في كتابهم “الحرب ومكافحة الحرب: البقاء عند فجر القرن الحادي والعشرين”، يقدم الكتّاب ألفين وهايدي توفلر، الفكر الاجتماعي والتنبؤي، لرؤية متميزة حول موضوع محوري يراود البشرية منذ بداية تاريخها: الحرب والسلام. يستند فهمهم إلى فكرة أن طريقة صناعتنا للثروة هي نفسها طريقة صناعتنا للحرب، وأن التحولات الثورية في مجال الأعمال التجارية اليوم تجد تجسيدها في جيوش العالم ومستقبل الحرب نفسها.
يتناول الكتاب كيف تحولت القوات المسلحة الأمريكية من هزيمة مليئة بالمخدرات والإحباط في فيتنام إلى أداء متميز في الخليج – قصة بها دروس للعديد من الشركات اليوم وهي تعيد هيكلتها استعدادًا للقرن الواحد والعشرين. يقدم الكتاب نظرة عميقة عندما تبحث أمريكا عن استراتيجيات جديدة، وعندما تواجه صناعات الدفاع أزمات، وعندما يتم تفوق صناع السلام والمفاوضين في مواجهة الذكاء الاصطناعي والتسلح حول العالم، يوضح الكتاب لماذا يبدو أننا مصرين على العنف – وما الذي يجب فعله بهذا الصدد.
يشير الكتّاب إلى أن أشكال الحرب تغيرت عبر التاريخ: فأعطتنا العصور الزراعية المنجل والسيف، وأعطتنا العصور الصناعية الإنتاج الضخم والدمار الجماعي. ومن المتوقع، حسب رؤيتهم، أن نشهد غدًا، ومع تحول المعرفة والمعلومات إلى جوهر الاقتصادات المتقدمة، انتصار “البرمجيات على الصلب”.
تقدم الكتاب تصورات مثيرة لما قد يأتي: تطور التكنولوجيا العسكرية إلى درجة أنها قد تشمل الأسلحة الوراثية الدقيقة التي يمكن برمجتها لمهاجمة مجموعة عرقية معينة، واستخدام أسلحة الواقع الافتراضي للتضليل، والتسلل الإلكتروني إلى أنظمة الحاسوب الاستخباراتية والتجارية.
يشير الكتاب إلى أن الأشكال الجديدة للحرب تتطلب أشكالًا جديدة لصنع السلام، ويتحدث عن الأسلحة غير القاتلة، وعن المعارك “بلا دم” التي يمكن خوضها باستخدام مولدات الصوت الدنيا، وعن “شركات السلام” التي ستستفيد من الحفاظ على السلام في منطقة معينة.
يكشف الكتاب عن خريطة عالم جديدة ويقدم مفاهيم بارزة مثل “ثورة الأثرياء” والتقسيم الجديد لقوى العالم بين ثلاث حضارات كبيرة، تلك التي مضت وتلك الحاضرة وتلك المستقبلية.
إذا كانت أعمال الكتاب السابقة مرشدًا، فإن “الحرب ومكافحة الحرب” سيُقرأ ليس فقط في أروقة السلطة السياسية ولكن أيضًا في وزارات الحرب ومنظمات السلام حول العالم. سيغير هذا الكتاب الطريقة التي نفكر بها في أكثر المشاكل العاجلة على كوكبنا اليوم.