بمرور الزمن، ظلت شخصية جان دارك “جوانا دارك” تثير الدهشة والإعجاب، فهي الفتاة الشابة التي قادت الجيوش وواجهت التحديات بشجاعة وإيمان لا يلينان. ومن بين الشخصيات التي ترتبط اسمها بتلك الفترة الزمنية الهامة في التاريخ الفرنسي، يبرز شخص جيل دو راي “جيل دو ريه”، الذي أصبح فيما بعد معروفًا بلقب “الدوق الأزرق”. يروي ميشيل تورنييه “Michel Tournier” في روايته “جيل وجان” العلاقة المعقدة بين هذين الشخصين التاريخيين، ويقدم تصوّرًا فريدًا حول تأثير إدانة جان دارك واستشهادها على جيل دو راي.
تتمحور الرواية حول التصادم بين القوى المتنافرة، فهي تجمع بين شخصية المرأة الشجاعة جان دارك، التي اشتهرت بدفاعها عن فرنسا خلال حرب المائة عام، وبين شخصية جيل دو راي، الذي كان يعتبر من أبرز القادة العسكريين في فرنسا في ذلك الوقت. ومن خلال سرد تورنييه المتقن، نتعرف على عوالم داخلية معقدة تسكن هذين الشخصيتين، وكيف أثرت حياة كل منهما على الآخر.
تستند الرواية إلى الأحداث التاريخية، ولكنها تتخذ حرية فنية في تقديمها وتفسيرها، مما يمنحها طابعًا فنيًا وأدبيًا مميزًا. يقوم تورنييه بدراسة عميقة لشخصياته، ويقدم للقارئ رؤية فريدة وعميقة حول العواطف والتحولات النفسية التي يمر بها كل من جيل وجان.
تمتاز الرواية بأسلوبها السردي الجذاب، والذي يجعل القارئ يشعر وكأنه يعيش في ذلك الزمان والمكان، حيث تنسج تورنييه خيوط الحب والخيانة والشجاعة ببراعة، وتترك أثرًا عميقًا في نفس من يقرأها.
“جيل وجان” تعتبر عملًا أدبيًا بارعًا يستحق القراءة، حيث تمزج بين الواقع والخيال ببراعة، وتجسد بتفاصيلها الدقيقة العلاقة المعقدة بين جان دارك وجيل دو راي، مما يجعلها واحدة من الأعمال الأدبية الفريدة التي تجذب القارئ وتثير فضوله لاستكشاف الحقائق التاريخية وراء الخيال الأدبي.