حساسية الحليب واللاكتوز: الفرق

الفرق بين حساسية الحليب وحساسية اللاكتوز

عندما نتحدث عن مشاكل الهضم المتعلقة بالحليب، قد يختلط الأمر بين مصطلحي “حساسية الحليب” و “حساسية اللاكتوز”، رغم أنهما يشيران إلى مشكلتين صحيتين مختلفتين تمامًا. بالرغم من أن كلا الحالتين تتعلقان بالحليب، إلا أن أسبابها، أعراضها، وكيفية التعامل معها تختلف بشكل جذري. في هذا المقال، سنتناول الفرق بين حساسية الحليب وحساسية اللاكتوز، ونوضح الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج لكل منهما.

أولاً: حساسية الحليب

حساسية الحليب هي رد فعل مناعي غير طبيعي تجاه البروتينات الموجودة في الحليب، مثل الكازين ومصل اللبن. ويعتبر هذا النوع من الحساسية من بين أكثر أنواع الحساسية الغذائية شيوعًا بين الأطفال، إلا أنه يمكن أن يصيب البالغين أيضًا.

آلية حدوث حساسية الحليب

تحدث حساسية الحليب عندما يخطئ الجهاز المناعي في التعرف على بروتينات الحليب باعتبارها مواد ضارة. نتيجة لذلك، يقوم الجهاز المناعي بإنتاج أجسام مضادة لمهاجمة هذه البروتينات. وعند تناول الحليب أو أي منتج يحتوي على الحليب، يتفاعل الجهاز المناعي بشكل مفرط، مما يؤدي إلى ظهور أعراض متنوعة تتراوح من خفيفة إلى شديدة.

أعراض حساسية الحليب

تظهر أعراض حساسية الحليب في غضون دقائق أو ساعات قليلة بعد تناول الحليب أو منتجاته. هذه الأعراض تشمل:

• الطفح الجلدي أو التورم: يمكن أن يظهر الطفح الجلدي على شكل بقع حمراء أو متورمة على الجلد.

• ضيق التنفس وصعوبة التنفس: قد يشعر الشخص بحالة من الاختناق أو ضيق في التنفس بسبب التفاعل المناعي.

• الإسهال أو القيء: هذه الأعراض تظهر في الجهاز الهضمي بسبب التحسس من بروتينات الحليب.

• تقلصات المعدة والانتفاخ: يعاني المصابون من ألم في البطن نتيجة التفاعل مع الحليب.

• الشرى: ظهور بقع حمراء مرتفعة على الجلد تشبه الحروق.

• الصدمة التحسسية (الأنفولاكسي): في الحالات الشديدة، قد يؤدي التحسس إلى رد فعل تحسسي شديد يهدد الحياة، ويحتاج إلى التدخل الطبي الفوري.

التشخيص والعلاج

يتم تشخيص حساسية الحليب عن طريق فحص الدم لتحديد مستوى الأجسام المضادة التي ينتجها الجهاز المناعي تجاه بروتينات الحليب. قد يتم أيضًا إجراء اختبارات جلدية أو اختبار تحدي الغذاء تحت إشراف طبي.

العلاج الوحيد الفعّال لحساسية الحليب هو تجنب تناول الحليب ومنتجاته بشكل كامل. يمكن استخدام أدوية مضادة للهستامين لتخفيف الأعراض الخفيفة، وفي حالة حدوث رد فعل تحسسي شديد، يتم استخدام حقن الأدرينالين بشكل طارئ.

ثانيًا: حساسية اللاكتوز

حساسية اللاكتوز، والتي تُعرف أيضًا بتعذر تحمل اللاكتوز، هي حالة تحدث عندما يعجز الجسم عن هضم السكر الطبيعي الموجود في الحليب، والذي يُسمى “اللاكتوز”. على عكس حساسية الحليب، التي تتعلق بالجهاز المناعي، فإن حساسية اللاكتوز تتعلق بجهاز الهضم.

آلية حدوث حساسية اللاكتوز

اللاكتوز هو سكر موجود في الحليب ومنتجاته. في الأشخاص الذين يعانون من حساسية اللاكتوز، لا يستطيع الجسم إنتاج كميات كافية من إنزيم “اللاكتاز”، وهو الإنزيم المسؤول عن هضم اللاكتوز. وعندما يتم تناول الأطعمة التي تحتوي على اللاكتوز، فإن السكر يبقى غير مهضوم في الأمعاء، مما يؤدي إلى أعراض غير مريحة.

أعراض حساسية اللاكتوز

تظهر أعراض حساسية اللاكتوز عادة بعد تناول الطعام أو الشراب المحتوي على اللاكتوز، وتتمثل في:

• الانتفاخ والتقلصات المعوية: ينتج عن عدم هضم اللاكتوز تراكم الغازات في الأمعاء.

• الإسهال: يمكن أن يؤدي تراكم اللاكتوز في الأمعاء إلى زيادة كمية المياه في الأمعاء، مما يسبب الإسهال.

