يبدو أن هناك نوعًا من اللبس في سؤالك، حيث تم الإشارة إلى مصطلح “Leftovers” (بقايا الطعام) والذي يرتبط في الغالب ببقايا الطعام التي يتم تناولها بعد وجبة، ولا يتعلق الأمر بفواكه محددة. ربما كنت تقصد الحديث عن مفهوم “بقايا الطعام” في سياق البيئة أو الثقافة الغذائية.
سأقوم بتوجيه المقالة إلى هذا المفهوم، وهو استهلاك بقايا الطعام أو “البقايا الغذائية” من خلال فلسفة “الفريغان”، وهي حركة اجتماعية تهدف إلى تقليل الفاقد الغذائي والاستفادة من بقايا الطعام المتروكة أو المهملة.
الفريغانية: حركة الاستفادة من بقايا الطعام
ما هي الفريغانية؟
الفريغانية هي حركة اجتماعية نشأت في سياق القضايا البيئية والاقتصادية، حيث يهدف أتباعها إلى تقليل الفاقد الغذائي عبر الاستفادة من “بقايا الطعام”. يشمل ذلك الأطعمة التي يتم التخلص منها أو التي تظل غير مستخدمة من قبل المحلات التجارية أو المنازل.
يعتبر الفريغانيون أن الفائض من الطعام الذي يتم التخلص منه بسبب شروط غير ضرورية مثل تاريخ انتهاء الصلاحية أو المظهر غير المثالي يمكن أن يكون صالحًا للاستهلاك البشري. وتدعو الحركة إلى التقليل من الفاقد الغذائي، مما يؤدي إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية وتقليل النفايات.
الفلسفة وراء حركة الفريغانية
تقوم الفلسفة الفريغانية على مبدأ أساسي يتمثل في الاستفادة من الطعام المهمل والذي يتم التخلص منه أو التخلص منه بشكل مفرط. يعتقد أتباع هذه الحركة أن كميات كبيرة من الطعام تُرمى بينما لا يزال يمكن استهلاكها بشكل آمن. كما أنها جزء من تفكير بيئي يعارض ثقافة الاستهلاك الزائد التي تدفع إلى هدر كميات ضخمة من الطعام.
الفريغانية ليست مجرد مسألة اقتصادية، بل هي أيضًا وسيلة للتعبير عن المواقف المناهضة للرأسمالية واستهلاك المنتجات المفرط. يرفض الفريغانيون فكرة أن الطعام يجب أن يُشترى بأسعار مرتفعة بينما يُهدر الكثير منه يوميًا.
كيف يعمل الفريغانون؟
يتبع الفريغانون أساليب مختلفة للحصول على بقايا الطعام، وهي تشمل:
-
الغوص في صناديق القمامة: قد يبدو الأمر غريبًا، لكن العديد من الفريغانين يعثرون على بقايا طعام صالحة للاستهلاك في صناديق القمامة الخاصة بالمتاجر أو الأسواق الكبرى. على الرغم من أن هذا قد يثير الاستغراب، إلا أن الدراسات أظهرت أن الكثير من الطعام يُتخلص منه فقط بسبب قُرب انتهاء صلاحيته أو بسبب تغيّر مظهره.
-
التبرعات من المحلات التجارية: تقوم بعض المحلات التجارية بتوزيع الطعام غير المباع أو الذي اقترب تاريخ انتهاء صلاحيته بشكل مجاني أو بتخفيضات كبيرة. يشجع الفريغانون هذه المبادرات لأن الغذاء لا يجب أن يُهدر لمجرد أنه ليس “جديدًا”.
-
الزراعة المنزلية: البعض من أتباع الحركة يزرعون طعامهم في حدائقهم الخاصة أو في المساحات العامة المتاحة، مما يعزز فكرة الاكتفاء الذاتي وتقليل الحاجة إلى استهلاك الطعام المُنتج صناعيًا.
أهمية الحركة في الحد من الفاقد الغذائي
تعتبر حركة الفريغانية ضرورية في عصرنا الحالي، حيث يُقدر أن حوالي 1.3 مليار طن من الطعام يُهدر سنويًا في العالم. هذا الهدر يشكل عبئًا بيئيًا ثقيلًا، لأنه يتطلب موارد ضخمة من الماء والأراضي والطاقة لإنتاج الطعام الذي ينتهي به الأمر في القمامة.
في دول مثل الولايات المتحدة، يُقدر أن حوالي 40% من الطعام يُهدر سنويًا، وهذا يشمل كل شيء من الخضروات والفواكه إلى اللحوم والأطعمة المصنعة. هذا الرقم يمكن أن يتسبب في تفاقم أزمة المناخ، حيث تتسبب عمليات إنتاج الطعام في انبعاثات ضخمة من غازات الاحتباس الحراري. ولذلك، فإن استعادة بقايا الطعام وتقليل الهدر يمكن أن يكون له تأثير بيئي إيجابي كبير.
كيف يمكن للجميع أن يساهم في تقليل الفاقد الغذائي؟
بالإضافة إلى الانضمام إلى حركة الفريغانية، يمكن للجميع المشاركة في تقليل الفاقد الغذائي من خلال عدة طرق بسيطة:
-
التخطيط للطعام بعناية: يساعد التخطيط المسبق للوجبات على تقليل الفائض من الطعام الذي يتم شراؤه ومن ثم رميه. تحديد احتياجات الطعام بدقة وشراء الكميات المطلوبة يمكن أن يساعد في تقليل الهدر.
-
الاستفادة من بقايا الطعام: يمكن تحويل بقايا الطعام إلى وجبات جديدة. على سبيل المثال، يمكن استخدام بقايا الخضروات لصنع حساء أو طعام خفيف. يمكن أيضًا استخدام بقايا اللحوم لتحضير السندويشات أو السلطات.
-
التبرع بالطعام: التبرع بالطعام الذي لا تحتاجه قد يكون حلاً جيدًا لمنع هدر الطعام. يمكن التبرع بالأطعمة التي اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها أو التي لا تحتاجها إلى الجمعيات الخيرية.
-
التفاعل مع المبادرات المجتمعية: في بعض المدن، توجد مبادرات مجتمعية لتوزيع الطعام الزائد أو التبرع به. هذه المبادرات تشجع على الحفاظ على الطعام وتوفير الدعم للمحتاجين.
الخاتمة
في عالم يعاني من الجوع بينما يتم هدر كميات ضخمة من الطعام، أصبحت حركة الفريغانية أكثر أهمية من أي وقت مضى. من خلال تشجيع الناس على التفكير في كيفية استخدام بقايا الطعام، يمكننا تقليل الفاقد الغذائي والحفاظ على كوكب الأرض. إن حركة الفريغانية لا تتعلق فقط بتقليل الهدر، بل هي أيضًا دعوة للاحتجاج على ثقافة الاستهلاك المفرط واستهلاك الموارد بشكل غير عقلاني.