جابرييل جيسوس: رحلة صعود نجم كرة القدم البرازيلية
يُعد جابرييل جيسوس أحد أبرز اللاعبين في كرة القدم المعاصرة، وهو نجم برازيلي أثبت نفسه في أندية كبيرة ومنتخب بلاده، ليصبح واحدًا من اللاعبين الموهوبين الذي يترك بصمة واضحة في كل مرحلة يمر بها. تألقه في أوروبا ومع المنتخب البرازيلي جعله رمزًا من رموز كرة القدم العالمية. في هذا المقال، سنستعرض مسيرة جابرييل جيسوس الرياضية، ونلقي الضوء على أهم المحطات في حياته الكروية، بداية من نشأته في البرازيل وصولًا إلى احترافه في أوروبا.
البداية في البرازيل
وُلد جابرييل في 3 أبريل 1997 في مدينة ساو باولو، البرازيل. نشأ في حي “جونكويرا”، وهو أحد الأحياء الشعبية التي تعاني من صعوبات اقتصادية واجتماعية. كانت بداية جيسوس في عالم كرة القدم غير تقليدية، حيث كانت الأوضاع المالية لعائلته صعبة، لكن ذلك لم يمنعه من السعي وراء حلمه. بدأ جيسوس اللعب في الشوارع مع أصدقائه، وشارك في المباريات المحلية الصغيرة، حيث أظهر منذ سن مبكرة موهبة استثنائية في المراوغة والتهديف.
في سن مبكرة جدًا، انضم إلى أكاديمية نادي “بالميراس”، أحد الأندية الكبيرة في ساو باولو. كان في البداية يشق طريقه بين الفرق السنية المختلفة في النادي، حيث جذب انتباه المدربين بمهاراته التقنية وموهبته الفائقة في تسجيل الأهداف. سرعان ما أصبح لاعبًا رئيسيًا في الفريق الأول، مما فتح أمامه أبواب الاحتراف.
الانتقال إلى نادي بالميراس والتألق المحلي
على الرغم من أن جابرييل جيسوس بدأ مسيرته الكروية في الفرق السنية، إلا أن انطلاقته الحقيقية كانت مع الفريق الأول لنادي بالميراس. في موسم 2015، شارك لأول مرة في الدوري البرازيلي مع الفريق الأول، وبسرعة أصبح أحد أبرز نجوم الفريق. في أول موسم له مع الفريق الأول، أظهر جابرييل قدرات مذهلة في التهديف والمراوغة، ليتمكن من تسجيل 12 هدفًا في 27 مباراة.
بفضل أدائه المميز، ساهم جابرييل في فوز بالميراس بلقب الدوري البرازيلي في عام 2016، وهو أول لقب دوري للنادي منذ 22 عامًا. كانت هذه البطولة بمثابة نقطة انطلاق له نحو النجومية، حيث أصبحت أنظار الأندية الأوروبية تتوجه نحوه، ليبدأ العد التنازلي لانتقاله إلى الدوري الإنجليزي.
الانتقال إلى مانشستر سيتي: بداية مسيرته الأوروبية
في يناير 2017، انتقل جابرييل جيسوس إلى مانشستر سيتي الإنجليزي، وهو النادي الذي كان تحت قيادة المدرب الإسباني بيب غوارديولا. كانت هذه خطوة كبيرة في مسيرة جيسوس، حيث كان يشق طريقه نحو أحد أكبر الدوريات في العالم. على الرغم من أنه انضم إلى الفريق في منتصف الموسم، إلا أنه أظهر قدرة كبيرة على التأقلم السريع. سرعان ما أصبح لاعبًا أساسيًا في تشكيلة مانشستر سيتي، وأدى دورًا رئيسيًا في هجوم الفريق.
في موسمه الأول مع مانشستر سيتي، سجل جيسوس العديد من الأهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما لعب دورًا حاسمًا في فوز الفريق بالعديد من البطولات المحلية. سطع نجم جابرييل بشكل خاص في موسم 2017-2018، عندما ساعد مانشستر سيتي على تحقيق لقب الدوري الإنجليزي، ليكمل بذلك نجاحاته على الساحة الأوروبية.
تحت قيادة بيب غوارديولا، أصبح جابرييل جيسوس جزءًا أساسيًا من منظومة مانشستر سيتي الهجومية، حيث كان يتمتع بالسرعة الفائقة والقدرة على التسديد من مختلف الزوايا، بالإضافة إلى مهاراته في المراوغة وخلق الفرص لزملائه. كان يُنظر إليه باعتباره من أفضل المهاجمين الصاعدين في العالم، وهو ما أكده مع مرور الوقت من خلال مستوياته العالية في الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا.
