كيفية حساب زكاة المال المودع في البنك
تعد الزكاة واحدة من أركان الإسلام الخمسة التي تؤدي إلى تطهير المال وزيادة البركة فيه. فهي تمثل فريضة دينية واجتماعية تهدف إلى توزيع الثروات بشكل عادل بين المسلمين، وتمكين الفقراء والمحتاجين من الحصول على جزء من أموال الأغنياء. من أبرز أنواع الزكاة هي زكاة المال، التي يجب على المسلم إخراجها عن الأموال التي يمتلكها والتي تتوافر فيها شروط معينة. وفي العصر الحديث، أصبح الكثير من المسلمين يودعون أموالهم في البنوك، مما يثير تساؤلات عديدة حول كيفية حساب زكاة المال المودع في البنك، خاصة وأن هذه الأموال تخضع لظروف وأحكام قد تكون مختلفة عن المال الذي يحتفظ به المسلم في منزله.
في هذا المقال، سنناقش كيفية حساب زكاة المال المودع في البنك، مع تسليط الضوء على مختلف الجوانب المتعلقة بهذه المسألة.
1. تعريف زكاة المال
قبل الخوض في كيفية حساب زكاة المال المودع في البنك، يجب أولاً فهم مفهوم الزكاة بشكل عام. الزكاة هي واجب ديني يفرضه الإسلام على المسلمين الذين يمتلكون مالاً أو ممتلكات معينة، وتكون الزكاة نسبة من المال تُعطى للفقراء والمحتاجين. يبلغ مقدار الزكاة 2.5% من المال الذي يمتلكه المسلم، ويشترط أن تكون الأموال قد مر عليها عام هجري كامل، وهو ما يُعرف بمفهوم “الحول”.
2. أموال المودعة في البنك: الخصائص والأحكام
عند الحديث عن المال المودع في البنك، يجب مراعاة بعض النقاط الخاصة التي تميز هذه الأموال عن الأموال التي يمتلكها الشخص في منزله أو في محفظته الشخصية.
-
نوع المال: يختلف المال المودع في البنك من حيث نوعه بين الأموال السائلة مثل النقود المودعة في الحساب الجاري أو الحسابات التوفير، وبين الأموال الثابتة مثل الودائع الثابتة أو الاستثمار في أدوات مالية أخرى.
-
مدة الإيداع: الأموال المودعة في البنك قد تكون لفترة قصيرة أو طويلة، وعادةً ما يكون المودع في البنك لا يتعامل معها بشكل مباشر لفترات زمنية طويلة.
-
الأرباح والفوائد: قد تترتب على المبالغ المودعة في البنك فوائد أو أرباح، وهذا يعتبر من الأمور الهامة التي يجب على المسلم أخذها في الاعتبار عند حساب الزكاة.
3. شروط وجوب الزكاة على المال المودع في البنك
يشترط لوجوب الزكاة على المال المودع في البنك أن تتوافر فيه بعض الشروط العامة التي تتعلق بالمال بشكل عام، وأبرز هذه الشروط:
-
الملك الكامل: يجب أن يكون المال ملكًا تامًا للمسلم، بحيث يمكنه التصرف فيه بحرية. إذا كان المال المودع في البنك ملكًا مشتركًا بين عدة أفراد، فلا يجب على الشخص إلا أن يخرج الزكاة عن حصته فقط.
-
بلوغ النصاب: النصاب هو الحد الأدنى من المال الذي يجب أن يملكه المسلم لكي تجب عليه الزكاة. حدد الفقهاء النصاب في الذهب بـ 85 جرامًا، وفي الفضة بـ 595 جرامًا، بينما يختلف النصاب بالنسبة للنقد بحسب قيمته في السوق.
-
مرور الحول: يجب أن يمضي عام هجري كامل على المال المودع في البنك ليجب فيه إخراج الزكاة. إذا كانت الأموال مودعة لفترة أقل من عام، فلا زكاة عليها.
4. كيفية حساب زكاة المال المودع في البنك
لحساب زكاة المال المودع في البنك، يمكن اتباع الخطوات التالية:
4.1. تحديد مبلغ المال المودع في البنك
أول خطوة هي تحديد المبلغ الإجمالي للمال المودع في البنك، وهذا يشمل أي رصيد في الحسابات الجارية أو الحسابات التوفيرية أو حتى الودائع الثابتة، بالإضافة إلى أي أرباح أو فوائد ناتجة عن هذه الأموال.
