في السادس والعشرين من شهر يوليو لعام 1856، شهد عبور مضطرب للسفن في مضيق يونيماك بسبب ثوران بركاني عاتٍ في جزيرة يونيماك بالقرب من الإحداثيات 54 درجة و35 دقيقة شمالاً، و165 درجة غرباً، والتي أعرب عنها الكابتن نيفيل، قائد سفينة الصيد “أليس فريزر”. بينما كان يعبر المضيق بسفينته مع ستة صيادين آخرين، لاحظ أن جراء الثوران البركاني، كانت كتل ضخمة من الدخان الأسود الكثيف تتصاعد فوق القمم المخروطية للجبال على الجزر المجاورة. وفي تلك اللحظة، توقفت الرياح القوية التي كانت تهب تماماً، ووجدت السفن أنفسها عرضة لخطر الجرف، بينما كان الثوران يتصاعد مصحوباً برنين ممل وارتجاف، الذي شعروا به بشكل متكرر حتى ذلك الوقت. ثم بعد حوالي 12 ساعة من الهدوء، نشبت نسمة خفيفة من الجنوب، مما مكن السفن من الابتعاد عن البركان. لكن هذه النسمة جلبت عمود الدخان إلى سطح الماء، وغمرت الظلام الدامس مسافة تزيد، كما تبين لاحقاً، عن 180 كيلومترا، وفقدت السفن الرؤية للشاطئ. وتساقطت الرماديات كالثلج في عاصفة ثلجية، تغطي السفن بمادة رمادية من السطح إلى أعلى الأعمدة، وتعمل على حجب الرؤية وإغلاق الأنف والحنجرة لجميع من كانوا على السطح. وبينما كانت السفن تبحر إلى الغرب والشمال من الشاطئ الشرقي، خرجت السفن من سحابة الدخان. وعندما كانوا بالقرب من القاعدة الشمالية للبركان، بدأت رمة مملة مستمرة تزمجر تحتهم، وحدث ثوران تحت الماء تقريباً مباشرة في مركز الأسطول. أولاً، بدأت المياه تتلاطم وترتفع بشكل عاصفي على شكل أمواج غير منظمة. ثم اندفعت إلى الأعلى، كما لو كانت تنفث من ينبوع هائل، لتشكل عموداً مذهلاً من الماء ذو ارتفاع هائل، ثم تفتت. ثم ارتفعت عموداً من النار والدخان من القاع إلى الأعلى مع ضجيج رعدي. وانبعثت الحمم والصخور بأحجام تتراوح من حجم الجوزة إلى حجم كرة المدفع من القاع، وسقطت على السطح. واستمرت هذه الظاهرة لا أكثر من لحظة، وانتهت الثورة بسرعة كما بدأت. فاندفعت المياه إلى الهاوية التي تكونت، لتشكل دوامة ضخمة. كان الضجيج شبيهاً بشلالات نياجارا. وتهافتت السفن نحو الأمان، متركة البركان في حالة من التبادل المنتظم بين الهدوء النسبي والثورات.
0
