حصى مجرى الكبد: الأسباب والعلاج

حصى في مجرى الكبد: الأسباب، الأعراض، العلاج والمضاعفات

يعد الكبد من أهم الأعضاء في جسم الإنسان، حيث يلعب دوراً حيوياً في عملية التمثيل الغذائي، وتنقية الدم، وإنتاج البروتينات، وتخزين الطاقة. يقع الكبد في الجانب الأيمن العلوي من البطن وهو عضو لا غنى عنه في معالجة السموم والمواد الكيميائية الضارة التي تدخل الجسم. إحدى الحالات الصحية التي قد تصيب الكبد هي تكوّن حصى في مجرى الكبد، وهي حالة قد تكون مصحوبة بالعديد من الأعراض المزعجة وقد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة إذا لم تُعالج بشكل مناسب. في هذا المقال، سنتناول حصى مجرى الكبد من جميع الجوانب الطبية بدءًا من أسباب تكوّنها وصولًا إلى العلاج والوقاية.

تعريف حصى في مجرى الكبد

حصى مجرى الكبد، أو ما يُعرف أحيانًا بحصى القناة الصفراوية، هي حصى تتشكل في القنوات التي تنقل الصفراء من الكبد إلى الأمعاء الدقيقة. قد تتشكل هذه الحصى نتيجة لعدة عوامل، مثل تغيرات في تكوين الصفراء، أو تكدس بعض المواد التي تتسبب في تكوّنها. تكمن خطورة هذه الحصى في أنها قد تسد القنوات الصفراوية وتؤدي إلى التهاب الكبد، أو قد تتسبب في حدوث مضاعفات أخرى مثل التهاب البنكرياس.

أسباب تكوّن حصى في مجرى الكبد

يمكن أن تتكون حصى في مجرى الكبد نتيجة لعدة أسباب، تتفاوت بين الأسباب الوراثية والعوامل البيئية المرتبطة بالنظام الغذائي ونمط الحياة. نذكر من هذه الأسباب:

1. تغيرات في تكوين الصفراء
   
   الصفراء هي سائل هضمي يُنتج في الكبد ويساعد في هضم الدهون. يحتوي السائل الصفراوي على مكونات مثل الكوليسترول، والأملاح الصفراوية، والمواد الأخرى التي يمكن أن تتجمع وتتبلور على شكل حصى. في بعض الحالات، قد تتسبب زيادة الكوليسترول أو انخفاض مستوى الأملاح الصفراوية في تكوّن الحصى.

2. وجود أمراض وراثية
   
   بعض الأشخاص قد يكونون أكثر عرضة لتكوّن حصى في مجرى الكبد نتيجة لمشاكل وراثية تؤثر على تركيب الصفراء أو على وظيفة الكبد. من بين هذه الأمراض يمكن أن نذكر مرض ويلسون، الذي يتسبب في تراكم النحاس في الجسم، مما قد يؤثر على عمل الكبد ويزيد من احتمالية تكوّن الحصى.

3. التغذية غير السليمة
   
   النمط الغذائي الغني بالدهون المشبعة والكوليسترول والسعرات الحرارية يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بحصى في مجرى الكبد. كما أن الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالكوليسترول يساهم في تكوّن حصى الكوليسترول التي يمكن أن تتراكم في القنوات الصفراوية.

4. التهابات الكبد المزمنة
   
   الأمراض المزمنة مثل التهاب الكبد الفيروسي (خصوصًا التهاب الكبد B و C) قد تؤدي إلى تغيرات في تركيب الصفراء وزيادة احتمالية تكوّن الحصى. التهابات الكبد المزمنة قد تساهم في تعطيل عمل الكبد الطبيعي، مما يسهم في إنتاج حصى.

5. السمنة وزيادة الوزن
   
   الأشخاص الذين يعانون من السمنة يكونون عرضة أكثر لتكوّن حصى في مجرى الكبد. السمنة تؤدي إلى زيادة مستوى الكوليسترول في الدم، وهو العامل الرئيسي في تكوّن الحصى في القنوات الصفراوية. كما أن الوزن الزائد يؤثر على وظيفة الكبد بشكل عام ويزيد من احتمال حدوث اضطرابات في عملية الهضم.

6. الحمل
   
   الحمل قد يتسبب في زيادة هرمون الإستروجين في الجسم، مما يؤدي إلى زيادة نسبة الكوليسترول في الصفراء، وهو ما قد يعزز من تكوّن حصى الكبد. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر التغيرات الفسيولوجية في القنوات الصفراوية أثناء الحمل على إفراز الصفراء، مما يزيد من خطر تكوّن الحصى.

أعراض حصى في مجرى الكبد

قد تكون الأعراض المرتبطة بحصى مجرى الكبد غير واضحة في البداية، خصوصًا في المراحل المبكرة من التكوين، ولكن مع تقدم الحالة قد تظهر عدة أعراض تشير إلى وجود المشكلة. تختلف الأعراض من شخص لآخر حسب حجم الحصى ومكانها، لكنها تتضمن عادة:

1. آلام في البطن
   
   الألم الحاد في الجزء العلوي الأيمن من البطن هو أحد الأعراض الأكثر شيوعًا لحصى مجرى الكبد. هذا الألم يمكن أن يكون مستمرًا أو يحدث بشكل متقطع، وقد يمتد إلى الكتف الأيمن أو الظهر.

