في “القلعة الداخلية: الفن والحياة في جين ستافورد”، تقدم آن هلبرت لنا لحظة هامة في تاريخ الأدب الأمريكي، حيث تأتي حياة جين ستافورد إلى الحياة من خلال هذه السيرة الذاتية الرائعة. جين ستافورد، واحدة من أكثر الكتّاب نجاحًا وإعجابًا – وفي الوقت نفسه واحدة من الشخصيات المضطربة – في الدائرة المشرقة والمؤثرة في منتصف القرن التي ضمت أسماءً كثيرة مثل آلان تيت، كارولين جوردون، بيتر تايلور، ديلمور شوارتز، راندال جاريل، وروبرت لول، الزوج الأول لستافورد.
تربت جين ستافورد في كولورادو، ابنة كاتب فاشل للروايات الغربية، ولكنها نشأت أدبيًا في الشرق، حيث حافظت بقوة على ارتباطها بخلفيتها الإقليمية، وصاغت الأسلوب الفريد الذي ميز أول رواية لها المحتفى بها بشدة، “مغامرة بوسطن”، ورائعتها “الأسد الجبلي”، وروايتها الثالثة “عجلة كاثرين”، بالإضافة إلى القصص التي نشرتها في مجلة “ذا نيو يوركر” وغيرها، والتي فازت في عام 1970 بجائزة بوليتزر.
نتابع سيرة ستافورد من خلال التجارب الأولى التي عادت إليها مرارًا وتكرارًا في أعمالها الخيالية، والتي ساهمت في تشكيل رؤيتها المستأنسة – فقدان والدها المفاجئ لثروته، وخجلها كمراهقة تعيش في منزل دوري في بولدر تديره والدتها، وتجربتها الجمالية كعضو في “البرابرة” الفكرية في جامعة كولورادو، وسنة رحلتها المثيرة والمزعجة في ألمانيا النازية، حيث شاهدت انهيار الحضارة. نراها تأخذ مكانها كامرأة قوية، جذابة، ذكية، ولكنها أيضًا غير واثقة بين مجموعة من الكتّاب الشبان الذين كانوا يتعلمون من ويتحدون مناقشيهم الأكبر سنًا – النقاد الجنوبيين المتزايدين في القوة ودائرة مراجعة “بارتيزان ريفيو” في نيويورك.
مع زواجها من لول في الرابعة والعشرين، شرعت في مسار خلاق لكنه محموم ومأساوي، حمل علامات منبئة بمصائرها ومصائر زملائها الشعراء: كافحت مع الكاثوليكية، وواجهت العنف الأسري، وصارعت مع الإدمان على الكحول وعدم الاستقرار العقلي، وعلى الرغم من ذلك كتبت أدبًا بلا عيوب من الناحية الشكلية. ونراها وهي تجد بعض السعادة مع زوجها الثالث، الكاتب إيه. جي. ليبلينج، الذي كان جزءًا من عالم “ذا نيو يوركر” الذي أصبحت جزءًا منه في أواخر الأربعينيات.
طوال السيرة، نشعر ببحث ستافورد المستمر عن معقل من النظام – مكان آمن، هروبًا من الشعور المضطرب بالضعف الذي غمرها، قلعة داخلية – من خلالها تقترب من حياتها وفنها. يتضح لنا كيف حققت جين ستافورد رغم التحديات الكثيرة نجاحًا أدبيًا ملحوظًا وكيف تركت بصمة لا تُنسى في تاريخ الأدب الأمريكي. في هذا السرد الجذاب والمفصل، تقف آن هلبرت كراويةً حكيمة لحياة كاتبة استثنائية، مما يضيف قيمة استثنائية لمحبي النقد الأدبي وأدب الكتّاب النساء.