العناية بفروة الرأس

حكة فروة الرأس أسباب

أسباب حكة فروة الرأس

تُعدّ حكة فروة الرأس من المشكلات الجلدية الشائعة التي تؤثر على شريحة واسعة من الناس، وتتنوع أسبابها بشكل كبير بين الأسباب الجلدية والمناعية والسلوكية والبيئية. في بعض الأحيان تكون الحكة عرضاً بسيطاً وعابراً، بينما قد تكون في أحيان أخرى دلالة على اضطرابات أكثر تعقيداً تتطلب التدخل الطبي والعلاج المنتظم. تتفاقم المشكلة في حال عدم معرفة السبب الجذري لها، مما يجعل المعاناة منها طويلة الأمد وقد تؤثر على جودة حياة الفرد من النواحي النفسية والاجتماعية والمهنية. يتناول هذا المقال الموسع الأسباب المختلفة لحكة فروة الرأس بطريقة منهجية وعلمية، مع تسليط الضوء على الآليات الفسيولوجية وراء هذه الظاهرة، والعوامل المؤثرة في تفاقمها، والمضاعفات المحتملة، بالإضافة إلى التمييز بين الحكة العارضة وتلك المرتبطة بأمراض مزمنة.


1. القشرة (الصدفية الدهنية أو التهاب الجلد الدهني)

تُعدّ قشرة الرأس من أكثر الأسباب شيوعاً لحكة فروة الرأس، وتنجم في العادة عن فرط نمو فطريات “المالاسيزيا” (Malassezia) التي تعيش طبيعياً على فروة الرأس ولكنها قد تتكاثر نتيجة لعوامل متعددة مثل الإجهاد، سوء التغذية، أو تغيّر الظروف المناخية.

تؤدي القشرة إلى ظهور رقائق بيضاء أو صفراء على الشعر والكتفين، وتترافق عادة مع حكة مستمرة قد تزداد بعد استخدام بعض أنواع الشامبو غير المناسبة. الالتهاب المصاحب يسبب تهيج الجلد وبالتالي يفاقم الحكة. من المهم التفرقة بين القشرة البسيطة التي تكون جافة عادة، والتهاب الجلد الدهني الذي يصاحبه احمرار وزيادة في إفراز الدهون الجلدية.


2. الجفاف المفرط لفروة الرأس

تتأثر فروة الرأس كما الجلد عمومًا بعوامل الجو المحيط، مثل انخفاض الرطوبة أو التعرض المفرط للحرارة أو استخدام منتجات تجفيف قوية. عندما تفقد فروة الرأس رطوبتها الطبيعية، تصاب بالجفاف والتشقق، ما يؤدي إلى تهيج النهايات العصبية في الجلد، وبالتالي شعور بالحكة.

الجفاف قد يكون ناتجاً أيضاً عن غسل الشعر بشكل مفرط أو استخدام الماء الساخن، مما يؤدي إلى إزالة الزيوت الطبيعية التي تفرزها الغدد الدهنية، وهي زيوت مهمة في ترطيب الجلد وحمايته.


3. ردود الفعل التحسسية

قد تحدث الحكة نتيجة لتفاعل فروة الرأس مع بعض المنتجات الكيميائية مثل صبغات الشعر، الشامبو المعطر، البلسم أو مواد التصفيف. وتُعرف هذه الحالة باسم “التهاب الجلد التماسي التحسسي” (Allergic Contact Dermatitis)، وهي حالة مناعية يهاجم فيها الجسم المواد التي يعتبرها غريبة أو ضارة.

عادةً ما تكون الأعراض فورية أو تظهر خلال ساعات من استخدام المنتج، وتشمل الحكة، الاحمرار، التورم، وأحياناً الطفح الجلدي أو القشور. المواد التي تحتوي على العطور الصناعية، البارابين، الكبريتات (مثل SLS)، أو الأمونيا تعتبر من أبرز المحفزات.


4. القمل والصيبان

يُعدّ القمل من الأسباب الطفيلية الرئيسية لحكة فروة الرأس، خاصة عند الأطفال والمراهقين. ينتقل القمل بسهولة من شخص لآخر عن طريق التلامس المباشر أو مشاركة الأغراض الشخصية مثل الأمشاط أو الوسائد. تقوم الحشرات بلدغ فروة الرأس لتتغذى على الدم، مما يسبب تهيجاً موضعياً شديداً.

الصيبان (بيوض القمل) تلتصق بالشعر بالقرب من فروة الرأس وتكون صعبة الإزالة، وتُسبب تهيجاً جلدياً إضافياً قد يؤدي إلى التقرحات في حال الحكة الشديدة، ما يهيئ بيئة مناسبة لعدوى ثانوية بالبكتيريا.


5. الصدفية في فروة الرأس

الصدفية من الأمراض المناعية المزمنة التي تؤثر على الجلد وتتسبب في نمو سريع جداً لخلايا الجلد، مما يؤدي إلى تراكم خلايا ميتة على السطح على شكل طبقات سميكة فضية اللون. وعندما تصيب الصدفية فروة الرأس، فإنها تترافق مع حكة شديدة، وأحياناً ألم، ونزيف في حال الحك المتكرر.

تنتشر صدفية فروة الرأس غالباً على جانبي الرأس، أعلى الرقبة وخلف الأذنين، وقد يصعب تمييزها من القشرة العادية دون تقييم طبي دقيق. السبب المناعي يجعل من الضروري التعامل مع الحالة بعلاج مستمر، وليس الاكتفاء بالعلاجات الموضعية البسيطة.


