حساسية الأنف والعين: الأسباب والعلاج

حساسية الأنف والعين: الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج

تُعدّ حساسية الأنف والعين من أكثر الحالات الصحية شيوعًا التي تصيب الأشخاص حول العالم. قد تؤثر هذه الحالة بشكل كبير على نوعية الحياة اليومية، إذ تصاحبها أعراض مزعجة تتراوح من العطس المستمر والاحتقان إلى الحكة والاحمرار في العين. تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذه الحساسية، كما أن لها تأثيرات طويلة الأمد على صحة الشخص المصاب إذا لم يتم التعامل معها بشكل فعال.

ما هي حساسية الأنف والعين؟

حساسية الأنف والعين هي رد فعل مناعي غير طبيعي تجاه مواد معينة يُسمى المحسسات. هذه المحسسات يمكن أن تكون حبوب اللقاح، الغبار، العفن، وبر الحيوانات، أو حتى بعض المواد الكيميائية الموجودة في الهواء. عندما يتعرض الشخص لهذه المحسسات، يقوم جهازه المناعي بإنتاج أجسام مضادة تسمى “الإيغا” (IgE) التي تتفاعل مع المحسس وتؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية في الجسم، مثل الهيستامين، ما يسبب الأعراض المميزة للحساسية.

حساسية الأنف تشمل مجموعة من الأعراض مثل سيلان الأنف، العطس المستمر، والحكة في الأنف والحنجرة، بينما تؤثر حساسية العين في الراحة البصرية للمريض وتؤدي إلى احمرار، وحكة، ودموع مفرطة.

أسباب حساسية الأنف والعين

تتنوع الأسباب التي تؤدي إلى حدوث حساسية الأنف والعين، إلا أن الأكثر شيوعًا هي المحسسات البيئية. من بين هذه المحسسات، يمكن أن نذكر:

1. حبوب اللقاح:

تعد حبوب اللقاح من أكثر المسببات شيوعًا للحساسية الموسمية، وخاصة خلال فصول الربيع والخريف. تتكون حبوب اللقاح من النباتات مثل الأشجار والعشب والأزهار، ويمكن أن تنتشر في الهواء وتسبب ردود فعل تحسسية لدى الأشخاص المعرضين لهذه المسببات.

2. الغبار:

غبار المنازل، وخاصة الغبار المنزلي الذي يحتوي على خلايا جلدية ميتة للحيوانات وبر الحيوانات الصغيرة مثل الفئران والقطط، يمكن أن يسبب ردود فعل تحسسية. هذا النوع من الحساسية قد يستمر طوال السنة ولا يقتصر على مواسم معينة.

3. العفن:

العفن هو نوع آخر من المحسسات البيئية التي تنتشر في الأماكن الرطبة مثل الحمامات والأقبية. يُنتج العفن خلايا دقيقة تُسمى “الأبواغ”، وهي التي قد تسبب ردود فعل تحسسية عند استنشاقها.

4. وبر الحيوانات:

الأشخاص الذين يربون الحيوانات الأليفة مثل القطط أو الكلاب قد يعانون من حساسية ناتجة عن وبر هذه الحيوانات. يمكن أن تكون جزيئات الوبر محمولة في الهواء أو عالقة على الملابس والأثاث.

5. المواد الكيميائية:

قد تحتوي بعض المنتجات المنزلية مثل المنظفات، العطور، والمبيدات الحشرية على مواد كيميائية تثير الحساسية لدى البعض.

6. التدخين والتلوث:

يعد التدخين، سواء المباشر أو غير المباشر، أحد العوامل المساهمة في تفاقم أعراض الحساسية. كذلك، يعتبر التلوث البيئي من المحسسات التي تؤثر على الجهاز التنفسي وتزيد من تفاعل الحساسية.

أعراض حساسية الأنف والعين

تتراوح أعراض حساسية الأنف والعين من خفيفة إلى شديدة، ويمكن أن تتداخل في كثير من الأحيان. إليك أبرز الأعراض المرتبطة بكل نوع:

أعراض حساسية الأنف:

• العطس المتكرر: وهو العرض الأكثر شيوعًا لحساسية الأنف، وقد يحدث بشكل مفاجئ.

• احتقان الأنف: شعور الشخص بانسداد في الأنف، مما يسبب صعوبة في التنفس من خلال الأنف.

• سيلان الأنف: إفرازات مائية من الأنف قد تتغير إلى إفرازات لزجة في بعض الحالات.

• حكة في الأنف: قد يشعر المصاب بحكة شديدة في الأنف والحنجرة، ما يعزز العطس المستمر.

• السعال الجاف: نتيجة للاحتقان المستمر في الأنف.

• ضغط في الجيوب الأنفية: قد يشعر الشخص بضغط أو ألم في منطقة الجيوب الأنفية، مما يسبب صداعًا أو شعورًا بعدم الراحة في الوجه.

أعراض حساسية العين:

• احمرار العين: بسبب التهاب الأوعية الدموية في العين.

