حلقات الجس والمقاطعات في المعالج

الأحداث غير المتزامنة: حلقات الجس Polling Loops والمقاطعات Interrupts في المعالج

في عالم الحوسبة والأجهزة الإلكترونية، تتعامل الأنظمة مع مجموعة متنوعة من الأحداث، بعضها يحدث بشكل متزامن مع تنفيذ المهام، بينما البعض الآخر يحدث في أوقات غير متوقعة ولا يمكن التنبؤ بها. ومن بين هذه الأحداث غير المتزامنة، يبرز مفهوم حلقات الجس Polling Loops و المقاطعات Interrupts كآليتين أساسيتين في إدارة هذه الأحداث. يعكف المعالج على استخدام هذه الأساليب لتنظيم كيفية استجابة النظام للأحداث التي تحدث بشكل غير متزامن.

ما هو الحدث غير المتزامن؟

الحدث غير المتزامن هو أي حدث يحدث بشكل مستقل عن دورة العمل الرئيسية للمعالج. على سبيل المثال، عندما يتم الضغط على زر في جهاز إدخال أو عندما يتلقى النظام إشارة من جهاز خارجي، يتعين على النظام التعامل مع هذه الإشارة دون إيقاف سير عمله الحالي. لكن كيفية التعامل مع هذه الأحداث غير المتزامنة يمكن أن تختلف بناءً على التكنولوجيا أو الأسلوب المستخدم.

حلقات الجس Polling Loops

حلقات الجس (Polling Loops) هي أسلوب تقليدي في التعامل مع الأحداث غير المتزامنة. في هذا الأسلوب، يقوم المعالج بشكل دوري بفحص حالة الأجهزة أو المصادر الخارجية لملاحظة ما إذا كانت هناك أي أحداث جديدة تتطلب معالجة. وفي هذا النوع من المعالجة، يقوم المعالج باستمرار بالتحقق من حالة الأجهزة المدخلة أو المستشعرات لمعرفة إذا ما كان هناك حدث غير متزامن يحدث.

كيف تعمل حلقات الجس؟

في النظام الذي يستخدم حلقات الجس، يقوم المعالج بتنفيذ ما يُسمى “حلقة الجس”. تتضمن هذه الحلقة فحصًا دوريًا للمصادر الخارجية مثل الأزرار أو أجهزة الإدخال الأخرى. على سبيل المثال، إذا كان النظام ينتظر من المستخدم ضغط زر، فسيقوم المعالج في كل مرة بإجراء تحقق بسيط لمعرفة ما إذا تم الضغط على الزر. إذا كانت الإجابة “نعم”، سيتم معالجة الحدث، وإذا لم يكن هناك حدث، سيستمر المعالج في التحقق.

العملية ككل تشبه إلى حد كبير البحث المتكرر في فترات زمنية قصيرة جداً لتحديد ما إذا كانت هناك أحداث جديدة تستحق الاهتمام. يتطلب هذا النوع من الأساليب إهدار بعض من وقت المعالج، لأنه لا يستطيع تنفيذ أعمال أخرى بكفاءة أثناء التحقق من هذه الأحداث غير المتزامنة.

مزايا حلقات الجس:

• بسيطة وسهلة التنفيذ: حلقات الجس هي أسلوب بسيط لا يتطلب بنية معقدة أو تخصيص كبير من قبل المعالج.

• قابلية الفهم: بما أن الفكرة تقتصر على فحص حالة الجهاز بشكل دوري، فهي أسلوب سهل الفهم والتطبيق.

عيوب حلقات الجس:

• إهدار الموارد: نظرًا لأن المعالج يتحقق باستمرار من الأجهزة، فإن هذا قد يؤدي إلى استهلاك الموارد والوقت بشكل غير فعال.

• استجابة بطيئة: في بعض الحالات، قد تتأخر الاستجابة لأن المعالج قد يكون مشغولاً بفحص شيء آخر في لحظة الحدث.

• غير مثالي في الأنظمة ذات المتطلبات الزمنية الصارمة: إذا كانت هناك حاجة للاستجابة السريعة والفورية للأحداث، فقد تكون حلقات الجس غير فعالة.

