ثقب طبلة الأذن: الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج

يُعد ثقب طبلة الأذن أحد أبرز المشكلات الشائعة في طب الأذن، وتحدث نتيجة لتمزق في الغشاء الطبلي الرقيق الذي يفصل الأذن الخارجية عن الأذن الوسطى. يلعب هذا الغشاء دورًا حيويًا في عملية السمع من خلال نقل الذبذبات الصوتية من البيئة الخارجية إلى العظام السمعية في الأذن الوسطى، وبالتالي فإن أي تمزق أو ثقب فيه يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات سمعية ومضاعفات صحية متعددة إذا لم يُعالج بالشكل المناسب.

التشريح الوظيفي لطبلة الأذن

طبلة الأذن، أو الغشاء الطبلي، هي غشاء نصف شفاف يقع عند نهاية القناة السمعية الخارجية، ويبلغ سمكها حوالي 0.1 ملم، وتشكل حاجزًا بين الأذن الخارجية والأذن الوسطى. تتكون الطبلة من ثلاث طبقات رئيسية: طبقة خارجية مغطاة بالجلد، وطبقة وسطى ليفية توفر المتانة، وطبقة داخلية مغطاة بغشاء مخاطي. تعمل الطبلة على استقبال الموجات الصوتية وتحويلها إلى اهتزازات تنقلها إلى عظيمات السمع الثلاث في الأذن الوسطى (المطرقة، السندان، والركاب).

أسباب ثقب طبلة الأذن

1. العدوى

السبب الأكثر شيوعًا لثقب الطبلة هو التهاب الأذن الوسطى، خاصة عند الأطفال. يؤدي تراكم السوائل والإفرازات خلف الطبلة إلى زيادة الضغط داخل الأذن الوسطى، ما قد يؤدي إلى تمزق الغشاء وخروج الإفرازات من الأذن. ويحدث هذا غالبًا في حالات التهاب الأذن الوسطى الحاد غير المعالج أو المتكرر.

2. الصدمة الفيزيائية

تتسبب الصدمات المباشرة في ثقب الطبلة مثل إدخال أجسام غريبة إلى الأذن (عيدان التنظيف أو أدوات حادة) أو نتيجة تلقي ضربة قوية على الرأس أو الأذن. كذلك، الانفجارات أو الضوضاء الشديدة (مثل الانفجارات العسكرية) قد تؤدي إلى تمزق طبلة الأذن نتيجة للضغط المفاجئ.

3. تغيرات الضغط الجوي (الرضح الضغطي)

يحدث عند السفر بالطائرة، أو الغوص تحت الماء، حيث لا يتمكن الجسم من معادلة الفرق السريع في الضغط بين الأذن الوسطى والبيئة المحيطة، مما قد يؤدي إلى تمزق الطبلة. يعرف هذا النوع من الإصابات بـ “الرضح الضغطي”.

4. الجراحة أو الإجراءات الطبية

بعض الإجراءات الطبية الخاطئة مثل تنظيف الأذن بطريقة غير سليمة أو تركيب أنابيب تهوية قد تؤدي إلى تمزق غير مقصود في غشاء الطبلة.

الأعراض المصاحبة لثقب طبلة الأذن

• ألم حاد ومفاجئ في الأذن، يختفي غالبًا بعد لحظات من حدوث التمزق.

• خروج إفرازات من الأذن قد تكون صافية أو مدممة أو تحتوي على صديد.

• ضعف السمع في الأذن المصابة، وقد يختلف حسب حجم ومكان الثقب.

• طنين الأذن، أو سماع أصوات غير حقيقية مثل طنين أو صفير.

• الدوار أو الدوخة، في حالات نادرة نتيجة تأثر الجهاز الدهليزي.

• الشعور بانسداد في الأذن، أو فقدان الإحساس الكامل بها.

تشخيص ثقب طبلة الأذن

الفحص السريري

يعتمد الطبيب المختص على تنظير الأذن لفحص قناة الأذن والغشاء الطبلي، حيث يتمكن من رؤية الثقب أو التمزق مباشرة. إذا كان هناك التهاب أو إفرازات تعيق الرؤية، يتم تنظيف الأذن أولاً لتسهيل الفحص.

