جريمة أسرة واتس الأمريكية

مراجعة فيلم “القتل الأمريكي: العائلة المجاورة” – وثائقي مروع يكشف عن مأساة أسرة واتس

في عام 2020، عرض الفيلم الوثائقي “القتل الأمريكي: العائلة المجاورة” للمخرجة جيني بوبلويل، وهو وثائقي مأساوي تناول واحدة من أكثر الجرائم تأثيرًا في تاريخ الولايات المتحدة. يعتمد الفيلم على لقطات حقيقية وغير محررة من التحقيقات ووسائل التواصل الاجتماعي، ليكشف عن اختفاء شانان واتس وأطفالها، وما تبع ذلك من أحداث مأساوية هزت الرأي العام.

قصة الفيلم

يدور الفيلم حول الحادثة الشهيرة التي وقعت في عام 2018، عندما اختفت شانان واتس، التي كانت حاملاً في الشهر الثامن، مع أطفالها: بنتها، بيلا، وابنها، نيكولاس. كانت شانان وزوجها كريس واتس قد انتقلوا مؤخرًا إلى منزل جديد في منطقة دنفر، كولورادو، وهو ما جعل اختفاء الأسرة من دون أثر أمرًا مريبًا للغاية. تم تصوير وتوثيق اللحظات الأخيرة لشانان من خلال مقاطع الفيديو التي شاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يضيف طبقة مؤلمة من الواقعية للفيلم.

في الأيام التي تلت اختفاء الأسرة، بدأت الشرطة في التحقيق، حيث اكتشفوا أن كريس واتس كان متورطًا في الجريمة. كما يكشف الفيلم عن الوضع المضطرب الذي كان يعيش فيه كريس، والعلاقات التي أثرت على قراراته المروعة. من خلال مقابلات مع الشرطة وأفراد الأسرة، وكذلك بعض الرسائل النصية والمقاطع المصورة، يعرض الفيلم قصة مؤلمة من الغدر والخيانة.

التصوير والمواد الخام

ما يميز فيلم “القتل الأمريكي: العائلة المجاورة” هو اعتماده على المواد الخام واللقطات الحقيقية التي تم جمعها من تحقيقات الشرطة ومن منصات التواصل الاجتماعي. تعرض هذه اللقطات المشاعر الإنسانية التي لا يمكن محاكاتها، مما يجعلها أكثر تأثيرًا على المشاهدين. إن رؤية الصور المفعمة بالأمل لشانون وأطفالها على الإنترنت تتحول إلى كوابيس حقيقية خلال تحقيقات الشرطة تضفي أبعادًا أخرى على القصة.

هذا التوثيق الصريح يجعل المشاهد يتفاعل مع الأحداث بشكل مباشر، ويشعر بمدى قسوة الواقع الذي يعيشه أفراد الأسرة. في الوقت نفسه، تُظهر هذه اللقطات كيف يمكن للأسر أن تكون مظلومة في مواجهة جريمة مأساوية مثل هذه، وكيف تفاعل المجتمع مع الحادثة.

التحقيقات والجانب النفسي

إحدى نقاط القوة في الفيلم هو تحليله النفسي العميق لشخصيات أفراد الأسرة، خاصة كريس واتس. يقدم الفيلم لمحات من حياته الشخصية والعاطفية، ويظهر التوترات التي كانت قائمة داخل العائلة. يعرض الفيلم كيف أن كريس كان يعتقد أنه يمكنه إخفاء جريمته لفترة طويلة، وكيف تم اكتشاف خيوط الجريمة تدريجياً.

يأخذ الفيلم أيضًا المشاهدين من خلال التحقيقات الصادمة التي لا تُظهر فقط ما حدث، بل تكشف عن الظروف التي أدت إلى وقوع الجريمة. يبدو أن الشخصية التي كانت تُعتبر محبوبة من الجميع تحمل في طياتها جانبا مظلما، مما يثير تساؤلات عن طبيعة الإنسان وكيف يمكن أن يختبئ العنف تحت طبقات من التظاهر بالسلام والطمأنينة.

التأثير على المجتمع

لا يقتصر تأثير الفيلم على تقديم القصة المروعة فقط، بل يمتد ليكشف عن ردود الفعل الاجتماعية الواسعة حول الجريمة. الجمهور الأمريكي والعالمي كان يشهد حالة من الصدمة التي أدت إلى نقاشات واسعة حول العلاقات الزوجية، الصحة النفسية، والتصرفات العاطفية المتطرفة.

كما أن الفيلم يطرح تساؤلات عن دور وسائل الإعلام في تسليط الضوء على مثل هذه القضايا، وكيف يمكن للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي أن تلعب دورًا مهمًا في توثيق الجرائم والتأثير على التحقيقات. إن عرض حياة أسرة واتس بهذه الطريقة المتاحة للجميع عبر الإنترنت يثير تساؤلات أخلاقية حول حقوق الخصوصية والإفشاء العلني للمعلومات الشخصية.

ختامًا

فيلم “القتل الأمريكي: العائلة المجاورة” هو أكثر من مجرد توثيق جريمة قتل. إنه استكشاف للأبعاد النفسية والاجتماعية التي أدت إلى مذبحة هزت الولايات المتحدة والعالم بأسره. من خلال تقديم المواد الخام والتحقيقات، يعرض الفيلم قصة قاتمة عن الخيانة، العنف، والانهيار العاطفي داخل أسرة كانت تبدو في البداية كأي أسرة أمريكية عادية. لا شك أن هذا الفيلم يعد من أكثر الأعمال الوثائقية إثارة للجدل، ويستحق المشاهدة لمن يرغب في التعمق في تفاصيل الجرائم الكبرى التي تؤثر على المجتمع بشكل غير متوقع.