معلومات غذائية

حرق السعرات أثناء النوم

كم يحرق الجسم أثناء النوم: دراسة شاملة للطاقة والوظائف الحيوية في حالة الراحة التامة

يعد النوم من الحالات الحيوية الأساسية التي يمر بها الإنسان يومياً، وهو ليس مجرد حالة استرخاء أو توقف عن النشاط الحركي فقط، بل هو حالة معقدة تلعب دوراً محورياً في صحة الجسم والدماغ. من الجوانب المهمة التي يثيرها المختصون في علوم التغذية والفيزيولوجيا هي معرفة كم يحرق الجسم من السعرات الحرارية أثناء النوم، وذلك لتحديد تأثير النوم على استقلاب الطاقة وموازنة الوزن، وتحقيق فهم أفضل لكيفية إدارة الصحة العامة.


مفهوم استقلاب الطاقة أثناء النوم

استقلاب الطاقة هو عملية حيوية يقوم بها الجسم لتحويل الغذاء إلى طاقة يحتاجها في أداء الوظائف الحيوية المختلفة. أثناء النوم، تنخفض حركة الجسم بشكل كبير مقارنةً باليقظة، لكن ذلك لا يعني توقف استهلاك الطاقة. الجسم يستمر في استهلاك الطاقة للحفاظ على الوظائف الأساسية مثل التنفس، ودوران الدم، وتنظيم درجة الحرارة، وتجديد الخلايا، والعمليات العصبية التي تحدث في الدماغ.


معدل الأيض الأساسي (Basal Metabolic Rate – BMR) أثناء النوم

معدل الأيض الأساسي هو كمية الطاقة التي يحتاجها الجسم في حالة الراحة التامة للحفاظ على وظائفه الحيوية دون أي نشاط بدني. أثناء النوم، يكون معدل الأيض أقل قليلاً مقارنةً بحالة الاستيقاظ، لكنه يبقى كبيراً لأنه يغطي احتياجات أعضاء الجسم الحيوية.

تختلف كمية السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم أثناء النوم تبعاً لعوامل عدة منها العمر، الجنس، الوزن، الطول، ونوعية النوم. بشكل عام، يحرق الجسم من 0.42 إلى 0.55 سعر حراري لكل رطل من وزن الجسم في الساعة أثناء النوم. بمعنى آخر، إذا كان وزن الشخص 70 كيلوغراماً (154 رطلاً)، فإن الجسم يحرق حوالي 65 إلى 85 سعرة حرارية في الساعة أثناء النوم.


حساب متوسط السعرات المحروقة أثناء النوم

لتوضيح ذلك بصورة أدق، يمكن تقدير كمية السعرات المحروقة خلال فترة نوم قياسية تمتد بين 7 إلى 8 ساعات كما يلي:

  • الوزن: 70 كغ (154 رطلاً)

  • السعرات الحرارية المحروقة في الساعة: 0.42 إلى 0.55 × 154 = تقريباً 65 إلى 85 سعر حراري في الساعة.

  • مدة النوم: 8 ساعات

  • إذن السعرات الحرارية المحروقة أثناء النوم = 8 × 65 إلى 8 × 85 = بين 520 إلى 680 سعر حراري في الليل الواحد.

هذا الرقم يمثل الطاقة التي يحتاجها الجسم فقط للحفاظ على الوظائف الحيوية أثناء النوم.


العوامل المؤثرة في كمية السعرات المحروقة أثناء النوم

  1. التركيب الجسمي: الأشخاص الذين لديهم كتلة عضلية أكبر يحرقون سعرات حرارية أكثر خلال النوم لأن العضلات تتطلب طاقة أكثر من الدهون للحفاظ على وظائفها.

  2. العمر: مع تقدم العمر، يقل معدل الأيض الأساسي، مما يقلل كمية السعرات التي يحرقها الجسم أثناء النوم.

  3. الجنس: عادةً ما يكون لدى الرجال معدل أيض أساسي أعلى من النساء بسبب الكتلة العضلية الأكبر.

  4. درجة حرارة الجسم والبيئة المحيطة: عندما يكون الجو بارداً جداً أو ساخناً جداً، يحتاج الجسم إلى حرق المزيد من السعرات للحفاظ على درجة حرارة داخلية مستقرة، مما يزيد استهلاك الطاقة أثناء النوم.

  5. مرحلة النوم: النوم ينقسم إلى مراحل مختلفة (النوم العميق، النوم الخفيف، ونوم حركة العين السريعة REM). في مراحل معينة مثل نوم حركة العين السريعة، يزداد نشاط الدماغ، مما يؤدي إلى استهلاك طاقة أكبر.

  6. الصحة والهرمونات: بعض الحالات الصحية مثل فرط نشاط الغدة الدرقية ترفع معدل الأيض حتى أثناء النوم.


