في الربيع المضطرب لعام 1941، وُضع مدينة لينينغراد تحت حصار قاسٍ، وما تلا ذلك كانت فترة من البؤس والمعاناة البشرية الفظيعة التي استمرت لسنوات طويلة. انطلقت هذه الحملة العسكرية الهائلة من قبل القوات الألمانية وحلفائها خلال الحرب العالمية الثانية، وتحديداً في الرابع من سبتمبر عام 1941، واستمرت حتى السابع والعشرين من يناير عام 1944.
لينينغراد، المعروفة الآن باسم سانت بطرسبرغ، كانت محورًا لهذه الصراعات الدامية. حصار المدينة شكّل واحدة من أطول فترات الحصار في التاريخ الحديث، حيث دام لمدة 872 يومًا متواصلًا. كانت هذه الفترة مليئة بالمعاناة والموت، حيث تعرض السكان لظروف قاسية لا تُصدق.
بلغت القوات الألمانية وحلفاؤهم من تحالف المحور ذروتها في الحملة على لينينغراد في أواخر عام 1941 وبداية عام 1942. فقد شنوا هجمات عنيفة بقصف مدفعي وقصف جوي، وقاموا بقطع الطرق الرئيسية التي تزود المدينة بالإمدادات. وبهذا، حاولوا فرض الجوع والاستسلام على السكان المحاصرين.
ومع ذلك، فشلت محاولات القوات الألمانية في كسر إرادة السكان وقوات الدفاع السوفيتية المدافعة عن المدينة. بالرغم من النقص الحاد في الإمدادات والمواد الغذائية والطبية، ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية، فإن السكان والجنود الروس ظلوا متمسكين بالصمود.
ومع دخول فصل الشتاء، تدهورت الأوضاع بشكل كبير، حيث تجمدت المياه وتوقفت الطرق البحرية التي كانت تعتمد عليها المدينة لاستلام الإمدادات. بالرغم من هذه الظروف القاسية، والأمراض، والجوع، فإن الروح القوية للمدافعين عن لينينغراد لم تتزعزع.
لكن بمرور الوقت، بدأت الأوضاع تتحسن ببطء مع استعادة القوات السوفيتية السيطرة على بعض الطرق البرية التي كانت مقطوعة، ومع تحسن الإمدادات وتوفر الموارد بشكل أفضل. وأخيرًا، في السابع والعشرين من يناير عام 1944، تمكنت القوات السوفيتية من فتح طريق بري حيوي جديد إلى المدينة، مما أنهى رسميًا حصار لينينغراد.
هذا الحصار الطويل والمروع أسفر عن خسائر فادحة، حيث توفي مئات الآلاف من السكان بسبب الجوع والبرد والقصف، وتعرضت المدينة لدمار هائل في البنية التحتية والممتلكات. لكن بالرغم من ذلك، فإن الصمود والإرادة القوية للسكان والمدافعين عن لينينغراد أصبحت رمزًا للصمود والتحمل في وجه الأزمات الكبرى.
لمزيد من المعلومات عن حصار لينينغراد، يمكنك زيارة هذا الرابط: حصار لينينغراد