حروق الدرجة الثانية: الأسباب والعلاج

حروق الدرجة الثانية: الأسباب، الأعراض، العلاجات، والمضاعفات

تُعد حروق الدرجة الثانية واحدة من أكثر أنواع الحروق شيوعًا، وتأتي في المرتبة التالية بعد حروق الدرجة الأولى من حيث الشدة. تتميز هذه الحروق بتلف أعمق في أنسجة الجلد، إذ لا يقتصر الضرر فيها على الطبقة السطحية (البشرة) كما في حروق الدرجة الأولى، بل يمتد إلى الطبقة الثانية من الجلد وهي الأدمة، مما يؤدي إلى أعراض أكثر وضوحًا وألماً، ويستدعي تدخلاً علاجياً أكثر تعقيدًا واهتمامًا. تعد المعرفة الكافية بطبيعة هذا النوع من الحروق أمراً ضرورياً لفهم كيفية التعامل معها، تفادي مضاعفاتها، والتعافي منها بالشكل الأمثل.

المفهوم الطبي لحروق الدرجة الثانية

حروق الدرجة الثانية تُصيب كلًا من البشرة (الطبقة الخارجية للجلد) والأدمة (الطبقة الداخلية). وقد تكون هذه الحروق سطحية أو عميقة حسب مدى التلف في الأدمة. تتسبب في احمرار شديد، تكون فقاعات مملوءة بالسائل، وتورم موضعي يرافقه ألم حارق. في بعض الحالات، تؤدي حروق الدرجة الثانية إلى فقدان السوائل والإصابة بالعدوى إذا لم تُعالج بالشكل المناسب.

الأسباب الشائعة لحروق الدرجة الثانية

تتنوع العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بحروق من الدرجة الثانية، ومن أبرزها:

• الحرارة المباشرة: مثل التعرض للسوائل الساخنة، البخار، أو اللهب.

• التعرض للشمس لفترات طويلة: خاصة في أوقات الذروة دون وقاية كافية.

• الاحتكاك القوي: مثل حوادث السقوط على الأسطح الخشنة بسرعة عالية.

• المواد الكيميائية: كالأحماض والقلويات الصناعية أو المنزلية.

• التيار الكهربائي: وخاصة الجهد المنخفض الذي قد يخترق الجلد مؤديًا إلى تلف الأنسجة.

• الإشعاع: في حالات علاج السرطان أو التعرّض المفرط للأشعة فوق البنفسجية.

الأعراض المميزة لحروق الدرجة الثانية

تختلف أعراض حروق الدرجة الثانية عن غيرها من الحروق نظراً لعمق الضرر، وتشمل ما يلي:

• احمرار حاد في الجلد

• ألم شديد ومستمر

• تورم ملحوظ

• ظهور فقاعات أو بثور ممتلئة بالسوائل

• رطوبة أو بلل في مكان الإصابة

• تقشر الجلد بعد أيام من الحرق

• احتمالية تغير لون الجلد لاحقاً

من الجدير بالذكر أن الألم في حروق الدرجة الثانية يكون أكثر حدة من حروق الدرجة الأولى، وقد يستمر لأيام إلى أن تبدأ عملية التعافي.

أنواع حروق الدرجة الثانية

1. حروق سطحية للدرجة الثانية

تصيب الجزء العلوي من الأدمة وتتميز بأعراض أكثر اعتدالاً، وتلتئم عادة في غضون 10 إلى 14 يوماً دون ترك ندوب كبيرة.

2. حروق عميقة للدرجة الثانية

تمتد إلى عمق أكبر في طبقة الأدمة، وقد تتطلب فترة أطول للشفاء تصل إلى عدة أسابيع، كما أن احتمالية ترك ندبات بعد الشفاء تكون أعلى.

الإسعافات الأولية لحروق الدرجة الثانية

التصرف السريع بعد حدوث الحرق يُعد أساسياً في تقليل الأضرار والمضاعفات، وتشمل خطوات الإسعاف ما يلي:

1. إبعاد الشخص عن مصدر الحرق فوراً.

2. تبريد منطقة الحرق بماء جارٍ فاتر (وليس بارد جداً) لمدة تتراوح من 10 إلى 20 دقيقة.

3. عدم استخدام الثلج مطلقاً لتبريد الحرق لأنه قد يؤدي إلى تفاقم الإصابة.

4. تغطية المنطقة بضمادة معقمة غير لاصقة للحفاظ على نظافة الجرح.

5. عدم فتح الفقاعات أو البثور يدوياً.

6. تناول مسكنات الألم عند الضرورة مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين.

7. طلب الرعاية الطبية فوراً في حال كبر مساحة الحرق أو وجود علامات عدوى.