• الغثيان: يشعر الشخص بالغثيان، وقد يصاحبه القيء في بعض الحالات.

• ألم في البطن: نتيجة لتراكم الغازات، يشعر الشخص بألم في منطقة البطن.

التشخيص والعلاج

يتم تشخيص حساسية اللاكتوز من خلال اختبار تحمل اللاكتوز أو اختبار التنفس الذي يقيس كمية الهيدروجين في الزفير بعد تناول اللاكتوز. في بعض الحالات، يمكن للطبيب أن يطلب من المريض تجنب الأطعمة المحتوية على اللاكتوز لفترة معينة ثم إعادة تقديمها لمعرفة رد الفعل.

علاج حساسية اللاكتوز يعتمد على تعديل النظام الغذائي. يمكن للمصابين بهذه الحالة تقليل تناول الأطعمة التي تحتوي على اللاكتوز أو استخدام مكملات إنزيم “اللاكتاز” التي تساعد في هضم اللاكتوز. توجد أيضًا منتجات حليب خالية من اللاكتوز يمكن تناولها دون القلق من الأعراض.

الفرق بين حساسية الحليب وحساسية اللاكتوز

السبب الأساسي

• حساسية الحليب هي رد فعل مناعي تجاه البروتينات الموجودة في الحليب.

• حساسية اللاكتوز هي مشكلة هضمية ناتجة عن نقص في إنزيم “اللاكتاز” الذي يساعد على هضم اللاكتوز.

الأعراض

• حساسية الحليب قد تشمل أعراضًا حادة مثل الطفح الجلدي، صعوبة التنفس، أو حتى الصدمة التحسسية.

• حساسية اللاكتوز عادة ما تسبب أعراضًا هضمية مثل الانتفاخ، الإسهال، والتقلصات المعوية.

الفئات المتأثرة

• حساسية الحليب هي أكثر شيوعًا في الأطفال، وقد تتطور في بعض الحالات لتستمر حتى مرحلة البلوغ.

• حساسية اللاكتوز تحدث بشكل أكبر بين البالغين، ويُعتبر الأشخاص من أصول آسيوية، وأفريقية، وشرق أوسطية أكثر عرضة لهذه الحالة.

التشخيص والعلاج

• حساسية الحليب يتم تشخيصها من خلال اختبار الأجسام المضادة أو اختبارات الجلد، ويتطلب العلاج تجنب تناول الحليب بشكل كامل.

• حساسية اللاكتوز يتم تشخيصها من خلال اختبارات تحمل اللاكتوز أو اختبار التنفس، ويمكن علاجها بتقليل تناول الأطعمة المحتوية على اللاكتوز أو باستخدام مكملات إنزيم “اللاكتاز”.

التداخل بين الحالتين

في بعض الأحيان، قد يختلط الأمر بين حساسية الحليب وحساسية اللاكتوز، خاصة أن الأعراض الهضمية في الحالتين قد تتشابه. ومع ذلك، فإن التشخيص الدقيق والاختبارات الطبية يساعد في تحديد السبب الحقيقي وراء الأعراض. في بعض الحالات، قد يعاني الشخص من كلا الحالتين في وقت واحد، وهو ما يتطلب إجراء تعديل شامل في النظام الغذائي لتجنب كلا من بروتينات الحليب واللاكتوز.

تأثير حساسية الحليب وحساسية اللاكتوز على الحياة اليومية

بالنسبة للأشخاص المصابين بحساسية الحليب، فإن التحدي الأكبر يكمن في تجنب جميع منتجات الألبان، بما في ذلك تلك التي تحتوي على كميات صغيرة من الحليب. يحتاج هؤلاء الأشخاص إلى فحص المكونات بعناية شديدة والبحث عن بدائل للحليب مثل الحليب النباتي (مثل حليب اللوز أو حليب الصويا).

أما الأشخاص الذين يعانون من حساسية اللاكتوز، فيمكنهم غالبًا تناول منتجات الحليب التي تحتوي على كميات قليلة من اللاكتوز، أو استخدام مكملات إنزيم “اللاكتاز” لتساعد في هضم اللاكتوز بشكل أفضل. ومع ذلك، في بعض الحالات الشديدة، قد يحتاج الشخص إلى تجنب الأطعمة التي تحتوي على اللاكتوز تمامًا.

الخلاصة

إن حساسية الحليب وحساسية اللاكتوز هما حالتان مختلفتان تمامًا بالرغم من تشابه الأعراض التي قد يعاني منها المصابون بهما. الفهم الدقيق لكل حالة يساعد في إدارة الأعراض بشكل أفضل واتخاذ التدابير العلاجية المناسبة. من خلال التقييم الطبي والتشخيص الصحيح، يمكن للأشخاص الذين يعانون من هذه الحالات أن يتبعوا نظامًا غذائيًا مناسبًا يساعدهم في تجنب الأعراض وتقديم أفضل مستوى من الراحة والصحة.