في الصيف الحار لعام 1979، اهتز العالم بأكمله على وقع حادث نووي مروع، أطلق عليه اسم “حادث جزيرة ثري مايل”، والذي وقع في محطة الطاقة النووية Three Mile Island في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية. تُعتبر هذه الحادثة واحدة من أكبر الكوارث النووية في تاريخ الولايات المتحدة وفي عالم الطاقة النووية عمومًا.
محطة Three Mile Island كانت تضم مفاعلًا نوويًا من طراز B&W (Dry), وهو نوع من المفاعلات النووية ذات الضغط المائي PWR، وكانت تصنف بسعة صافية تبلغ 880 ميجاواط كهربائية. بدأ بناء المفاعل في تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1969، وتم ربطه بشبكة الكهرباء لأول مرة في 30 كانون الأول (ديسمبر) من عام 1978.
ومع أن محطة Three Mile Island كانت تعتبر إنجازًا هائلًا في مجال الطاقة النووية، إلا أنها تعرضت لأحداث غير متوقعة أدت إلى كارثة هائلة. في 28 مارس 1979، حدث تسرب نووي داخل المفاعل بسبب خلل في النظام، وتفاقمت الأمور حتى بلغت نقطة تسرب الوقود النووي إلى الخارج وتفاعل النواة.
رغم حجم الحادث وخطورته، فإن الأضرار البشرية كانت محدودة نسبيا. لم تؤدِ الحادثة إلى وفيات مباشرة، ولكنها أثرت بشكل كبير على الصحة العامة وأثارت مخاوف بشأن سلامة الطاقة النووية. بالإضافة إلى ذلك، أدت الحادثة إلى تشكيل لجان تحقيق وطنية ودولية لدراسة الأسباب والعواقب المحتملة لمثل هذه الكوارث واتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة.
منذ حادثة Three Mile Island، فإن صناعة الطاقة النووية قد شهدت تحسينات كبيرة في مجالات السلامة والتصميم لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية. ورغم أن المفاعل بقي متوقفًا بعد الحادث، فقد استمرت المحطة في العمل لفترة من الوقت قبل أن يتم إغلاقها نهائيا. وبالتالي، تظل حادثة Three Mile Island تُعتبر درسًا هامًا لصناعة الطاقة النووية حول العالم بشأن ضرورة الالتزام بأعلى معايير السلامة والجودة في هذا المجال الحساس.