حالات أخذ الأب حضانة الأولاد في الأردن
تعد مسألة الحضانة من أبرز القضايا التي تثير جدلاً واسعاً في النظام القضائي في العديد من الدول العربية، ومنها الأردن. في هذه القضية، يلتقي القانون مع العادات والتقاليد لتحديد من يحق له الحصول على حضانة الأطفال بعد الطلاق أو التفريق، سواء كانت الأم أو الأب. في الوقت الذي تُمنح فيه الحضانة عادةً للأم، إلا أن هناك حالات استثنائية يمكن للأب الحصول فيها على حضانة الأولاد. تتعدد هذه الحالات وتتنوع تبعاً للعديد من العوامل القانونية والاجتماعية، ولذا يتطلب الأمر فهماً دقيقاً للأنظمة المعمول بها في القضاء الأردني.
تعريف الحضانة في القانون الأردني
الحضانة في القانون الأردني هي الرعاية والتربية التي يتم توفيرها للطفل بعد انفصال والديه. وتنص قوانين الأحوال الشخصية الأردنية على أن الحضانة هي واجب على الوالدين تجاه الأبناء القصر، وتحدد القوانين حقوق ومسؤوليات كل طرف في هذه المسألة. عادة ما تُمنح الحضانة للأم في حال كان الطفل في سن معينة، إلا أن هذا الوضع يتغير إذا توافرت شروط خاصة للأب تمنحه الحق في حضانة الأبناء.
القاعدة العامة في قانون الحضانة في الأردن
وفقاً لقانون الأحوال الشخصية الأردني، تُمنح الحضانة عادةً للأم، باعتبارها الأنسب لرعاية الأطفال الصغار وخاصة في السنوات الأولى من العمر. في البداية، تقضي الأحكام القضائية في الأردن بأن الأم هي الأحق بحضانة الطفل حتى سن السابعة للولد وحتى سن التاسعة للفتاة. أما بعد هذه الأعمار، فيمكن للقاضي أن يأخذ في اعتباره رغبة الطفل في البقاء مع أحد الوالدين، وفقاً لمصلحته الفضلى.
حالات استثنائية يمكن للأب فيها الحصول على الحضانة
إن حصول الأب على حضانة الأطفال في الأردن ليس بالأمر السهل، حيث يتطلب ذلك تحقيق عدة شروط قانونية واستثنائية قد تتيح للأب الحصول على حق الحضانة. تتضمن هذه الحالات:
-
التعرض للخطر على يد الأم: إذا كان الأب يستطيع إثبات أن الأم غير قادرة على رعاية الأطفال بشكل سليم أو أن لديها تصرفات قد تعرض الأطفال للخطر أو الإهمال، فإن ذلك قد يدعم دعوى الأب للحصول على الحضانة. على سبيل المثال، إذا كانت الأم تعاني من إدمان المخدرات أو الكحول، أو إذا كانت هناك أدلة على إساءة معاملة الطفل.
-
عدم قدرة الأم على تلبية احتياجات الطفل: في حال كانت الأم غير قادرة على تلبية احتياجات الطفل المادية أو الصحية بشكل كافٍ، أو كانت تعاني من حالة مرضية مزمنة تجعل من الصعب عليها القيام بواجباتها كأم، فإن المحكمة قد تنظر في منح الأب حق الحضانة، باعتباره الشخص القادر على تلبية هذه الاحتياجات.
-
وفاة الأم أو عجزها التام: في حال توفيت الأم أو كانت غير قادرة على أداء واجبها بسبب مرض شديد أو عجز دائم، يُمنح الأب الحق في الحضانة كأب في المقام الأول. في هذه الحالة، لا يشترط أن يكون الأب قد تقدم بدعوى للحصول على الحضانة، بل هو أمر مقرر بموجب القوانين السارية في البلاد.
-
إهمال الأم لأطفالها: في حال ثبت أن الأم لم تقم بتوفير الرعاية اللازمة للأطفال أو أهملتهم بشكل واضح، فقد يكون الأب الأحق بحضانة الأطفال. قد يتمثل الإهمال في حالات متعددة مثل غياب الأم عن متابعة صحة الطفل أو رفضها إرسال الطفل إلى المدرسة أو سوء معاملتها له.