التطور المستمر والنجاحات مع مانشستر سيتي
منذ انتقاله إلى مانشستر سيتي، لم يتوقف جابرييل جيسوس عن تقديم مستويات عالية. خلال المواسم التي تلت انضمامه، ساعد الفريق على الفوز بالعديد من البطولات المحلية مثل كأس رابطة الأندية الإنجليزية والدوري الإنجليزي الممتاز. في موسم 2018-2019، سجل جيسوس هدفين في المباراة الحاسمة ضد برايتون، ليؤكد جدارته في المباريات الحاسمة.
ورغم وجود العديد من النجوم في الفريق مثل سيرجيو أغويرو ورحيم سترلينغ، كان جابرييل دائمًا ما يظهر في اللحظات الحاسمة، سواء بتسجيل الأهداف أو صناعة الفرص. تطور أسلوب لعبه بشكل ملحوظ، وأصبح قادرًا على اللعب في مراكز هجومية متعددة، مما جعله أداة فعالة في يد المدرب بيب غوارديولا.
إحدى أبرز لحظات جابرييل جيسوس مع مانشستر سيتي كانت في موسم 2020-2021 عندما سجل هدفًا رائعًا في مباراة ضد آرسنال، ليؤكد على قدرته على التكيف مع جميع المواقف والتحديات التي يواجهها الفريق. ومع كل موسم، أظهر جابرييل تحسنًا مستمرًا في أدائه، ليصبح واحدًا من أبرز مهاجمي الدوري الإنجليزي.
النجاحات مع المنتخب البرازيلي
على الصعيد الدولي، كانت رحلة جابرييل جيسوس مع المنتخب البرازيلي أيضًا مليئة بالإنجازات. في عام 2016، تم استدعاؤه لأول مرة للمنتخب البرازيلي تحت قيادة المدرب تيتي. في أول مباراة له مع البرازيل، سجل جابرييل هدفًا في مرمى الإكوادور، ليبدأ مسيرته الدولية بطريقة مثالية.
واحدة من أبرز إنجازاته مع المنتخب البرازيلي كانت في كأس كوبا أمريكا 2019. جابرييل جيسوس لعب دورًا حاسمًا في فوز البرازيل بالبطولة، حيث سجل هدفًا في المباراة النهائية ضد بيرو، ليحقق بذلك أول ألقابه الدولية مع منتخب بلاده. هذه البطولة كانت بمثابة إثبات آخر على قدرة جابرييل على التألق في المواقف الكبيرة، ليعزز مكانته في صفوف المنتخب البرازيلي.
أسلوب اللعب والتأثير على الفريق
يتميز جابرييل جيسوس بأسلوب لعب متنوع يجعله من اللاعبين المتميزين في مركزه. يتمتع بالسرعة الفائقة، والقدرة على المراوغة بمهارة عالية، بالإضافة إلى براعته في إنهاء الفرص أمام المرمى. يُعرف جيسوس بقدرته على الضغط على دفاعات الخصم، مما يتيح له خلق العديد من الفرص لزملائه. ورغم أنه يفضل اللعب في مركز المهاجم الصريح، إلا أنه يستطيع أيضًا اللعب على الأجنحة، وهو ما يجعله لاعبًا متعدد الاستخدامات.
يتمتع جيسوس بقدرة عالية على التحرك بدون كرة، وهي سمة جعلته من اللاعبين المفضلين لدى المدربين الذين يفضلون أسلوب اللعب الجماعي والضغط العالي. على الرغم من صغر سنه، إلا أن جابرييل يُظهر نضجًا كبيرًا في قراراته داخل الملعب، مما يجعله من اللاعبين الذين يمكن الاعتماد عليهم في المباريات الحاسمة.
التأثير في الشباب والبرازيل كداعم رئيسي للكرة العالمية
جابرييل جيسوس ليس مجرد لاعب كرة قدم؛ فهو أيضًا مصدر إلهام للكثير من الشباب في البرازيل وخارجها. تمثل مسيرته الصاعدة من حي فقير في ساو باولو إلى النجومية العالمية مثالًا على أن الأحلام يمكن أن تتحقق بالعمل الجاد والتفاني. قصته تحمل في طياتها رسالة أمل للشباب الذين ينشأون في بيئات صعبة، لتؤكد أن الرياضة يمكن أن تكون وسيلة لتغيير حياة الأفراد وتحقيق طموحاتهم.
الخلاصة
يعد جابرييل جيسوس واحدًا من أبرز نجوم كرة القدم في العالم في العقد الأخير، وقد أظهر براعة فنية واحترافية عالية على المستويين المحلي والدولي. منذ بداياته في شوارع ساو باولو وصولًا إلى التربع على عرش كرة القدم الأوروبية مع مانشستر سيتي، استطاع جيسوس أن يثبت نفسه كأحد أفضل المهاجمين في العالم. إن مسيرته الحافلة بالإنجازات هي شهادة على قدراته المذهلة، وأسلوبه الفريد في اللعب، مما جعله واحدًا من اللاعبين الذين يساهمون في رفع مكانة كرة القدم البرازيلية على الساحة العالمية.