• حكة في العين: يتسبب التلامس مع المحسسات في حكة شديدة قد يصعب مقاومتها.

• دموع مفرطة: قد تفرز العين كميات كبيرة من الدموع كاستجابة لتحفيز المحسس.

• انتفاخ الجفون: في بعض الحالات، يمكن أن يحدث تورم في جفن العين.

• حساسية مفرطة للضوء: قد يعاني الأشخاص المصابون بالحساسية من مشاكل في الرؤية تحت الضوء الساطع.

تشخيص حساسية الأنف والعين

يجب أن يتم تشخيص حساسية الأنف والعين من قبل مختص في الأمراض التنفسية أو أخصائي العيون. يبدأ التشخيص عادة من خلال فحص سريري شامل حيث يقوم الطبيب بسؤال المريض عن الأعراض التي يعاني منها، مدة الأعراض، وعواملها المسببة المحتملة.

هناك بعض الفحوصات التي قد يستخدمها الطبيب لتحديد نوع الحساسية:

1. اختبار الجلد (اختبار وخز الجلد):

يعد هذا الاختبار من أشهر طرق تشخيص الحساسية، حيث يتم وضع كميات صغيرة من المحسسات المحتملة على الجلد، ثم يتم وخز الجلد باستخدام إبرة صغيرة. إذا كان الشخص يعاني من حساسية تجاه المحسس، فسيظهر رد فعل على شكل تورم صغير وحكة في المنطقة.

2. اختبار الدم:

يتم من خلاله قياس مستوى الأجسام المضادة (IgE) في الدم. يمكن أن يشير ارتفاع مستويات IgE إلى وجود حساسية.

3. اختبارات إضافية للعيون:

إذا كانت الأعراض تتعلق بالعين بشكل رئيسي، قد يحتاج الطبيب إلى استخدام أدوات مثل الميكروسكوب لفحص القرنية والجفن للكشف عن وجود علامات تحسسية واضحة.

علاج حساسية الأنف والعين

على الرغم من أن حساسية الأنف والعين لا يمكن علاجها بشكل نهائي، إلا أن هناك العديد من الخيارات العلاجية المتاحة للتحكم في الأعراض وتقليلها بشكل كبير. يعتمد العلاج على شدة الأعراض وعلى سبب الحساسية نفسه.

1. الأدوية:

• مضادات الهيستامين: تُعدّ مضادات الهيستامين من أكثر الأدوية فعالية في علاج الحساسية، حيث تعمل على منع تأثير الهيستامين، وهو المسؤول عن العديد من أعراض الحساسية. تتوفر هذه الأدوية في صورة أقراص، أو بخاخات أنف، أو قطرات عين.

• بخاخات الأنف الستيرويدية: تساعد هذه البخاخات في تقليل الالتهاب في الأنف والتخفيف من الاحتقان والعطس. وهي تعد خيارًا فعّالًا لعلاج حساسية الأنف المزمنة.

• مزيلات الاحتقان: تساعد هذه الأدوية في تخفيف الاحتقان الناتج عن التهاب الأنف، لكنها يجب أن تُستخدم بحذر لأنها قد تسبب آثارًا جانبية إذا تم استخدامها لفترات طويلة.

• قطرات العين: لتخفيف الاحمرار والحكة في العينين، قد يستخدم المرضى قطرات العين المضادة للحساسية.

2. تجنب المحسسات:

أحد العوامل الأكثر أهمية في العلاج هو تجنب المحسسات التي تؤدي إلى تفاقم الأعراض. على سبيل المثال:

• تجنب التواجد في الأماكن التي بها حبوب لقاح: خصوصًا في أوقات الذروة مثل الصباح الباكر أو بعد هطول الأمطار.

• تنظيف المنزل بانتظام: خصوصًا للغبار وبر الحيوانات.

• استخدام مرشحات هواء: يمكن أن تساعد أجهزة تنقية الهواء في تقليل المحسسات في المنزل.

3. العلاج المناعي (التحسس المناعي):

هذا العلاج يشمل تعريض الجسم لكميات صغيرة من المحسسات بشكل تدريجي لزيادة تحمل الجهاز المناعي لها. يتم تطبيق العلاج بشكل منتظم تحت إشراف طبي.

4. العلاج البديل:

بعض الأشخاص يفضلون اللجوء إلى العلاجات البديلة مثل العلاج بالأعشاب أو الوخز بالإبر. على الرغم من أن هذه العلاجات قد تساعد في بعض الحالات، إلا أنه يجب استشارة الطبيب قبل البدء بها.

خاتمة

حساسية الأنف والعين هي مشكلة صحية شائعة تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم. مع توافر العلاجات المختلفة، يمكن التخفيف من الأعراض والتحكم في هذه الحساسية بشكل فعال. إن الفهم الجيد لأسباب الحساسية وكيفية الوقاية منها يساعد في تحسين نوعية حياة الأشخاص المصابين ويمنحهم القدرة على التعايش مع هذه الحالة بشكل أفضل.