-
وجود قناعة قضائية بأن مصلحة الطفل في الحضانة مع الأب: أحياناً قد يرى القاضي أن مصلحة الطفل تكمن في بقاءه مع الأب، بغض النظر عن القوانين التي تنص عادةً على حق الأم. يمكن أن يكون هذا القرار مبنياً على عدد من العوامل، مثل علاقة الأب بالأطفال وقدرته على تلبية احتياجاتهم النفسية والتعليمية.
-
وجود أبناء من زواج سابق للأم: في حالة وجود أطفال من زواج سابق للأم، قد ينظر القاضي إلى الوضع العائلي بشكل أوسع ويمنح الأب الحضانة إذا رأى أن ذلك يصب في مصلحة الطفل.
معايير المحكمة الأردنية في تحديد الحضانة
تأخذ المحكمة الأردنية في اعتبارها العديد من العوامل قبل اتخاذ قرار الحضانة، ويشمل ذلك الظروف المعيشية للأطفال، بالإضافة إلى الحالة الصحية والعاطفية للأب والأم. إليك بعض المعايير التي تؤثر في قرار المحكمة:
-
عمر الطفل: الأطفال دون سن السابعة من العمر غالباً ما يتم منحهم للأم، أما الأطفال الذين يتجاوزون هذا العمر فقد تأخذ المحكمة في اعتبارها رغباتهم وميولهم.
-
حالة الوالدين الاجتماعية والمالية: يمكن أن تؤثر الحالة الاجتماعية والمالية للأب والأم في القرار. إذا كان أحد الوالدين أكثر قدرة على توفير بيئة مستقرة ومريحة للطفل، قد يُمنح هذا الوالد الحضانة.
-
العلاقة بين الأب والأطفال: إذا كان الأب يتمتع بعلاقة قوية ومستقرة مع الأطفال، ويدير شؤونهم بشكل جيد، فإن ذلك قد يدعم دعواه للحصول على الحضانة.
-
السلوك والعادات الأخلاقية: يُعتبر سلوك الوالدين عنصراً مهماً في قرار المحكمة. إذا كان أحد الوالدين يتمتع بسلوك أخلاقي غير مستقر أو كانت لديه سوابق جنائية، فقد يؤثر ذلك على الحق في الحضانة.
الإجراءات القانونية لحصول الأب على الحضانة
من أجل الحصول على الحضانة، يجب أن يتبع الأب الإجراءات القانونية المناسبة والتي تتضمن رفع دعوى قضائية أمام المحكمة المختصة. تشمل هذه الإجراءات:
-
رفع دعوى الحضانة: يبدأ الأب بإجراء رفع دعوى الحضانة أمام المحكمة الشرعية، وتقديم الأدلة والشهادات التي تدعم طلبه.
-
المداولات القضائية: تقوم المحكمة بإجراء جلسات استماع للوالدين والاستماع إلى شهود حول مصلحة الطفل، وقد يتم الاستماع إلى رأي الطفل نفسه إذا كان قد بلغ السن المناسب لذلك.
-
القرار القضائي: في النهاية، تصدر المحكمة قرارها بناءً على ما تراه في مصلحة الطفل، وقد يتم منح الأب أو الأم الحضانة، أو قد يُحكم بحضانة مشتركة.
الخاتمة
على الرغم من أن القانون الأردني يمنح الحضانة عادةً للأم، إلا أن هناك حالات استثنائية يمكن فيها للأب الحصول على حضانة الأولاد. هذه الحالات تتطلب إثباتات قانونية ودعماً من المحكمة ليثبت الأب أنه الأنسب لرعاية الأطفال. يعتمد النظام القضائي في الأردن على مبدأ “مصلحة الطفل الفضلى”، وهو ما يعني أن المحكمة تبحث في كل حالة على حدة لتقرر أي الوالدين هو الأنسب لحضانة الطفل بناءً على مجموعة من المعايير الموضوعية.
