حليب الصويا وتأثيره على الدورة

هل يضر شرب حليب الصويا وقت الدورة؟

تعد الدورة الشهرية من الأمور الطبيعية التي تمر بها النساء بشكل دوري، وهي فترة تتسم بتغيرات هرمونية وفسيولوجية تؤثر على الجسم بشكل عام. أحد الأسئلة التي تثير الجدل بين العديد من النساء هو ما إذا كان شرب حليب الصويا خلال فترة الدورة الشهرية يسبب ضرراً للصحة. يتساءل البعض حول تأثير هذا المشروب النباتي على الهرمونات وعلى سير الدورة الشهرية نفسها. في هذا المقال، سنتناول هذا الموضوع بشكل موسع، مستعرضين المعلومات العلمية المتوفرة حول العلاقة بين حليب الصويا والدورة الشهرية، مع التركيز على الجوانب الصحية المحتملة والمخاوف التي قد تراود البعض في هذا الصدد.

1. ما هو حليب الصويا؟

حليب الصويا هو مشروب نباتي يتم استخراجه من حبوب الصويا، ويعد بديلاً عن الحليب التقليدي في العديد من الأنظمة الغذائية. يتميز حليب الصويا بمحتوى غني بالبروتينات والأحماض الدهنية غير المشبعة، فضلاً عن كونه خاليًا من اللاكتوز، مما يجعله خياراً مناسباً للأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل اللاكتوز. يحتوي حليب الصويا أيضًا على مجموعة من الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين B12 والكالسيوم، مما يجعله مصدرًا مغذيًا.

2. تأثير حليب الصويا على الهرمونات الأنثوية

أحد الموضوعات المثارة حول حليب الصويا هو تأثيره على الهرمونات الأنثوية، خاصة في فترة الدورة الشهرية. يحتوي حليب الصويا على مركبات تعرف بالـ”إيزوفلافونات” (Isoflavones)، وهي مركبات شبيهة بهرمون الإستروجين، وهو الهرمون الأنثوي الأساسي الذي ينظم العديد من وظائف الجسم، بما في ذلك الدورة الشهرية.

الإيزوفلافونات هي نوع من الفلافونويدات، وهي مجموعة من المركبات النباتية التي توجد في العديد من الأطعمة النباتية، لكن بكميات أكبر في حليب الصويا. تمتلك الإيزوفلافونات قدرة على الارتباط بمستقبلات الإستروجين في الجسم، مما يمكن أن يؤدي إلى تأثير مشابه لتأثير الإستروجين، ولكن بشكل أضعف. يُعتقد أن هذا التأثير يمكن أن يؤثر على الجسم في عدة طرق، سواء بشكل إيجابي أو سلبي.

3. تأثير حليب الصويا على الدورة الشهرية

تعد الدورة الشهرية عملية معقدة تتأثر بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية، مثل النظام الغذائي ومستوى التوتر والتمارين الرياضية. بالنسبة للنساء اللاتي يستهلكن حليب الصويا بشكل منتظم، قد تكون هناك تأثيرات معينة على الدورة الشهرية. ومن بين هذه التأثيرات:

أ. تقليل أعراض متلازمة ما قبل الدورة الشهرية (PMS)

أظهرت بعض الدراسات أن استهلاك الأطعمة الغنية بالإيزوفلافونات، مثل حليب الصويا، قد يساعد في تقليل بعض الأعراض المرتبطة بمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية (PMS). تشير الأبحاث إلى أن الإيزوفلافونات يمكن أن تؤثر على مستويات الإستروجين في الجسم وتساعد في تقليل أعراض مثل الانتفاخ، والاكتئاب، وتقلب المزاج. ولكن، هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات لفهم مدى فعالية هذه التأثيرات بشكل كامل.

ب. تأثير على تدفق الدم

من ناحية أخرى، تشير بعض الأبحاث إلى أن تأثير حليب الصويا على الإستروجين قد يكون له تأثير على تدفق الدم أثناء الدورة الشهرية. بسبب تأثير الإيزوفلافونات، قد تحدث تغيرات في توازن الهرمونات قد تؤثر على انتظام الدورة الشهرية في بعض النساء. في حالات نادرة، قد يعاني البعض من تغيرات في كمية أو مدة النزيف.

ج. التأثير على الألم المرافق للدورة الشهرية

تظهر بعض الدراسات التي تناولت تأثير حليب الصويا على الدورة الشهرية نتائج متباينة في ما يتعلق بتخفيف الألم المرافق للدورة الشهرية. بينما أفادت بعض الدراسات بأن تناول حليب الصويا قد يساعد في تخفيف بعض الآلام الناتجة عن التقلصات الرحمية، إلا أن الدراسات الأخرى لم تجد فروقاً ملحوظة في هذا الصدد. يعتقد العلماء أن هذا التأثير قد يعتمد على استجابة الجسم الفردية وعلى الكميات المستهلكة من حليب الصويا.