2. اليرقان (اصفرار الجلد والعينين)
   
   يحدث اليرقان عندما يسد الحصى القنوات الصفراوية، مما يمنع الصفراء من التدفق بشكل طبيعي. نتيجة لذلك، تتراكم الصفراء في الدم، مما يؤدي إلى اصفرار الجلد والعينين.

3. الغثيان والقيء
   
   قد يعاني المرضى من غثيان مستمر أو قيء، خصوصًا بعد تناول الطعام الدهني أو الثقيل. يحدث ذلك بسبب عرقلة تدفق الصفراء الضروري لهضم الدهون.

4. الحكة
   
   تتسبب الزيادة في تراكم الصفراء في الدم في حدوث الحكة الجلدية، التي يمكن أن تكون شديدة للغاية وتؤثر على نوعية حياة الشخص.

5. ارتفاع درجة الحرارة
   
   في حالات الالتهاب المرتبط بالحصى، قد يعاني المريض من حمى وارتفاع في درجة الحرارة، وهي علامة على حدوث التهاب في الكبد أو القنوات الصفراوية.

تشخيص حصى في مجرى الكبد

يتطلب تشخيص حصى في مجرى الكبد مجموعة من الفحوصات الطبية التي قد تشمل:

1. الفحص السريري
   
   يبدأ الطبيب بتقييم الأعراض وتاريخ المريض الطبي، ثم يتبع ذلك بفحص سريري للكشف عن أي علامات لليرقان أو التهاب الكبد.

2. الأشعة فوق الصوتية (السونار)
   
   تعد الأشعة فوق الصوتية أحد أكثر الفحوصات شيوعًا للكشف عن حصى في مجرى الكبد. تساعد هذه التقنية في تحديد وجود الحصى في القنوات الصفراوية وتحديد حجمها.

3. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)
   
   يُستخدم هذا النوع من التصوير في بعض الحالات لتقديم صورة مفصلة للقنوات الصفراوية وتحديد أي انسداد أو التهابات.

4. منظار القنوات الصفراوية
   
   في بعض الحالات، قد يكون من الضروري استخدام المنظار لإجراء فحص مباشر للقنوات الصفراوية. يتيح هذا الفحص للطبيب تحديد مكان الحصى بدقة.

علاج حصى في مجرى الكبد

يعتمد علاج حصى مجرى الكبد على حجم الحصى، موقعها، والأعراض المصاحبة لها. في بعض الحالات، يمكن أن تكون العلاجات غير الجراحية فعالة، بينما قد تتطلب حالات أخرى التدخل الجراحي.

1. الأدوية
   
   في بعض الحالات البسيطة، يمكن استخدام الأدوية لتذويب الحصى أو لتخفيف الأعراض. تستخدم الأدوية التي تحتوي على حمض ursodeoxycholic (UDCA) بشكل رئيسي في علاج الحصى الصغيرة التي تحتوي على الكوليسترول.

2. إزالة الحصى بالجراحة
   
   إذا كانت الحصى كبيرة أو تسبب انسدادًا في القنوات الصفراوية، فقد يكون من الضروري إزالة الحصى عن طريق الجراحة. تتنوع الإجراءات الجراحية، ولكن الأكثر شيوعًا هو إجراء يسمى “استئصال المرارة”، الذي يتم من خلاله إزالة المرارة والحصى.

3. إزالة الحصى بالمنظار
   
   في بعض الحالات، يمكن إزالة الحصى باستخدام تقنيات تنظير القنوات الصفراوية، وهي عملية غير جراحية تتم عبر أنبوب رفيع يدخل إلى القنوات الصفراوية عن طريق الفم.

4. التحكم في الأعراض
   
   في الحالات التي لا تحتاج إلى جراحة، يتم التركيز على تخفيف الأعراض مثل الألم باستخدام مسكنات الألم والمضادات الحيوية في حال وجود التهاب.

مضاعفات حصى في مجرى الكبد

في حال عدم معالجة حصى مجرى الكبد بشكل مناسب، يمكن أن تحدث بعض المضاعفات التي قد تكون خطيرة وتشمل:

1. التهاب الكبد الصفراوي
   
   إذا كانت الحصى تسبب انسدادًا في القنوات الصفراوية، فقد يؤدي ذلك إلى التهاب في الكبد والقنوات الصفراوية، وهو ما قد يتسبب في أعراض شديدة ويتطلب علاجًا عاجلاً.

2. التهاب البنكرياس
   
   إذا تم انسداد قناة البنكرياس بسبب الحصى، يمكن أن يحدث التهاب البنكرياس، وهو حالة طبية خطيرة تتطلب تدخلًا فوريًا.

3. اليرقان المستمر
   
   قد يؤدي انسداد القنوات الصفراوية إلى تراكم الصفراء في الدم، مما يزيد من خطر الإصابة باليرقان المستمر ويؤثر على وظائف الجسم الأخرى.

4. نقص التغذية
   
   يؤدي انسداد القنوات الصفراوية إلى صعوبة في هضم الدهون، مما قد يؤدي إلى سوء التغذية وفقدان الوزن إذا لم يتم علاج الحالة بشكل مبكر.