4.2. حساب الحول (مدة سنة هجريّة)
بعد تحديد المبلغ الإجمالي، يجب على المسلم حساب مدة مرور الحول، أي مرور سنة كاملة هجريّة منذ أن بدأ في إيداع المال في البنك. إذا كان المال قد مر عليه عام هجري، فتصبح الزكاة واجبة عليه.
4.3. تحديد قيمة الفوائد أو الأرباح
إذا كانت هناك فوائد أو أرباح تراكمت على الأموال المودعة في البنك، فإن هذه الفوائد تُعتبر جزءًا من المال الذي يجب إخراج الزكاة عنه. ويجب أن تُضاف هذه الفوائد إلى المبلغ الأصلي للمال المودع، وبالتالي تُحسب الزكاة عن المجموع الكلي.
4.4. حساب الزكاة
بعد إضافة الفوائد أو الأرباح، يتم حساب الزكاة بنسبة 2.5% من المبلغ الإجمالي (المال المودع + الفوائد). لحساب الزكاة بشكل دقيق، يمكن استخدام الصيغة التالية:
زكاة المال=المبلغ الإجمالي×2.5%
على سبيل المثال، إذا كان المبلغ المودع في البنك 10,000 ريال، وكانت الفوائد السنوية 500 ريال، فإن المبلغ الإجمالي يصبح 10,500 ريال. وبالتالي:
10,500×0.025=262.5
إذن الزكاة المستحقة على المال المودع هي 262.5 ريال.
5. كيفية التعامل مع الأموال المجمدة في البنك
في بعض الأحيان، قد يودع المسلم أمواله في البنك بشكل مجمد أو في حسابات بنكية غير قابلة للسحب إلا بعد فترة معينة (مثل الودائع الثابتة). في هذه الحالة، إذا كانت الأموال لا يمكن التصرف فيها، فلا يتم حساب الزكاة عليها إلا بعد مرور سنة هجريّة على الإيداع، وفي حال سحبها قبل انقضاء الحول، يتم حساب الزكاة عن المبلغ عند السحب.
6. زكاة المال في حسابات التوفير وحسابات الاستثمار
قد يفتح بعض الناس حسابات توفير أو حسابات استثمارية في البنوك، حيث تكون الأموال المستثمرة تُنتج أرباحًا بشكل دوري. في هذه الحالة، إذا كانت هذه الأرباح تُضاف إلى المبلغ الأساسي، يجب حساب الزكاة عن المجموع الكلي كما تم شرحه سابقًا.
7. هل يمكن استثمار المال المودع في البنك؟
إذا كانت الأموال مودعة في البنك وتحقق أرباحًا أو فوائد، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كان يجوز للمسلم استثمار هذه الأموال أو استخدام الفوائد التي يحصل عليها. وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، يُمنع المسلم من تلقي الفوائد الربوية، ولكن في حال تم الحصول على الفائدة بشكل غير مقصود، يمكن للمسلم التخلص منها عن طريق التصدق بها دون أن يستفيد منها.
8. زكاة الأموال المودعة في حسابات مشتركة
إذا كان المال المودع في البنك حسابًا مشتركًا بين عدة أشخاص، فيجب على كل شخص أن يخرج الزكاة عن حصته فقط، ويُحتسب المبلغ الذي يملكه الشخص في الحساب المشترك.
9. كيفية إخراج الزكاة
بعد حساب الزكاة المستحقة على المال المودع في البنك، يجب إخراج المبلغ وتوزيعه على المستحقين من الفقراء والمحتاجين. يمكن إخراج الزكاة مباشرة إلى الفقراء أو من خلال الجمعيات الخيرية المعترف بها.
10. خلاصة
حساب زكاة المال المودع في البنك يعتمد على عدة عوامل، أهمها نوع المال ومرور الحول عليه، بالإضافة إلى الفوائد والأرباح التي يمكن أن تنتج عن هذه الأموال. لذلك، من الضروري على المسلم أن يكون على دراية بكيفية حساب الزكاة وأن يتبع القواعد والشروط المحددة في الشريعة الإسلامية لضمان إخراج الزكاة بشكل صحيح.
من خلال اتباع الخطوات البسيطة التي تم توضيحها في هذا المقال، يمكن للمسلم حساب زكاة المال المودع في البنك بطريقة دقيقة وسهلة.