4. الآثار الجانبية المحتملة لاستهلاك حليب الصويا أثناء الدورة الشهرية

على الرغم من الفوائد المحتملة لحليب الصويا، إلا أنه قد يتسبب في بعض الآثار الجانبية لبعض النساء أثناء الدورة الشهرية، خاصة لأولئك اللاتي يعانين من مشاكل هرمونية معينة. من بين هذه الآثار الجانبية المحتملة:

أ. التأثير على توازن الهرمونات

بسبب محتوى الإيزوفلافونات في حليب الصويا، قد يؤدي استهلاكه إلى التأثير على توازن الهرمونات الأنثوية، خاصة لدى النساء اللاتي يعانين من اضطرابات هرمونية. في بعض الحالات، قد يسبب تناول كميات كبيرة من حليب الصويا في زيادة تأثير الإستروجين في الجسم، مما قد يؤدي إلى تفاقم بعض الحالات الصحية مثل اضطرابات الدورة الشهرية أو تكيسات المبايض.

ب. الحساسية للصويا

تعتبر الحساسية للصويا من الحالات الصحية التي قد تؤثر على بعض الأشخاص. وقد يعاني الأفراد الذين يعانون من حساسية تجاه الصويا من أعراض مثل الطفح الجلدي، أو تورم في الفم والحلق، أو صعوبة في التنفس. في حالة وجود حساسية للصويا، يجب تجنب تناول حليب الصويا تمامًا، سواء كان ذلك أثناء الدورة الشهرية أو في أي وقت آخر.

ج. التأثير على مستويات الهرمونات لدى النساء في مرحلة انقطاع الطمث

بالنسبة للنساء في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث أو انقطاع الطمث، قد يؤدي تناول حليب الصويا بشكل مستمر إلى التأثير على مستويات الهرمونات الخاصة بهن. على الرغم من أن الإيزوفلافونات في حليب الصويا قد تساعد في التخفيف من أعراض انقطاع الطمث، مثل الهبات الساخنة، إلا أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أنه قد يكون له تأثير في زيادة أو تقليل مستويات الإستروجين بشكل غير متوازن، مما قد يؤدي إلى تأثيرات غير مرغوبة.

5. دراسات علمية حول تأثير حليب الصويا والدورة الشهرية

تشير بعض الدراسات إلى أن حليب الصويا قد يكون له تأثير إيجابي على الدورة الشهرية لدى بعض النساء. على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجريت عام 2009 أن استهلاك حليب الصويا قد يساعد في تقليل الأعراض المرتبطة بمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية، مثل الانتفاخ والألم. كما أظهرت دراسة أخرى أن استهلاك حليب الصويا قد يساعد في تقليل آلام الحيض، خاصة لدى النساء اللواتي يعانين من آلام شديدة.

من ناحية أخرى، أظهرت بعض الدراسات الأخرى أنه لا يوجد تأثير ملموس لحليب الصويا على تحسين الأعراض المرتبطة بالدورة الشهرية أو على تقليل الألم. هذا يشير إلى أن تأثير حليب الصويا قد يختلف بشكل كبير بين الأفراد بناءً على مجموعة من العوامل مثل النظام الغذائي العام، ومستوى النشاط البدني، والتاريخ الصحي الشخصي.

6. نصائح لاستهلاك حليب الصويا أثناء الدورة الشهرية

• الاعتدال في الاستهلاك: كأي طعام أو شراب آخر، من الأفضل تناول حليب الصويا باعتدال. الاستهلاك المعتدل يمكن أن يقلل من احتمالية التأثيرات السلبية المحتملة.

• الاختيار الأنسب: من الأفضل اختيار حليب الصويا المدعّم بالكالسيوم وفيتامين D إذا كنت تبحث عن فوائد إضافية لصحة العظام.

• التنوع في النظام الغذائي: من الجيد التنويع في مصادر البروتينات والمواد الغذائية الأخرى خلال الدورة الشهرية، لضمان الحصول على جميع العناصر الغذائية اللازمة.

• استشارة الطبيب: إذا كنتِ تعانين من اضطرابات هرمونية أو مشاكل صحية معينة، يُفضل استشارة الطبيب قبل إضافة حليب الصويا إلى نظامك الغذائي أثناء الدورة الشهرية.

7. الخلاصة

يمكن القول أن شرب حليب الصويا خلال فترة الدورة الشهرية ليس ضارًا بشكل عام، إلا أن التأثيرات الصحية قد تختلف من شخص لآخر. بعض النساء قد يشعرن بفوائد مثل تقليل الأعراض المرتبطة بمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية، بينما قد يعاني البعض الآخر من تأثيرات سلبية على مستوى الهرمونات أو تدفق الدم. من المهم دائمًا استهلاك حليب الصويا باعتدال والحرص على مراقبة الاستجابة الفردية للجسم، مع استشارة الطبيب في حال وجود أي مشكلات صحية مرتبطة بالدورة الشهرية أو الهرمونات.