5 حيل من باربرا كوركوران للحفاظ على إنتاجية فريقها عند العمل من المنزل

في عالم يتغير بوتيرة متسارعة، ومع التحولات الكبيرة التي طرأت على طبيعة العمل بعد الجائحة العالمية، أصبح العمل عن بُعد واقعًا جديدًا لا يمكن تجاهله. وبينما تبنّت العديد من الشركات هذا النموذج من العمل، برز تحدٍ رئيسي: كيف يمكن الحفاظ على إنتاجية الفرق العاملة عن بُعد بنفس كفاءة العمل داخل المكاتب التقليدية؟

من بين الشخصيات الريادية التي لم تكتفِ فقط بالتأقلم مع هذا التغيير، بل استطاعت توجيهه لصالحها، تبرز باربرا كوركوران، سيدة الأعمال الشهيرة والمستثمرة المخضرمة في برنامج Shark Tank. فبفضل خبرتها التي تمتد لعقود في عالم العقارات وإدارة الفرق، طوّرت باربرا مجموعة من الحيل والاستراتيجيات الذكية التي ضمنت بقاء فريقها في أعلى مستويات التركيز والإنتاج، حتى وهم يعملون من منازلهم.

هذا المقال يستعرض خمس حيل فعالة استخدمتها باربرا كوركوران للحفاظ على إنتاجية فرقها عند العمل من المنزل، مدعومة بشرح موسّع لتأثير كل حيلة، وكيفية تطبيقها في بيئات العمل المختلفة.

1. اعتماد اجتماعات الصباح القصيرة كنقطة انطلاق يومية

أدركت باربرا كوركوران أن أحد أخطر التهديدات للعمل عن بعد هو انعدام الهيكل الزمني الذي يفرضه الحضور المكتبي. فغالبًا ما يؤدي غياب الروتين إلى فقدان الموظفين للتركيز وبدء يومهم بفوضوية.

للتغلب على ذلك، قامت باربرا بتطبيق نظام “اجتماع الصباح القصير” الذي لا يتجاوز 10 دقائق، ويُعقد بشكل يومي عند الساعة 9 صباحًا. يتم خلال هذا الاجتماع السريع تلخيص المهام، مراجعة التقدم، والتأكيد على الأهداف اليومية لكل موظف.

هذا النوع من الاجتماعات، المعروف أيضًا باسم Stand-up Meetings، ليس مجرد تواصل إداري، بل يُستخدم كوسيلة لبناء العادة وتحفيز العقل على الدخول في حالة إنتاجية عالية منذ بداية اليوم. وتشير دراسات إلى أن هذا النمط من الاجتماعات يحسّن من التعاون بنسبة 25% ويقلل من الشعور بالانعزال الوظيفي بنسبة كبيرة.

جدول يوضح مقارنة بين فرق العمل التي تطبق الاجتماعات اليومية مقابل تلك التي لا تطبقها:

2. تحفيز الموظفين بمكافآت مفاجئة وغير تقليدية

من المبادئ التي تؤمن بها باربرا كوركوران بقوة هي أن التحفيز لا يجب أن يكون دائمًا ماليًا أو متوقعًا. في بيئة العمل عن بُعد، حيث يغيب التفاعل البشري المباشر، ترى باربرا أن عنصر المفاجأة يلعب دورًا محوريًا في كسر الروتين وبث الحماسة.

على سبيل المثال، كانت تقوم بإرسال وجبات فاخرة إلى منازل الموظفين الذين يحققون أداءً مميزًا، أو تتيح لهم قسائم لمنتجات يرغبون بها، أو حتى إجازة إضافية ليوم مفاجئ. هذه المبادرات الصغيرة، رغم بساطتها، كان لها أثر نفسي كبير. فقد شعر الموظفون بأن جهدهم يُلاحظ ويُقدّر، مما رفع من دافعيتهم الذاتية للعمل بجودة أعلى.

تؤكد الأبحاث النفسية الحديثة أن المكافآت المفاجئة تُفعّل مركز المكافأة في الدماغ (Dopaminergic System) بصورة أكبر من المكافآت المتوقعة، مما يعزز الشعور بالرضا ويرفع مستوى الطاقة الإنتاجية.

3. تحويل المنزل إلى بيئة عمل فعالة

بينما يعاني الكثير من الموظفين من مشاكل في التركيز بسبب البيئة المنزلية غير المهيئة للعمل، أدركت باربرا أن توفير معدات العمل المهنية ليس ترفًا، بل ضرورة. ولهذا السبب، خصصت ميزانية لدعم أعضاء فريقها بمكاتب صغيرة، كراسي مريحة، شاشات إضافية، وحتى خدمات الإنترنت العالية الجودة.

