فيلم “ليتل ميس سومو” (Little Miss Sumo): ثورة في عالم السومو النسائي
يعد السومو أحد أقدم وأشهر الرياضات في اليابان، ورغم أنه كان يتمتع بسمعة تقليدية مرتبطة بالرجال فقط، فإن فيلم “ليتل ميس سومو” (Little Miss Sumo)، الذي أخرجه مات كاي، يقدم قصة ملهمة عن محاولة امرأة شابة تحدي هذه القواعد وتحقيق حلمها في عالم السومو. هذا الفيلم الوثائقي القصير، الذي تم إصداره في عام 2018، يعرض رحلة البطلة الرئيسية هيوري كون (Hiyori Kon)، وهي شابة يابانية تبلغ من العمر 20 عامًا، في عالم رياضة السومو، التي طالما كانت مقصورة على الرجال في اليابان.
قصة الفيلم:
“ليتل ميس سومو” هو فيلم وثائقي قصير مدته 20 دقيقة يركز على هيوري كون، وهي مصارعة سومو يابانية شابة تحاول أن تثبت نفسها في رياضة تقليدية تهيمن عليها الهيمنة الذكورية. يسرد الفيلم محاولات هيوري لإحداث تغيير في هذا المجال الذي لا يرحب بالنساء. وسط الظروف الصعبة والتحديات الاجتماعية والثقافية التي تواجهها، تسعى هيوري إلى تحقيق أحلامها في أن تصبح نجمة في هذه الرياضة، وفتح الباب أمام الأجيال القادمة من النساء للانخراط في هذه الرياضة التقليدية.
خلفية رياضة السومو:
تعتبر السومو الرياضة الوطنية في اليابان، ولها تاريخ طويل يمتد لعدة قرون، حيث كانت تقام كطقوس دينية في العصور القديمة. ومنذ العصور الحديثة، ظلت السومو مهنة خاصة بالرجال، مع تمييز كبير ضد النساء. في الوقت الذي يُسمح فيه للنساء بالاشتراك في مسابقات السومو في بعض السياقات غير الرسمية، فإنها تظل غير معترف بها بشكل رسمي في البطولات الكبرى، ويُمنع للنساء من دخول الحلبة، وهو ما يخلق فجوة كبيرة في التساوي بين الجنسين في هذه الرياضة.
هيوري كون: الطموح والتحدي:
هيوري كون هي إحدى الأسماء التي تسعى لتغيير هذه القاعدة. ورغم أن انضمامها إلى السومو كان محفوفًا بالتحديات، إلا أنها قررت أن تكون جزءًا من هذه الرياضة وتُظهر قدراتها رغم القيود المجتمعية. يتبع الفيلم مراحل تدريب هيوري، وتفاعلاتها مع منافساتها وزملائها في التدريب، بالإضافة إلى الضغوط النفسية والاجتماعية التي تتحملها بسبب كونها المرأة الوحيدة في هذا المجال.
يصور الفيلم ببراعة صراع هيوري مع القيم الثقافية اليابانية، التي تضع توقعات محددة فيما يخص دور المرأة في المجتمع. على الرغم من التحديات الاجتماعية والهيكلية، فإن هيوري تمثل مصدر إلهام للكثير من النساء في اليابان وحول العالم اللاتي يسعين للتمرد على القيود المفروضة عليهن في مجالات معينة.
التحديات الثقافية والاجتماعية:
في المجتمع الياباني، تظل النساء غالبًا تحت عبء توقعات صارمة، تتعلق بدورهن التقليدي كأمهات وموظفات، مما يجعل من الصعب عليهن الانخراط في مجالات الرياضة، وخاصة الرياضات التي تهيمن عليها الذكور مثل السومو. ومع ذلك، فإن هيوري تقاوم هذه التوقعات، وتخوض غمار مغامرة قد تغير الموازين في هذا المجال. الفيلم يُظهر جوانب من الصراع الداخلي والضغط الاجتماعي الذي تتعرض له هيوري، وأيضًا آمالها في إحداث التغيير على المدى الطويل.
رسالة الفيلم:
تتمثل الرسالة الأساسية لفيلم “ليتل ميس سومو” في الإصرار على تحقيق الأحلام مهما كانت العقبات، والتحدي المستمر للأنماط الاجتماعية الموروثة. يعكس الفيلم القوة والإرادة التي تتمتع بها هيوري في السعي وراء هدفها في عالم السومو. كما أنه يُظهر العلاقة بين الأجيال المختلفة من النساء اللاتي قد يسهمن في تغييرات مستقبلية، مما يجعل هذا الفيلم ليس فقط عن السومو، بل عن القدرة على التغيير في أي مجال يقتصر على الجنس.
التقييم والمراجعات:
تم عرض الفيلم على منصة “نتفليكس” في 28 أكتوبر 2019، حيث تلقى إشادة كبيرة من قبل النقاد والجمهور على حد سواء. فقد لاقى إعجابًا بسبب عرض فيلم وثائقي واقعي وجذاب يسلط الضوء على موضوعات ثقافية مهمة مثل التساوي بين الجنسين، بالإضافة إلى تقديم صورة قوية لامرأة شابة تحارب لتغيير الواقع.
الخاتمة:
“ليتل ميس سومو” هو أكثر من مجرد فيلم رياضي؛ إنه شهادة على قوة الإصرار والتصميم في مواجهة المجتمع والأنماط التقليدية. إنه يبرز كيف يمكن للنساء، مثل هيوري كون، تغيير العالم من خلال العزيمة والروح الرياضية. في عالم يعاني من عدم المساواة بين الجنسين، يقدم هذا الفيلم نموذجًا ملهمًا لنساء اليوم وللأجيال القادمة.