصحراوية، مما يؤثر على غذائه وتكاثره. وتعمل العديد من المبادرات الدولية والمحلية على حماية هذه الأنواع وإعادة تأهيلها، لكن التحديات التي تواجهها ما تزال كبيرة.
جهود البحرين في المحافظة على الحياة البرية
على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها الحيوانات المهددة بالانقراض في البحرين، إلا أن هناك العديد من الجهود المبذولة لحماية هذه الأنواع والحفاظ عليها. في السنوات الأخيرة، قامت الحكومة البحرينية بتخصيص بعض المحميات الطبيعية التي تهدف إلى توفير بيئات آمنة للحيوانات البرية. كما تعمل المؤسسات البيئية المحلية مع المنظمات الدولية للمساعدة في حماية الأنواع المهددة بالانقراض.
كما تم إطلاق مشاريع توعية عامة لتعليم المواطنين والمقيمين أهمية الحفاظ على الحياة البرية في البحرين، وتقديم دعم للبحوث العلمية التي تساعد في فهم أفضل للتنوع البيولوجي في المملكة.
تستمر البحرين في اتخاذ خطوات مهمة نحو حماية هذه الأنواع الحيوانية المهددة، ولكن الطريق ما يزال طويلًا ويحتاج إلى المزيد من التعاون المحلي والدولي لحماية البيئة وضمان مستقبل مستدام للحياة البرية في المملكة.