المقاطعات Interrupts

في المقابل، المقاطعات هي طريقة متقدمة وأكثر كفاءة في التعامل مع الأحداث غير المتزامنة. بدلًا من أن يقوم المعالج بفحص حالة الأحداث بشكل دوري، تقوم المقاطعة بإيقاف المعالج عن تنفيذ برنامجه المعتاد عندما يحدث حدث غير متزامن، مما يسمح له بمعالجة الحدث في اللحظة التي يحدث فيها. يتم إيقاف المعالج من قبل إشارة المقاطعة التي يرسلها جهاز خارجي أو وحدة داخلية أخرى، ويقوم المعالج بعد ذلك بتوجيه اهتمامه إلى الحدث.

كيف تعمل المقاطعات؟

عندما يحدث حدث غير متزامن، يتم إرسال إشارة إلى المعالج تُسمى إشارة المقاطعة. تُشير هذه الإشارة إلى المعالج ليوقف ما يقوم به حاليًا وينتقل إلى معالجة الحدث المحدث. بمجرد معالجة المقاطعة، يعود المعالج إلى عمله الأصلي كما كان من قبل. يمكن أن تأتي المقاطعة من جهاز خارجي مثل لوحة المفاتيح أو من مكونات داخلية مثل توقيت النظام.

هذه الطريقة تسمح للمعالج بالتركيز على المهام الهامة فور حدوثها دون الحاجة إلى فحص دوري أو تكرار غير ضروري للبيانات.

مزايا المقاطعات:

• كفاءة عالية في استخدام الموارد: بما أن المعالج لا يضيع الوقت في فحص مستمر لحالة الأجهزة، فإنه يستخدم الموارد بشكل أكثر كفاءة.

• استجابة فورية للأحداث: عند حدوث الحدث، يتم تعليق المهمة الحالية على الفور وتتم معالجة الحدث.

• توفير في وقت المعالج: المعالج يمكنه التركيز على عمله الطبيعي حتى يتم إرسال المقاطعة، مما يحسن من الأداء العام.

عيوب المقاطعات:

• تعقيد أعلى في البرمجة: مقارنة بحلقات الجس، يمكن أن تكون المقاطعات أكثر تعقيدًا في البرمجة نظرًا لأنه يجب على المبرمج تخصيص آلية لمعالجة المقاطعات والتأكد من أن النظام يتعامل مع المقاطعات بشكل صحيح.

• زيادة في تعقيد النظام: المقاطعات قد تفرض تعقيدًا إضافيًا على النظام بسبب الحاجة إلى إدارة الأولويات والتعامل مع حالات تنازع المقاطعات.

• قد تؤدي إلى زيادة التحميل: في الأنظمة التي تعالج عددًا كبيرًا من المقاطعات في وقت واحد، قد يكون المعالج مثقلًا بسبب كثرة التبديلات بين المهام المختلفة.

المقارنة بين حلقات الجس والمقاطعات

متى يُفضل استخدام حلقات الجس؟

تُفضل حلقات الجس في الأنظمة البسيطة أو في الحالات التي لا تتطلب استجابة سريعة أو عندما يكون عدد الأحداث غير المتزامنة محدودًا. كما أنها تكون مفيدة في الأنظمة التي لا تحتاج إلى استخدام المعالج بشكل مستمر مثل الأجهزة ذات الموارد المحدودة.

متى يُفضل استخدام المقاطعات؟

تُفضل المقاطعات في الأنظمة التي تتطلب استجابة سريعة أو في الأنظمة ذات المتطلبات الزمنية الصارمة. كما أنها مثالية في الأنظمة التي تتعامل مع أجهزة متعددة أو أحداث معقدة تتطلب أنماطًا ديناميكية في المعالجة. مثلًا، في المعالجات المتقدمة التي تدير أجهزة مثل الأقراص الصلبة، لوحات المفاتيح، أو المستشعرات في أنظمة الوقت الحقيقي.

خلاصة

تُعد حلقات الجس Polling Loops و المقاطعات Interrupts أسلوبين مختلفين للتعامل مع الأحداث غير المتزامنة في الأنظمة الميكروية والمعالجات. ورغم أن كلاً منهما يهدف إلى تحسين استجابة المعالج لهذه الأحداث، إلا أن كلًا منهما له مزايا وعيوب. ففي الأنظمة التي تتطلب استجابة فورية وفعالة، تعتبر المقاطعات الخيار الأمثل. في حين أن حلقات الجس قد تكون مناسبة في التطبيقات البسيطة حيث تكون الموارد والوقت غير حاسمة.