6. الإكزيما (التهاب الجلد التأتبي)

تُعتبر الإكزيما من الحالات الجلدية المزمنة التي تتسم بالجفاف الشديد والحكة والبقع الحمراء. عندما تصيب فروة الرأس، فإنها تُسبب تقشر الجلد وتهيجه. وغالباً ما تترافق الإكزيما مع أمراض تحسسية أخرى مثل الربو أو حساسية الأنف.

الإكزيما تتفاقم مع الضغوط النفسية، البرد، استخدام منتجات مهيجة، أو حتى بسبب التعرق المفرط. وتتطلب علاجاً منتظماً يشمل مرطبات طبية وكورتيكوستيرويدات موضعية في الحالات الشديدة.


7. الالتهابات الفطرية (سعفة الرأس)

تُعدّ سعفة الرأس (Tinea Capitis) من الأسباب الفطرية الشائعة للحكة، وتظهر بشكل بقع متقشرة على فروة الرأس مصحوبة بتساقط موضعي للشعر واحمرار أحياناً. تنتقل هذه العدوى الفطرية عبر التلامس المباشر أو مشاركة أدوات النظافة.

الحكة الناجمة عن الفطريات تكون شديدة وقد تترافق مع تضخم العقد اللمفاوية في الرقبة أو إفرازات صديدية. وهي أكثر شيوعاً لدى الأطفال، وتتطلب علاجا فطريا فمويا، حيث أن العلاجات الموضعية وحدها لا تكفي.


8. الإجهاد النفسي والقلق

تؤثر الحالة النفسية تأثيراً مباشراً على صحة الجلد، إذ يُعتبر الجلد عضواً حساساً للتغيرات العصبية والهرمونية. الحكة الناتجة عن التوتر لا تكون مرتبطة بوجود سبب جلدي عضوي، وإنما تنجم عن فرط تحفيز الأعصاب الحسية.

في هذه الحالة قد يعاني المريض من رغبة ملحة للحك رغم عدم وجود علامات واضحة على الجلد، وقد تكون الحكة في الليل أكثر شدة. وتزداد مع التوتر أو نوبات القلق أو الضغط النفسي المزمن.


9. اضطرابات الغدة الدرقية

فرط أو قصور الغدة الدرقية قد يؤدي إلى تغيرات في الجلد، من ضمنها الحكة وجفاف فروة الرأس. قصور الغدة الدرقية يبطئ وظائف الجسم بما في ذلك تجدد الخلايا الجلدية وإفراز الزيوت، مما يؤدي إلى الجفاف والحكة. أما فرط نشاط الغدة فقد يسبب تهيجاً جلدياً نتيجة فرط التعرق والتهاب الجلد الناتج عنه.


10. الأمراض الجلدية النادرة

من بين الحالات الأقل شيوعاً ولكنها محتملة:

  • الذئبة الحمراء: مرض مناعي ذاتي يمكن أن يؤثر على فروة الرأس ويسبب حكة وتساقطاً دائماً للشعر في بعض الحالات.

  • التهاب الأوعية الجلدية: يمكن أن يسبب الحكة واحمراراً وآلاماً خفيفة.

  • التهابات جرثومية مثل الدمامل والبثور، حيث تسبب ألماً موضعياً يترافق مع الحكة والحرارة الموضعية.


11. استخدام الأدوية

بعض الأدوية تؤدي إلى آثار جانبية جلدية منها الحكة، مثل:

  • الأدوية المدرة للبول (التي تُسبب جفافاً).

  • أدوية خفض الكوليسترول.

  • بعض مضادات الاكتئاب.

  • العلاج الكيميائي أو الإشعاعي.

الحكة هنا قد لا تكون موضعية فقط، لكنها قد تبدأ في فروة الرأس لاحتوائها على عدد كبير من النهايات العصبية.


12. التغيرات الهرمونية

تلعب الهرمونات دوراً رئيسياً في تنظيم وظائف الجلد، وقد تؤدي التغيرات الهرمونية في فترات مثل الحمل أو البلوغ أو سن اليأس إلى جفاف الجلد وتهيجه، بما في ذلك فروة الرأس. هرمون الإستروجين والبروجستيرون يؤثران على الإفرازات الدهنية وترطيب الجلد، وبالتالي قد تكون فروة الرأس أكثر عرضة للحكة في حال اضطراب توازن هذه الهرمونات.


جدول تفصيلي لأسباب الحكة حسب النوع:

نوع السبب أمثلة رئيسية خصائص الحكة
فطري سعفة الرأس بقع خالية من الشعر، قشور، حكة شديدة
جلدي مناعي الصدفية، الإكزيما بقع سميكة، احمرار، مزمنة
بيئي/سلوكي الجفاف، الحرارة، استخدام شامبو غير مناسب حكة متقطعة أو موسمية
طفيلي القمل والصيبان حكة ليلية شديدة، بيوض على الشعر
تحسسي صبغات الشعر، الشامبو المعطر حكة مفاجئة مع احمرار
هرموني/داخلي اضطرابات الغدة الدرقية، التغيرات الهرمونية حكة مزمنة دون علامات ظاهرة
نفسي/عصبي التوتر، القلق حكة بلا أعراض ظاهرية واضحة

المراجع

  1. Mayo Clinic – Itchy scalp causes: https://www.mayoclinic.org

  2. American Academy of Dermatology Association – Scalp conditions: https://www.aad.org