العلاقة بين النوم وحرق السعرات وتأثيرها على الوزن

النوم الجيد والكافي يساهم بشكل مباشر في التوازن الهرموني الذي ينظم الشهية والتمثيل الغذائي. قلة النوم تؤدي إلى اضطراب في إفراز هرمونات مثل اللبتين والغريلين المسؤولة عن تنظيم الجوع والشبع، مما قد يؤدي إلى زيادة الوزن بالرغم من قلة النشاط البدني.

من الناحية الأخرى، النوم الكافي يدعم قدرة الجسم على حرق السعرات الحرارية بشكل فعال خلال الراحة، ويساعد في تجديد الخلايا وتحسين استقلاب الدهون والكربوهيدرات.


الأيض خلال مراحل النوم المختلفة

ينقسم النوم إلى دورات متعددة تضم عدة مراحل، لكل مرحلة تأثيرها الخاص على حرق السعرات:

  • مرحلة النوم الخفيف: تبدأ الدورة بالنوم الخفيف حيث يبدأ الجسم في الاسترخاء ويبدأ معدل الأيض في الانخفاض.

  • مرحلة النوم العميق (NREM): خلال هذه المرحلة، يكون معدل الأيض في أدنى مستوياته تقريباً، حيث يركز الجسم على تجديد الخلايا والأنسجة.

  • مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM): تزداد نشاطات الدماغ في هذه المرحلة، وتصبح عملية استهلاك الطاقة أعلى مقارنةً بمراحل النوم الأخرى. الدماغ ينشط كثيراً في هذه المرحلة بسبب الأحلام وحركات العين السريعة.


السعرات الحرارية المحروقة في النوم مقارنة مع النشاطات الأخرى

للمقارنة، إليك بعض الأمثلة على السعرات الحرارية التي يحرقها الإنسان في أنشطة مختلفة خلال ساعة واحدة لشخص وزنه 70 كغ:

النشاط السعرات الحرارية المحروقة (ساعة)
النوم 50-70
الجلوس (مكتب) 80-100
المشي (بسرعة 4 كم/س) 210-250
الركض (بسرعة 8 كم/س) 600-700

هذه الأرقام توضح أن النوم هو من أقل الأنشطة استهلاكاً للطاقة، لكن مع ذلك لا يتوقف الجسم عن حرق السعرات على الإطلاق.


دور النوم في استعادة الطاقة وتحسين الصحة

النوم لا يقتصر فقط على حرق السعرات، بل هو مرحلة حيوية لتعزيز الصحة العامة وتجديد الطاقة التي فقدها الجسم خلال اليوم. في أثناء النوم:

  • يتم إنتاج هرمون النمو الذي يساعد على إصلاح الأنسجة.

  • تتحسن وظائف الجهاز المناعي.

  • يتخلص الدماغ من السموم والخلايا التالفة.

  • يتم ترسيخ المعلومات والذاكرة.

هذه العمليات الحيوية تجعل النوم ضرورة أساسية لضمان استمرارية عمل الجسم بكفاءة عالية.


تأثير اضطرابات النوم على معدل الحرق

الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم مثل الأرق أو توقف التنفس أثناء النوم قد يواجهون تأثيرات سلبية على معدل الأيض. فقد تبين أن اضطرابات النوم تقلل من القدرة على حرق السعرات الحرارية بشكل فعال وتزيد من احتمالية زيادة الوزن والأمراض المزمنة كالسمنة ومرض السكري.


أهمية النوم الصحي في إدارة الوزن

النوم الصحي المنتظم يدعم التحكم في الوزن، حيث أنه:

  • يعزز إنتاج الطاقة بشكل متوازن.

  • يساهم في تحسين حساسية الأنسولين.

  • يقلل من إفراز هرمونات الجوع المفرطة.

  • يعزز نشاط الجهاز العصبي الودي، ما يساعد في زيادة معدل الأيض.


خاتمة

يُعتبر النوم من الفترات التي يستهلك فيها الجسم طاقة لا يستهان بها، إذ يحافظ على استمرار الحياة ووظائفها الحيوية من خلال استقلاب السعرات الحرارية. رغم أن معدل الحرق أثناء النوم أقل من النشاط البدني، إلا أن تأثيره في الموازنة الهرمونية، وتنظيم الشهية، وتحسين الصحة العامة لا يقل أهمية عن استهلاك الطاقة في فترات اليقظة.

فهم كم يحرق الجسم أثناء النوم يساعد في تكوين استراتيجيات غذائية وصحية متكاملة تعزز من جودة الحياة وتساعد في الوقاية من مشاكل الوزن والأمراض المزمنة المرتبطة باضطرابات الأيض والنوم.


المراجع