الكتاب: “جاي-جين” للمؤلف جيمس كلافيل
تُعد رواية “جاي-جين” واحدة من أبرز الأعمال الأدبية التي قدمها الكاتب الإنجليزي جيمس كلافيل، وهي الجزء السادس والأخير من سلسلة رواياته المعروفة بـ “سلسلة آسيا”. نُشرت الرواية لأول مرة في إبريل 1993 عن دار نشر “ديلاكورتي بريس”. تتميز “جاي-جين” بجودتها الأدبية وبالإثارة والتعقيد الذي يعكس إتقان كلافيل لفن السرد التاريخي والروائي.
تدور أحداث الرواية في عام 1862 في اليابان، حيث تمثل فترة زمنية حاسمة في تاريخ البلاد، والتي تشهد تحولًا جذريًا نتيجة التقاء الثقافات الشرقية والغربية. تعود الرواية إلى عالم الرواية الشهيرة “شوجون”، حيث تستعرض التحديات والصراعات التي شهدتها اليابان في فترة الانفتاح على الأجانب. في هذا السياق، يتمحور الصراع الرئيسي حول محاولة تحقيق السيطرة على الشركة التجارية الأكثر نفوذًا في الشرق الأقصى، وهي “البيت النبيل”.
تبدأ الرواية بمشهد درامي تتفاعل فيه حياة الشخصيات الرئيسية نتيجة لعمل عنيف يغير مصيرهم بشكل جذري. مالكولم سترون، البالغ من العمر عشرين عامًا، هو وريث لقب “تاي-بان” لأقوى وأشد الشركات التجارية البريطانية تنافسًا في الشرق الأقصى، “البيت النبيل”. يصبح مصير مالكولم ومستقبل أسرته متشابكًا بشكل وثيق مع حياة شابة فرنسية جميلة تُدعى أنجيليك ريشو. تُعجب أنجيليك بالعديد من الرجال، ولكن مالكولم يحبها بعمق وشغف، ويعتمد مستقبل “البيت النبيل” على مصير هذه العلاقة.
تُحاك القصة الرئيسية حول صراع السيطرة على “البيت النبيل” مع رواية ثانوية قوية تتناول اليابان نفسها، تلك الأرض التي تُعرف بـ “أرض الآلهة”. تنقسم اليابان في هذا الوقت بين جشع المثقفين، والمثالية، والإرهاب، حيث تسعى مجموعات من الثوار الشباب المتعصبين لإسقاط الشوغونية وطرد الأجانب المرفوضين. في هذا المناخ المتوتر، يبرز اللورد توراناجا يوشي، وهو سليل مباشر للشوغون الأول توراناجا، والذي يسعى ليس فقط لحماية الشوغونية، بل وأيضًا لقيادة اليابان نحو العصر الحديث.
تحتوي الرواية على تشابك معقد ومتنوع من القصص، حيث تُعرض الجوانب المظلمة والإباحية لبيوت المتعة – “سيدات عالم الصفصاف”، والعبثاء، والإرهابيين – جنبًا إلى جنب مع عالم الرفاهية والسلطة – الملوك والدبلوماسيين. يجسد كلافيل بتفاصيل دقيقة التقاء الشرق بالغرب في تصادم حتمي بين ثقافتين قويتين على حد سواء. يُعد الكتاب صورة حية وأصيلة لحقبة زالت إلى الأبد، لكن لا تختلف كثيرًا عن عالمنا المعاصر.
من خلال وصفه الدقيق للأحداث التاريخية والشخصيات المعقدة، يُبرز كلافيل التوترات والصراعات التي صاحبت فترة الانفتاح على الأجانب في اليابان. يتميز أسلوبه بالغنى والعمق، مما يجعله واحدًا من أبرز الكتاب في مجال الرواية التاريخية. تقدم “جاي-جين” مزيجًا متفردًا من الإثارة والرومانسية والدراما، مقدمة صورة متكاملة عن عصر كان حافلاً بالتغيرات الجذرية، ليبقى هذا العمل ختامًا رائعًا ومميزًا لسلسلة “آسيا” التي أسسها كلافيل.