لكن الأهم من ذلك، أنها عقدت جلسات توعية حول كيفية خلق مساحة ذهنية للعمل داخل المنزل. فشجّعت الموظفين على تحديد زاوية في المنزل تكون مخصصة فقط للعمل، تُستخدم في نفس الأوقات يوميًا، وتُفصل قدر الإمكان عن الضوضاء والمشتتات.

وتشير نتائج البحوث في علم الأعصاب الإدراكي إلى أن تخصيص بيئة مكانية موحدة للعمل يساعد الدماغ على الدخول السريع في “وضع التركيز”، ويقلل من حالات الانقطاع الذهني أو التشتت.

4. الحفاظ على روح الفريق من خلال الأنشطة الاجتماعية الافتراضية

مع أن العمل من المنزل يحقق مزيدًا من الراحة للموظفين، إلا أن أحد آثاره الجانبية السلبية يتمثل في شعور الموظف بالعزلة وانقطاع الروابط الاجتماعية. وللتغلب على ذلك، ابتكرت باربرا سلسلة من الفعاليات الافتراضية الترفيهية التي تهدف إلى تعزيز الروابط الإنسانية بين أعضاء الفريق.

من بين تلك المبادرات:

• مسابقات افتراضية أسبوعية (Trivia)

• جلسات احتفال شهرية عبر الفيديو

• “ساعة قهوة افتراضية” دون نقاشات العمل

• عرض هوايات الموظفين وتبادل القصص

كل هذه الأنشطة صُمّمت لخلق بيئة يشعر فيها الأفراد بأنهم جزء من كيان جماعي حي ومترابط. ومن خلال الحفاظ على هذا البُعد الاجتماعي، تقل نسب الاحتراق الوظيفي وتزيد معدلات الولاء المؤسسي.

5. بناء ثقافة الثقة والمرونة بدلًا من المراقبة المستمرة

في الوقت الذي تلجأ فيه العديد من الشركات إلى فرض برامج لمراقبة الموظفين عن بُعد، تؤمن باربرا بأن الثقة هي مفتاح الإنتاجية المستدامة. ولذلك، قررت اعتماد أسلوب “الإدارة بالنتائج” بدلاً من “الإدارة بالوقت”.

بمعنى آخر، لا يهم إن كان الموظف يعمل من التاسعة صباحًا حتى الخامسة مساءً، بل ما يهم هو جودة ما يُنجز، ومدى تحقيق الأهداف المحددة. وقد تم تدريب القادة في مؤسستها على متابعة المهام من خلال أنظمة إدارة المشاريع مثل Trello وAsana، دون تدخل مباشر أو مراقبة مفرطة.

هذا الأسلوب منح الموظفين شعورًا بالاستقلالية، ورفع من مستوى التزامهم الذاتي. فكما تُظهر الدراسات في علم النفس التنظيمي، فإن ثقافة الثقة داخل الفرق تؤدي إلى تحفيز داخلي أعلى، وتُقلّل من التوتر والضغوط النفسية المصاحبة للعمل المراقَب.

الخلاصة: مزيج من الذكاء العاطفي والاحترافية الإدارية

تُظهر تجربة باربرا كوركوران أن الحفاظ على إنتاجية الفريق عند العمل عن بُعد لا يعتمد فقط على أدوات التكنولوجيا أو مراقبة الأداء، بل يعتمد بالأساس على الذكاء العاطفي في القيادة، وفهم احتياجات الفريق النفسية والاجتماعية.

إن ما يميز استراتيجياتها هو أنها تدمج بين:

• الهيكلة الزمنية (من خلال الاجتماعات اليومية)

• التحفيز العاطفي (عبر المكافآت غير المتوقعة)

• الاهتمام بالتفاصيل البيئية (تحسين ظروف العمل المنزلي)

• الروابط الإنسانية (من خلال الأنشطة الاجتماعية)

• الثقة والمرونة (بتطبيق نهج الإدارة بالنتائج)

هذا النموذج المتكامل لا يعزز فقط الإنتاجية، بل يخلق بيئة عمل صحية ومستدامة، يمكنها التكيّف مع تحولات المستقبل دون أن تفقد جوهرها الإنساني.

المصادر:

1. Harvard Business Review – “What Great Remote Managers Do Differently”

2. Forbes – “Barbara Corcoran’s Top Tips For Remote Work Success”