حكم نبوية من حياة الرسول

حكم عن الرسول صلى الله عليه وسلم

الرسول صلى الله عليه وسلم هو أعظم البشر وأشرفهم، وُصف بالصدق والأمانة والحكمة والرحمة. تعتبر أقواله وحكمه التي صدرت عنه أثناء مسيرته النبوية مرجعية حية للمسلمين، تمثل منهجاً كاملاً في الحياة اليومية، بدءاً من السلوك الشخصي وصولاً إلى علاقات المجتمع والأمة. يعتبر الحديث النبوي الشريف مصدراً مهماً للإرشاد والتوجيه، ويعكس الحكمة الربانية التي أُوتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مختلف جوانب الحياة. في هذا المقال، نتناول العديد من الحكم النبوية التي تبرز جانباً من شخصية النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته الحكيمة التي لم تزل تؤثر في كل من يقرأها ويفهمها بصدق.

1. حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم في الصبر والتوكل

من أبرز ملامح شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، الصبر على الأذى والابتلاءات التي واجهها طوال حياته، سواء من قريش أو من غيرها من الأمم. رغم كل ما تعرض له من أذى جسدي ونفسي، ظل ثابتاً في رسالته، ولم يتنازل عن دعوته أو عن مبادئه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: “من صبر ظفر” (رواه البخاري). هذا الحديث يبين أهمية الصبر في تحقيق النجاح والفوز. كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا التوكل على الله بعد اتخاذ الأسباب، فقد كان يقول: “اعقلها وتوكل” (رواه الترمذي). يُظهر هذا التوجيه النبوي التوازن بين السعي والعمل وبين التوكل على الله تعالى.

2. العدالة والمساواة في تعامله مع الناس

من الحكم العظيمة التي تركها لنا النبي صلى الله عليه وسلم هي عدالته البالغة، حيث كان يعامل جميع الناس على قدم المساواة، بغض النظر عن طبقاتهم الاجتماعية أو أعراقهم. فقد جاء في الحديث الشريف: “لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى” (رواه مسلم). هذا الحديث يعبر عن المساواة التامة بين الناس ويؤكد أن التفاضل في الإسلام يكون فقط على أساس التقوى والعمل الصالح.

كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهر عدالته حتى في أصعب المواقف. فقد ورد عن عبدالله بن عباس أنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيم الحدود ولا يراعي في الحق أحداً” (رواه مسلم). وهذا يوضح مدى احترامه للعدالة والمساواة، وأنه كان يقدم الحق على كل شيء.

3. حكمته في التعامل مع الأعداء

أحد أبرز جوانب الحكمة النبوية كان تعامله مع أعدائه في الوقت الذي كان فيه المسلمون في مكة يعانون من ظلم قريش واضطهادها. ولكن رغم ذلك، كانت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم تركز على العفو والتسامح. فقد جاء في الحديث الشريف: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” (رواه البخاري). في هذا الحديث يظهر عمق التسامح الذي تجلى في تعامله مع من آذوه، حيث كان يعتز بالرحمة والرفق بدلاً من الانتقام.

ورغم مواقفه الرحيمة، لم يتهاون في حقوق الأمة الإسلامية وحقوق الله، بل كان يوجه المسلمين إلى الدفاع عن أنفسهم عندما تتعرض كرامتهم وأرواحهم للخطر. وهذا يظهر توازن الرسول صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الأعداء، فكان يوجههم بالصبر والرحمة عندما يكون ذلك مناسباً، وبالرد الحاسم في المواقف التي تستدعي ذلك.

4. حكمته في التعامل مع الأسرة والمجتمع

لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة في تعامله مع أسرته، فقد كان لا يقتصر اهتمامه على رسالته فحسب، بل كان يسعى لتحقيق المودة والرحمة في بيته. وقد وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قائلة: “كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج” (رواه البخاري). هذه المقولة توضح لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعمل جاهدًا لتلبية احتياجات أسرته دون أن ينسى أولوياته الدينية.