اختبارات السمع

يتم إجراء اختبار سمعي (Audiometry) لتقييم درجة فقدان السمع وتحديد مدى تأثير الثقب على وظائف السمع. كما قد يتم إجراء اختبار قياس الضغط الطبلي (Tympanometry) لتقييم حركة طبلة الأذن استجابةً لتغيرات الضغط.

التحاليل المختبرية

في حال وجود إفرازات صديدية، قد تؤخذ عينة منها لتحليلها والتأكد من وجود عدوى بكتيرية أو فطرية لتوجيه العلاج المناسب.

علاج ثقب طبلة الأذن

يعتمد العلاج على حجم الثقب، وسببه، ووجود مضاعفات مثل العدوى. في بعض الحالات، قد لا يحتاج الثقب إلى علاج مباشر ويشفى من تلقاء نفسه، أما في حالات أخرى فقد يتطلب تدخلاً طبيًا.

1. العلاج المحافظ

• الراحة ومتابعة الحالة: في معظم الحالات الصغيرة، تلتئم الطبلة خلال أسابيع قليلة دون تدخل جراحي.

• المضادات الحيوية: تعطى في حال وجود عدوى نشطة، سواء عن طريق الفم أو على شكل قطرات موضعية.

• تجنب دخول الماء إلى الأذن: يُوصى باستخدام سدادات أثناء الاستحمام لتجنب التهابات إضافية.

2. رأب طبلة الأذن (Tympanoplasty)

إذا لم يلتئم الثقب تلقائيًا خلال 6 إلى 8 أسابيع، أو إذا كان كبيرًا، يُلجأ إلى الجراحة. تعتبر رأب الطبلة الإجراء الجراحي الأكثر شيوعًا، حيث يتم ترقيع الغشاء المثقوب باستخدام أنسجة مأخوذة من المريض نفسه (غالبًا من اللفافة الصدغية).

خطوات رأب الطبلة:

1. التخدير العام أو الموضعي.

2. فتح قناة الأذن أو عمل شق خلف الأذن.

3. تنظيف المنطقة المصابة وإزالة الأنسجة التالفة.

4. وضع رقعة الترقيع بعناية على مكان الثقب.

5. تثبيت الرقعة وتركها لتلتئم.

3. العلاج بالرقعة الورقية

في الحالات البسيطة، قد يقوم الطبيب بوضع رقعة ورقية أو كيميائية محفزة على الثقب لتسريع عملية الالتئام الطبيعي. هذا الإجراء يُجرى في العيادة الخارجية ولا يتطلب تدخلًا جراحيًا كاملاً.

مضاعفات محتملة لثقب طبلة الأذن

• فقدان السمع الدائم: إذا لم يُعالج الثقب أو إذا تسبب في ضرر دائم لعظيمات السمع.

• التهابات متكررة في الأذن الوسطى: نتيجة تعرض الأذن للهواء والماء بسهولة.

• تكوّن الكولِيستياتوما (Cholesteatoma): وهو نمو غير طبيعي للجلد في الأذن الوسطى قد يسبب تآكلًا في العظام.

• التهاب الأذن الداخلية (Labyrinthitis): في حال انتقال العدوى إلى داخل الأذن.

• الدوخة المزمنة أو اضطرابات التوازن نتيجة تضرر الأذن الداخلية.

الوقاية من ثقب طبلة الأذن

• تجنب استخدام الأدوات الحادة داخل الأذن.

• معالجة التهابات الأذن مبكرًا لتجنب تطورها إلى حالات تؤدي إلى ثقب الطبلة.

• استخدام سدادات الأذن أثناء السباحة أو الاستحمام في حال وجود تاريخ سابق لثقب الطبلة.

• تجنب الغوص أو السفر الجوي أثناء التهابات الجهاز التنفسي.

• تعليم الأطفال بعدم إدخال أجسام غريبة في الأذن.

مقارنة بين الأنواع المختلفة لثقب الطبلة

التوقعات المستقبلية بعد العلاج

تكون نتائج العلاج ممتازة في معظم الحالات، لا سيما مع التدخل المبكر. تشير الدراسات إلى أن رأب الطبلة الجراحي ينجح في إغلاق الثقب بنسبة تتراوح بين 85 إلى 95%. كما يستعيد المريض القدرة السمعية بشكل كبير بعد الجراحة أو الشفاء ال