العلاجات الطبية لحروق الدرجة الثانية

يُحدد العلاج المناسب بناءً على عمق الحرق ومساحته ومكانه. في معظم الحالات يُمكن علاج حروق الدرجة الثانية بشكلٍ موضعي، وقد تتضمن البروتوكولات العلاجية ما يلي:

1. تنظيف الحرق بانتظام

يتم ذلك باستخدام محلول ملحي أو مطهرات طبية مخصصة لتقليل خطر العدوى.

2. المراهم والكريمات الموضعية

تشمل مضادات حيوية مثل كريم سيلفادين (Silver Sulfadiazine)، وكريمات تحتوي على الفازلين أو مشتقات البتروليوم للحفاظ على ترطيب الجلد.

3. الضمادات الطبية

يتم استخدام ضمادات خاصة مقاومة للبكتيريا وغير لاصقة، وتُغيّر بانتظام حسب الحالة.

4. العلاج بالأدوية

مثل المسكنات، مضادات الالتهاب، أو المضادات الحيوية في حال ظهور عدوى.

5. العلاج بالليزر أو التدخل الجراحي

في حالات الحروق العميقة، قد يحتاج المريض إلى ترقيع الجلد أو تدخلات لإزالة الأنسجة التالفة وتحفيز الشفاء.

مدة الشفاء والتعافي

تعتمد فترة التعافي من حروق الدرجة الثانية على عدة عوامل منها عمق الحرق، عمر المصاب، حالته الصحية العامة، والمكان المصاب. بشكلٍ عام:

قد تظل بعض الآثار الظاهرة مثل التصبغات الجلدية أو الندوب لعدة أشهر، ويمكن تحسين مظهرها لاحقاً باستخدام تقنيات التجميل أو الليزر.

المضاعفات المحتملة

في حال عدم تلقي العناية الملائمة، قد تؤدي حروق الدرجة الثانية إلى:

• العدوى البكتيرية: بسبب تكسر حاجز الجلد الطبيعي.

• ندبات وتشوهات جلدية: خاصة في حالات الحروق العميقة.

• فقدان سوائل وجفاف: نتيجة التبخر عبر الجلد المصاب.

• ألم مزمن أو حكة مستمرة.

• تغير في لون الجلد الدائم.

• مشاكل في الحركة إذا كان الحرق قرب المفاصل.

متى تستدعي الحالة مراجعة الطبيب؟

ينبغي مراجعة الطبيب في الحالات التالية:

• إذا غطى الحرق مساحة تزيد عن 5 سنتيمترات.

• إذا كان الحرق في مناطق حساسة مثل الوجه، اليدين، القدمين أو الأعضاء التناسلية.

• إذا ظهرت علامات عدوى كإفرازات صفراء، رائحة كريهة، أو ارتفاع في درجة الحرارة.

• إذا لم يلتئم الحرق خلال أسبوعين.

• إذا شعر المريض بألم لا يُحتمل أو فقدان في الإحساس بالمنطقة المصابة.

الوقاية من حروق الدرجة الثانية

تُعد الوقاية عاملاً أساسياً في تجنب الإصابة بالحروق، وتشمل التدابير الوقائية:

• تجنب ملامسة السوائل أو الأجسام الساخنة مباشرة.

• استخدام الواقيات الشمسية ذات معامل حماية مرتفع عند التعرض للشمس.

• ارتداء القفازات الواقية عند التعامل مع المواد الكيميائية.

• تأمين مصادر الكهرباء وتغطية المقابس في المنازل التي بها أطفال.

• استخدام أدوات السلامة في المطابخ والأماكن الصناعية.

الرعاية بعد التعافي من الحرق

حتى بعد التئام الجلد، يحتاج المصاب إلى عناية مستمرة للحفاظ على مرونة الجلد ومنع التندب، من أهم التوصيات ما يلي:

• الترطيب اليومي للمنطقة المصابة باستخدام مرطبات غنية بالفيتامين E أو الألوفيرا.

• تجنب التعرض للشمس لمدة لا تقل عن 6 أشهر على الأقل.

• استخدام كريمات الوقاية من الندبات مثل السيليكون جل أو لصقات السيليكون.

• العلاج الطبيعي لتحسين حركة المفاصل إن تأثرت منطقة الحرق.

الخلاصة

تُعد حروق الدرجة الثانية إصابة جلدية متوسطة الشدة تتطلب عناية طبية مناسبة لضمان الشفاء الكامل وتقليل المضاعفات. الفهم الجيد لطبيعة هذه الحروق، وأسبابها، وطرق علاجها، يساعد في تحسين نتائج الشفاء وتفادي التبعات الوظيفية أو الجمالية طويلة الأمد. وتبقى الوقاية والتوعية المجتمعية حجر الأساس في تقليل نسب الإصابة بهذا النوع من الحروق، خاصةً في البيئات المنزلية والمهنية.

المراجع:

1. American Burn Association. (2023). Burn Injury: Prevention, Treatment, and Recovery.

2. World Health Organization (WHO). (2022). Burns Fact Sheet.