وعن معاملته لأطفاله، نجد أنه كان لطيفاً ورحيماً بهم، وكان يحبهم حباً شديداً. فقد ورد عنه قوله: “من لا يُحسن إلى صغاره لا يُحسن إلى كبارهم” (رواه الترمذي). وهذا الحديث يعكس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهتم بتربية الأجيال القادمة وتعليمهم القيم النبيلة منذ صغرهم.

5. حكمته في الاقتصاد والعدل المالي

كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في الاقتصاد وإدارة الموارد المالية، حيث كان ينفق مالاً في سبيل الله ولكن بحذر واهتمام. وقد جاء في الحديث الشريف: “ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد ما يغنيه” (رواه البخاري). يُظهر هذا الحديث النبوي الشريف كيفية اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالفقراء والمحتاجين، وحرصه على أن يتمتعوا بالعيش الكريم. كان يوجه المسلمين إلى تقديم الزكاة والصدقات للمحتاجين، ويحث على العطاء من أموالهم دون إفراط ولا تفريط.

6. حكمته في القيادة والتوجيه

من أبرز ملامح الحكمة النبوية هي قدرته العظيمة على القيادة، حيث كان صلى الله عليه وسلم يقود الأمة بمثابرة وحكمة. فقد كان يقيم العدالة بين الناس ويعطي كل ذي حق حقه، ويعطي الأولوية للسلام والإصلاح الاجتماعي. ومن أقواله في هذا السياق: “إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم” (رواه مسلم). وهذا يبرز أهمية تحقيق التوازن في القيادة، والتحلي بالحكمة والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.

7. حكمه في الرحمة والرأفة بالخلق

من أعظم صفات النبي صلى الله عليه وسلم كانت رحمته ورأفته بالخلق جميعهم، سواء كان ذلك مع المسلمين أو مع غيرهم. فقد كان يوصي بالعطف والرحمة، فقال صلى الله عليه وسلم: “من لا يُرحم لا يُرحم” (رواه مسلم). وقد عُرف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أرحم الناس بالمسلمين، وكان يبذل كل جهده لإيصال الخير لهم.

كما كان صلى الله عليه وسلم رحيماً بالحيوانات والبيئة. فقد كان يحث المسلمين على الإحسان إلى الحيوانات، وعدم تحميلها فوق طاقتها. وكان يوصي بالعناية بالطبيعة التي تعتبر جزءاً من حياة الإنسان.

8. حكمته في أهمية العلم والتعليم

كان النبي صلى الله عليه وسلم يدرك أهمية العلم والتعلم، وكان يُشجع على طلب العلم في كل وقت وفي كل مجال. فقد قال: “طلب العلم فريضة على كل مسلم” (رواه ابن ماجه). وهذا الحديث يُبين أهمية العلم في الإسلام، حيث يعكس رغبة النبي في أن يكون المسلمون في طليعة الأمم من حيث العلم والمعرفة.

كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يوجه الصحابة إلى التعلم والتفكر في خلق الله، ويحثهم على استخدام العلم في خدمة دينهم وأمتهم.

9. حكمته في العفو والتسامح

من أبرز الحكم التي تركها لنا النبي صلى الله عليه وسلم هو دعوته إلى العفو والتسامح. فقد كان صلى الله عليه وسلم يعفو عن من أساء إليه، ويصفح عن من أخطأ في حقه. وقد قال في هذا المعنى: “من لا يعفو لا يُعفى” (رواه مسلم). كان يعفو عن القتلة الذين أساءوا إليه، بل ويحث المسلمين على التسامح والصبر على الإساءة.

الخاتمة

إن حكم النبي صلى الله عليه وسلم تعد مرجعاً مهماً للمسلمين في مختلف نواحي حياتهم. يمكننا أن نتعلم من مواقفه وحكمه في الصبر، العدل، الرحمة، القيادة، العلم، وغيرها من المجالات. كان النبي صلى الله عليه وسلم نموذجاً للإنسان الكامل الذي يمكن للإنسان أن يقتدي به في كل جوانب حياته.