في يوم الثاني من يناير عام 1996، شهدنا حدثاً طبيعياً من الطراز النادر، حيث بدأ ثوران بركاني في بحيرة كاريمسكوي العذبة في شرق كامتشاتكا في بعد الظهر، واستمر لمدة تتراوح بين 10 إلى 20 ساعة. وفي المراقبة الأولية التي أجريت من خلال طائرة في تمام الساعة 15:40 بالتوقيت المحلي، لوحظ أن الغطاء الجليدي للبحيرة قد ذاب، وكان ثورانًا فريتوماغماتيًا جاريًا من فتحة على الشاطئ الشمالي للبحيرة في عمق مائي يتراوح بين 40-50 مترًا. وقد حدثت الانفجارات كل 4 إلى 12 دقيقة، حيث تم ملاحظة ستة انفجارات بفاصل زمني متوسط بلغ 6 دقائق بينهم. وفي فترات الهدوء بين الانفجارات، كانت المياه في البحيرة تظهر تفاعلاً مكثفًا من الفقاعات والبخار. وكانت أقوى الانفجارات تنتج كتلة غازية تتمدد بسرعة وتنمو إلى ارتفاع يبلغ 450 مترًا، ثم تبدأ في الانهيار مع اختراقات للركام الأسود مخلوطة بالبخار. وظهرت “طوقا” رماديًا فاتحًا حول مركز الانفجار بارتفاع يبلغ حوالي 130 مترًا، وتنتشر هذه الطوق بشكل شعاعي بمعدل يتراوح بين 20 إلى 40 مترًا في الثانية لتشكيل تسونامي. في هذه الأثناء، بلغت ارتفاعات الركام البركاني ذروتها إلى كيلومتر واحد وانهارت مرة أخرى إلى البحيرة لتنتج موجة تسرب قاعدية. وساهم تفاعل الموجة القاعدية مع مياه البحيرة في تكوين موجات معقدة.
تعرض الشاطئ الشمالي الوعر للبحيرة لتآكل عنيف بواسطة التسونامي والموجات الناتجة عن الاندفاعات، حيث تمت إزالة جميع النباتات والتربة التي يقل سمكها عن 1.5 متر، مما أظهر الصخور الصلبة القليلة التماسك. وعلى طول باقي الساحل، والذي يبعد أكثر من 1.3 كيلومتر عن البركان، نحتت التسونامي منحدرات جديدة بارتفاع يتراوح بين مترين وثلاثة أمتار، وقامت بتآكل طبقة التربة المتجمدة بسمك يصل إلى 50 سم وأزالت النباتات. وأودت التسونامي بترسيب عدة طبقات رقيقة متقطعة من الرمل والحصى بسمك يصل إلى 35 سم، مع بعض الحصى المتناثرة وشظايا النباتات. وقد بلغت أعلى نقاط ارتفاع للموجات (20-30 مترًا) على الشاطئ المجاور مباشرة للحلقة البركانية، على بعد 700 متر من مركز البركان.
إن هذه الأحداث ليست مجرد حدث عابر، بل هي عبارة عن تذكير بقوة الطبيعة وقدرتها على التأثير الهائل على البيئة والمناطق المحيطة. فهي تجسد لنا مدى ضرورة فهمنا واحترامنا لعمليات الطبيعة، وتذكير لنا بأهمية الاستعداد والتصرف السليم في مواجهة الكوارث الطبيعية، لتقليل الخسائر البشرية والمادية قدر الإمكان.